سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

لعبة الكاراتيه إنجاز مُميّز.. شابات يُحكّمنَ في بطولات الشباب والرجال

قامشلو/ جوان محمد ـ

كسرت المرأة الشابة في روج آفا الكثير من القواعد والنمطية وخاصةً في الرياضة، فاليوم تلك الألعاب التي كانت حكراً على الشباب أصبحت المرأة الشابة مميّزة فيها، ولكن أن تصل لدرجة أن تكون حَكَمة في بطولات الشباب وفي لعبة قتالية فهذا تاريخ جديد تُسطّره الشابة الرياضية بشمال وشرق سوريا.
لعبة الكاراتيه التي بدأت بطولاتها تقام بشكلٍ رسمي من قبل الاتحاد الرياضي في عام 2015، التي كانت تمر بالكثير من المصاعب وأولها عدم توجه الأندية لتفعيل هذه اللعبة وتبقى محصورة ضمن صالات وقاعات رياضيّة يشرف عليها مدربون، وعلى الصعيد الأنثوي كانت المشاركة ضعيفة نوعاً ما، ولكن منذ عام 2017 أصبحت مشاركتها أفضل ومميزة في مجال اللعبة.
المشاركة كلاعبة فقط لم تشفِ غليل الشابات في روج آفا، لتتوجه الشابة فيما بعد وتصبح حكمة ولكن في بطولات للشباب والرجال فهذه خطوة جريئة وجبارة من هؤلاء اللاعبات اللواتي أصبحن حَكمات ويشرفنَ على التحكيم في البطولات.
نشعر بالفخر
ممارسة الفتاة للعبة قتالية ما زال ينبذه الكثيرون في مجتمعنا فكيف لو كانت حكمة؟ المصاعب والمطالب وأسباب توجههم للتحكيم وللعبة الكاراتيه كل ذلك في سياق التقرير التالي:
روزان ساريك ابنة 17 ربيعاً من مدينة قامشلو ولاعبة نادي الأسايش تحمل الحزام الأسود دان (1) وتمارس لعبة الكاراتيه منذ ستة أعوام حاصلة على العديد من الألقاب على صعيد القتال والكاتا في الكاراتيه وتقوم بالتحكيم بالبطولات منذ ثلاث سنوات، وتروي قصتها مع الكاراتيه والتحكيم وعلى وجه الخصوص قائلةً: “واجهت الكثير من المشاكل في المجتمع الذي أعيش فيه حيث لا يتقبلون فكرة فتاة تلعب الكاراتيه، ولا يعلمون بأنها تشعر بالراحة النفسية عندما تمارسها وتكسب الجرأة والقوة للدفاع عن نفسها في وجه أي اعتداء يعترضها، ولكن رغم ذلك لم أيأس وقاومت لذلك ما زالت مستمرة حتى الآن باللعب”.
روزان أتقنت التحكيم من خلال مدربها الكابتن أحمد عمر وتشكره على الاهتمام على تنمية موهبتها في الكاراتيه وخاصةً في مجال التحكيم، كما خضعت بدورها لدورة تحكيم في إقليم الجزيرة برعاية الاتحاد الرياضي بالإقليم, ودخلت هذا المجال لكسب الخبرة الأكثر والعمل على الارتقاء بلعبة الكاراتيه، وتضيف بأنها تشعر بالفخر عندما تقوم بالتحكيم ببطولات الشباب والرجال وهي بهذا العمر الصغير، بحيث تنجز مهام لم تفعلها لاعبة أو حكمة بهذا العمر في بلدان أخرى.
روزان تذكر أن الكثير من الأهالي يمنعون بناتهم من الانخراط في لعبة الكاراتيه ويرون بأن هذه اللعبة للشباب وليست لهن، وتنوه أن هذا الأمر بغير مكانه ففي حال نشطت الفتاة في هذه اللعبة تستطيع فعل الكثير وخاصةً في قضية الدفاع عن نفسها، وتثمن دور أهلها في تشجيعهم لها على ممارسة هذه اللعبة والاستمرار فيها.
روزان في ختام حديثها قالت: “أطالب الجهات المعنية بدعم رياضة الكاراتيه الأنثوية وليس فقط النظر لها بأنها لاعبة تحت الطلب يستعينون بها في المناسبات، كما فعلوا في يوم المرأة العالمي مؤخراً، ولكن عندما تحتاج للدعم النفسي والمادي يتركونها وحيدة ولا تجد أحداً منهم بجانبها”.
مقاومة التنمر
“سَخِروا مني كثيراً ولكني لم آبه لكلامهم” هكذا تبدأ لنا الحكمة واللاعبة حاملة الحزام الأسود دان (1) من نادي الجزيرة والفائزة بالعديد من البطولات في إقليم الجزيرة “هلمين خلف” ذات 15 ربيعاً ابنة مدينة قامشلو حديثها عن تجربتها في التحكيم ببطولات الشباب والرجال، والتي بدأت ممارسة هذه اللعبة منذ أربعة أعوام.

ولفتت بالقول: “ما زال تفكيرهم الذكوري مستمر وهو إن الفتاة مكانها المطبخ وليس الصالات الرياضية، ونتعرض للكثير من المضايقات بالكلام من الوسط الاجتماعي أنا ومن معي من اللاعبات بسبب لعبنا للكاراتيه، ولكننا لن نستسلم وسنقاوم حتى نحقق كل أهدافنا وهي نشر لعبة الكاراتيه في كل مناطقنا وانخراط الفتيات فيها”.
هلمين اتجهت للتحكيم لتتمكن أكثر من إتقان فنون وقوانين هذه اللعبة ولأنها أحست من واجبها أن تصبح حكمة كون العدد المتواجد للحكام قليل ولا يفي بالغرض، وأشارت هلمين أنها خضعت لدورتي تحكيم أعوام 2019 و2020، ، ومنذ عامين هي تمارس دورها كحكمة وأكدت أنها ستستمر بدون تراجع.
وأوضحت هلمين: “اخترت لعبة الكاراتيه لأنها مميزة وتساعد الفتاة للقدرة على الدفاع عن نفسها أينما كانت، وهي شاهدت كيف الفتيات يتعرضنَ للعنف، ومن هذا المنطلق وحتى لا تكون ضحية لهذا الأمر اعتنقت الكاراتيه وكي تكون مشجعة لغيرها من الفتيات ويصبحن لاعبات يحمين أنفسهن من أية أذية تواجههن”.
وبينت على الجهات المعنية دعم اللعبة وخاصةً أثناء قيام البطولات وشكرت كل من شجعها وخاصةً مدربها فرحان حسن.
أعمارهن صغيرة ولكنهن دخلن معترك التحكيم في بطولات الشباب وهذا الأمر قلَّ ما يتواجد في أي من البلدان الأخرى، فتيات روج آفا القوة والإرادة التي يملكنها هي من الثورة القائمة بروج آفا والمرأة كانت الريادية فيها.
نوجه رسالة
نجبير صاروخان ذات 17 ربيعاً من مدينة قامشلو لاعبة في نادي الأسايش لديها حزام بني وحائزة على العديد من الألقاب في بطولات إقليم الجزيرة وتعمل كحكمة ببطولات الكاراتيه في إقليم الجزيرة للشباب والفتيات وتمارس الكاراتيه لحبها لهذه اللعبة منذ الصغر، وأهم الأسباب لاختيارها إنما لتكون قادرة على الدفاع عن نفسها ولا تعتمد في ذلك على الآخرين، واعتنقت اللعبة وهي في عمر 13، وصقلت موهبتها على يد مدربها الكابتن أحمد عمر وعلمها مجال التحكيم وانضمت لدورة تحكيم في الإقليم، وتصف شعورها عندما بدأت التحكيم ببطولات الشباب قائلةً: “هو شعور مغاير تماماً فتاة تقوم بالتحكيم ببطولات الشباب بالفعل إنجاز تاريخي يُحسب للفتاة في روج آفا وأنا لم أصل لهذا النجاح إلا عبر التشجيع الذي أتلقاه من أهلي والاهتمام الكبير من مدربي الكابتن أحمد عمر”.
نجبير لم تتلقَ أي معوقات من الأهل ولكن المجتمع ما كان ليقبل أن تكون كفتاة لاعبة في لعبة قتالية لأنهم يظنون ويفكرون بأنها رياضة للشباب والرجال فقط، ولكنها تابعت طريقها بدون التفات لأحد واليوم تقوم بالتحكيم ببطولات الإقليم للكاراتيه للشباب والرجال والإناث رغم صغر سنها.
نجبير تبيّن أسباب التوجه للتحكيم: “التحكيم في لعبة الكاراتيه وخاصةً ببطولات الشباب له رسالة كبيرة في مجتمعنا مفادها بأنه كما للشباب القدرة للتحكيم ببطولات الإناث، للفتاة القوة الكافية على لعب نفس الدور وهي بهذه الخطوة تتصدى لكل عقلية تحاول إقصائها والإيحاء بأن الكاراتيه والتحكيم على وجه الخصوص هو مخلوق للشباب فقط”.
نجبير صاروخان في ختام حديثها ناشدت أهالي كل فتاة يعارضون دخولها للعبة الكاراتيه بفتح المجال لهن وعدم الوقوف بوجه أحلامهن ودعمهن ليكنَّ فعّالات في مجتمعهن، كما تطالب المكتب الأنثوي والجهات المعنية بشؤون المرأة في إقليم الجزيرة بمد يد العون والدعم لهن وعدم إهمالهن كما يحصل الآن.
انضمام الفتيات للعبة الكاراتيه والانخراط في معترك التحكيم ليس بالأمر الهين في ظل عدم تقبل الخسارة والذهنية الذكورية، ولكن رغم ذلك الفتاة لم تهاب أي من المصاعب التي تعترضها وهي مستمرة في كتابة الإنجازات بعمرها الصغير ففي الكثير من بلدان العالم ليس هناك الجرأة من قبل الفتاة لطلب التحكيم في بطولات الكاراتيه وخاصةً للشباب، وهنا يكمن دور الجهات المعنية بتقدير هذه الخطوة والإذعان لمطالب الحكمات واللاعبات لهذه اللعبة والقيام بالاهتمام بهن وتقديم كل ما يلزم بدون تردد.