لجنة الصلح في كركي لكي… إصلاح لذات البين

كركي لكي/ غاندي إسكندر – إن الرغبة الحقيقية في إرساء أسس التوافق المجتمعي، وإعادة الوئام والمحبة وإزالة الضغائن من النفوس هي اللبنة الأساسية لنشأة لجان الصلح، وعلى أساسها تمكنت لجنة الصلح في كركي لكي من حل 232 قضية خلال العام المنصرم.

تعد لجان الصلح والعدالة الاجتماعية، إحدى أهم مخرجات ثورة التاسع عشر من تموز (ثورة روج آفا)، فإصلاح ذات البين والحفاظ على رصانة البنيان المجتمعي، وتحقيق المساواة والعدالة بين الشعوب كلها، دون تفريق بين غني وفقير، أو تفضيل قومية على أخرى، أو رجل على امرأة، يٌعدّ المسار المعتمد لدى لجان الصلح في شمال وشرق سوريا كافة.

نشر ثقافة التسامح بين الجميع

بعد ثورة التاسع عشر من تموز (ثورة روج آفا) وتنظيم المجتمع على أساس كومينالي، وتأسيس دور الشعب المنبثقة من فكر الأمة الديمقراطية، أُسست لجان الصلح كإحدى لجان لهذا الدور، وفي كركي لكي أُسست لجنة الصلح مع تأسيس دار الشعب في عام 2012 لتقوم بالمهمة، التي ذكرناها آنفاً، وكان لها الدور في إرساء ثقافة الصلح المجتمعي خلال عقد من الزمن.

بداية كانت كركي لكي حسب التقسيم الإداري، ناحية تتبع لها كل من جل آغا وتل كوجر وآليان، وبعدما انفصلت عنها كل من تل كوجر، وجل آغا؛ أصبحت مجالس المصطفاوية، واليوسفية ومدينة رميلان تابعة لها.

ويعمل في اللجنة تسعة أعضاء، خمس نساء، وأربعة رجال، يتشاركون لسير العمل والوصول إلى الهدف المنشود، التي أُسّست اللجنة على أساسها.

ومن أجل التعريف بلجان الصلح، والهدف منها، والقضايا التي يتم حلها، التقت صحيفتنا الرئيس المشترك للجنة الصلح في ناحية كركي لكي صالح الأحمد، الذي أوضح لنا عمل اللجنة بقوله “كوننا مجتمع عشائري، فقد كانت أي مشكلة أو خصومات تحصل، فإنها كانت تجد طريقها إلى الحل من خلال تدخل وجهاء المنطقة، وأصحاب الأعراف، دون أن يكون هناك لجنة مختصة، بحل الخلافات، لكن بعد ثورة التاسع عشر من تموز (ثورة روج آفا) وبناء المجتمع الكومينالي وتأسيس دور الشعب المنبثقة من فكر الأمة الديمقراطية، أُسست لجان الصلح كإحدى لجان دور الشعب”، مؤكداً أن هدف اللجنة منذ أول يوم أُنشئت، وحتى اليوم هو نشر ثقافة التسامح، وحل النزاعات والخصومات بالطرق الودية بين الأهالي جميعهم.

الصلح سيد الأحكام

تطرق الأحمد في حديثه حول المبادئ الأساسية، التي تستند عليها اللجنة: “ننطلق في عملنا الطوعي من مقولة (الصلح سيد الأحكام)، فالصلح جالب للخير، والود والسعادة، كما أنه يمتن ويشد من أزر الأواصر المجتمعية، والإحكام إلى التصالح إنما يدل على الوعي المجتمعي، المستند على الأعراف والتقاليد العشائرية الموروثة، وحرصاً منا في الحفاظ على عدم قطع حبال الود بين الأفراد والعائلات، والقضاء على الفتن، نسعى إلى حل أي نزاع يردنا بالتراضي”.

آلية عمل اللجنة

تستقبل اللجنة الدعاوى من صاحب الدعوى، مدون فيها أسباب الدعوى بتفاصيلها كافة، بعد إتمام تصديقها من الكومين والمجلس، ومن ثم تتبع الإجراءات بإرسال بطاقة دعوة إلى المدعي عليه، ويتم فيها تحديد جلسة استماع للمدعي، والمُدعى عليه، وبناءً عليه يتم البت بكيفية حل الخلاف، ونقوم بكتابة محضر الصلح بينهما ويوقع عليه الطرفان.

ويزيد الأحمد على الإجراءات، وآلية عمل اللجنة “إذا كان الخلاف عقارياً أو دعاوى مالية، فإننا نرسل محضر الصلح إلى هيئة التنفيذ بديوان العدالة؛ للمصادقة عليه، وحينها يتحول إلى سند تنفيذي ملزم، ويترتب عليه تبعات عدم التنفيذ”.

ومدة البت في أي دعوة مدنية ترد إلى لجنة الصلح، هي شهر واحد بدءاً من استلام الكتاب، كما أوضحه الأحمد.

أما عن آلية العمل، إن عجزت اللجنة عن حلها ذكر الأحمد “إن لم نتمكن من حل الخلافات، ونعجز عنها؛ فإننا نحيلها إلى ديوان العدالة الاجتماعية مع إبداء رأينا في القضية، أما بالنسبة للخلافات والمنازعات الحاصلة ضمن جغرافية المجالس والكومينات المرتبطة بنا، فإن تعثر أعضاء اللجان في الوصول إلى حلول لها فإنها تحال إلينا”.

حل 232 دعوى خلال السنة المنصرمة

في العام المنصرم تم حل 232 دعوى من أصل 339 دعوى وردت إلى اللجنة، أغلبها خلافات عقارية ومالية، وفيما يخص مضمون القضايا والدور الذي لعبته اللجنة في حل خلافات امتدت لعقود من الزمن لفت الأحمد: “لقد ساهمنا في حل خلافات عمرها أكثر من ثلاثين سنة، والآن نسعى إلى مصالحة بين عائلتين متخاصمتين منذ خمسةٍ وأربعينَ عاما”.

واختتم الرئيس المشترك للجنة الصلح في كركي لكي صالح الأحمد حديثه بقوله: “إن الوعي ونزعة الصلح والأرضية الأخلاقية هي التي تدفع أبناء المجتمع إلى اللجوء إلينا”.