كُلُّنا آمد سبور

قامشلو/ دلير حسن ـ لم نتخيّل أثناء مشاهدة مناظر الاعتداء على جماهير ولاعبي نادي آمد سبور من قِبل الفاشيين من جماهير بورصا سبور في الدوري التركي للدرجة الثانية مؤخراً إلا مشاهد الثاني عشر من آذار في قامشلو عام 2004، وحادثة الاعتداء على أبناء الشعب الكردي قبل إقامة مباراة ناديي الجهاد والفتوة.

في محاولة أخرى للنيل من أبناء الشعب الكردي في باكور كردستان، قام الآلاف من جماهير نادي بورصا سبور بالاعتداء على اللاعبين والجماهير المرافقة لنادي آمد سبور ضمن منافسات الدوري التركي للدرجة الثانية.

وقبل بداية المباراة بين نادي بورصا سبور وآمد سبور، قامت جماهير بورصا سبور بسب وشتم الشعب الكردي، ورفعت صور الضابط في “جيتام” “جيم ارسفار” الذي شارك في الاغتيالات للسياسيين والناشطين الكرد في باكور كردستان بالتسعينيات، والتي كانت تغلق ملفاتها من قبل الحكومات التركيّة المتعاقبة وقتها ضد مجهول.

وتزامن ذلك بالهجوم على الجماهير الكرديّة المرافقة لنادي آمد سبور، كما هاجم طاقم وبعثة نادي بورصا سبور اللاعبين والكادر الفني والإداري لنادي آمد سبور، وسط عدم تحرّك جدي من قوات الأمن التركيّة المتواجدة هناك، في مشهد يُعيدنا إلى الوراء إلى الثاني عشر من آذار في عام 2004 في مدينة قامشلو، حينما قام جلاوزة البعث القادمين من دير الزور وأرياف الحسكة وقامشلو بأوامر من قوات الأمن التابعة لحكومة دمشق قبل بدء مباراة نادي الجهاد من قامشلو ونادي الفتوة من دير الزور، برفع صور صدام حسين رئيس النظام العراقي البائد والذي عُرف بارتكابه المجازر بحق أبناء الشعب الكردي في باشور كردستان.

كما قاموا بمهاجمة أبناء الشعب الكردي المتواجدين على مدرجات الملعب بمدينة قامشلو، ولتتطور الحادثة فيما بعد إلى إطلاق النار الحي من قبل قوات الأمن وبأوامر من محافظ الحسكة وقتها سليم كبول، والذي كان صاحب أول رصاصة تُطلق على الشباب العُزّل، وليستشهد ستة من أبناء الكرد ولتندلع انتفاضة شعبية من قامشلو إلى المدن كافة في روج آفا وإلى الداخل السوري، وفي الكثير من الدول في العالم، حيث ارتكبت مجزرة وارتقى وقتها أكثر من 30 شهيداً من مختلف المدن في روج آفا، هذا علاوة على الجرحى واعتقال الآلاف من أبناء الشعب الكردي.

حملة تضامن كبيرة

إننا نشهد اليوم تكرار السيناريو نفسه الذي تمارسه الأنظمة المستبدة ومحاولتها للنيل من الشعب الكردي أينما كانوا وحتى الرياضة يقومون باستغلالها للانتقام من هذا الشعب.

ولكن أبناء الشعب الكردي أظهروا تلاحمهم مع أبناء جلدتهم في باكور كردستان، وعلى الفور بدأت حملة التضامن من الشعب الكردي في باكور كردستان وروج آفا وفي بلاد المهجر مع جماهير ولاعبي نادي آمد سبور عبر بيانات ومنشورات إدانة واسعة، بالإضافة إلى تغيير البروفايل الشخصي إلى لوغو نادي آمد سبور، كما رافق ذلك هاشتاغ “كُلنا آمد سبور”.

كما في روج آفا أصدر نادي قنديل من مدينة قامشلو، بياناً يُدين حادثة الاعتداء ويتضامن مع نادي آمد سبور وجاء فيه: “تعرّض لاعبو وجماهير نادي آمد سبور في الدوري التركي للدرجة الثانية للاعتداء بوحشية من قبل لاعبي وجماهير نادي بورصا سبور أمس الأحد، في حوادث تتكرر ضد النادي في تركيا منذ سنوات، وبهذا الخصوص نحن أعضاء نادي قنديل سبور من روج آفا نعلن كل التضامن مع النادي وجماهيره وأبناء الشعب الكردي في باكور كردستان، ونؤكد في الوقت نفسه إننا مع تآخي الشعوب كافة في الرياضة، وإبعاد اللغة الطائفية والعنصرية التي تمارسها السلطات القمعية في تركيا عن الرياضة، وهذه الحكومة اليوم تحاول جر الشعوب إلى التصادم بين بعضها البعض لذلك نناشد الشعوب كافة التي هي تواقة للحرية في تركيا، بعدم الانجرار وراء مخططات حكومة أردوغان الفاشية، والعمل سوياً على خلق رياضة بعيدة عن العنصرية والطائفية”.

وتبعها منشورات من العديد من الأندية في إقليم الجزيرة مثل خبات والأسايش وعبّروا عن تضامنهم مع النادي، واستنكروا حادثة الاعتداء.

كما أقامت إدارة نادي الأسايش بمناسبة اليوم العالمي للمرأة تضامناً مع نادي آمد سبور مباراة كرنفالية لكرة السلة، أُقيمت وجمعت بين سيدات ناديي الأسايش وبرخدان على أرضية ملعب كرة السلة ضمن إستاد شهداء الثاني عشر من آذار، وانتهت بفوز سيدات الأسايش بنتيجة 39 نقطة مقابل 17 نقطة.

وفي مدينة الرقة أُقيمت مباراة كرنفالية تحت شعار “كلنا آمد سبور” وجمعت بين رجال نادي الأمن الداخلي ورجال فريق الشهيد أدهم، وانتهت المباراة بفوز نادي الأمن الداخلي بأربعة أهداف لهدف وذلك على أرضية الملعب البلدي في الرقة.

كما أعلنت إدارة مدرسة نمور التايكواندو الدولية في الحسكة كامل التضامن مع النادي واستذكرت النادي بصور لعام 2014، حيث كان النادي يلعب مع نادي روج آفا في مدينة قامشلو في افتتاح ملعب شهداء الثاني عشر من آذار وتغيّر اسمه الذي كان سابقاً باسم السابع من نيسان وهو يوم ميلاد حزب البعث “العربي” الاشتراكي، والذي لم يختلف عن الأحزاب التي تسيطر على الحكم في تركيا.

والتف أبناء آمد في باكور كردستان حول ناديهم، واستقبلوه استقبال الأبطال بزغاريد الأمهات والهتافات ومنها “آمد سبور هو الشعب” نحن مَنْ؟ نحن كرد”، كما أدان مختلف الأحزاب الكردية في باكور كردستان وخارجها حادثة الاعتداء، والتي لم تجدها غريبة من قبل الفاشيين ممن هم يناصرون حزب العدالة والتنمية الذي يترأسه أردوغان، وحزب الحركة القومية التركية الذي يترأسه دولت بهجلي، بحيث يُضمِر هذين الحزبين عداء كبير لأبناء الشعب الكردي في كل مكان.

من جانبها قوات الأمن التركية التي اعتقلت 19 شخصاً ليلة المباراة على خلفية حادثة الاعتداء، قامت بإطلاق سراحهم بعد يومين من الحادثة، كدلالة واضحة لرضا هذا النظام القمعي عما حدث.

كما نشر نادي آمد سبور على صفحته الرسمية على الفيسبوك منشوراً وجاء فيه: “آمد سبور كان موجود دائماً، وسيظل موجودًا؛ ولن يختفي مع أعمالكم؛ أعرفوا ذلك جيداً”.

حوادث عنصرية تتكرر

ولا تعتبر حادثة الاعتداء الأولى من نوعها فعلى مدار السنوات الماضية فقد تعرّض النادي نفسه وجماهيره لنفس الاعتداء ومنها من نادي أنقرة كوجو.

كما تقرر إيقاف اللاعب الألماني (من أصول كردية) دنيز ناكي، والمحترف في صفوف نادي «آمد سبور»، في عام 2018، عن اللعب مدى الحياة مع الفرق التركية، وتغريمه بملغ 70 ألف دولار، وذلك من قبل الاتحاد التركي لكرة القدم بسبب دعوة وجهها اللاعب لمتابعيه على مواقع التواصل الاجتماعي للمشاركة في تظاهرات بمدينة كولن الألمانية دعماً لعفرين، واستنكاراً للعدوان التركي عليها، والتي احتلت تلك المدينة في 18 آذار من نفس العام.

اللاعب نفسه كان يُبدي مواقفه تجاه أي عدوان على أبناء شعبه الكردي ومنه أثناء محاولة احتلال مدينة كوباني في شمال وشرق سوريا من قبل داعش بدعم تركي وقتها، وكذلك انتقد هجمات الأمن التركي وقواته على المدن الكرديّة في باكور كردستان عام 2016، وفي عام 2018 تعرّض لإطلاق نار أثناء قيادته لسيارته ليلاً على طريق سريع بالقرب من مسقط رأسه في ديورن بغرب ألمانيا، عندما أُطلقت عدة أعيرة نارية باتجاهه من داخل سيارة سوداء، لم تُصِبه.

ونقلت صحيفة “دي فيلت” اليومية الألمانية، عن اللاعب قوله: “كان يمكن أن أموت، لم تمر الطلقات بعيداً، لقد أصابت رصاصة إحدى النوافذ ومرت أخرى قرب أحد الإطارات، عشت أكبر رعب في حياتي”.

صحيفة در “شبيغل” الأسبوعية نقلت أيضاً عن اللاعب قوله: “أعتقد أنها قضية سياسية، أنا مستهدف بشكلٍ دائم في تركيا لأن مواقفي مؤيدة للشعب الكردي”.