سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

كوباني ما بعد المجزرة

 استيرك كلو_

احتضنت مدينة المقاومة كوباني جميع القادمين من أجزاء كردستان بين أحضانها لتصبح كردستان نفسها. بعد مقاومتها وانتصارها على داعش، غير أن أهالي كوباني يستذكرون يوم 25 حزيران 2015 يوم المجزرة حيث مازالت جراحهم لم تندمل رغم مرور تسعة أعوام على استشهاد 253 شخصاً، أما الذين يحملون ندوب هذه المجزرة في أبدانهم فهم 273 جريحاً.
تسلل داعش على هيئة وحدات حماية الشعب كتكتيك لتنفيذ هذه المجزرة وبصمت بعد هزيمته في المدينة، والتي اعتُبرت أول انكسار يسحب فيه داعش ذيل الهزيمة من بعد مقاومة خيرة أبناء وبنات الشعب الكردستاني ومن كافة الأجزاء.
 تلقت هذه المدينة الصغيرة بجغرافيتها والعظيمة بمقاومتها صدىً عالمياً هزت من خلاله وجدان الإنسانية في لحظة كان الكل قد فقد أمله في انتصارها على هذه القوة التي أرهبت العالم برمته. هذه المجزرة التي راح ضحيتها 37 طفلاً و77 امرأة من بينهم لم تُثنِ من إرادة المقاومة ضد إرهاب داعش، لا بل وتحولت كوباني إلى شوكة في حلق داعش وكابوس لأصدقائه الممولين له سراً وعلناً، وأولهم الاحتلال التركي والذي صرّح رئيسه أردوغان قبلها بعدة أيام “وقعت وستقع كوباني”، ولكن كان مؤسفاً له عندما تصدّر نصر كوباني عناوين الصحف الإقليمية والعالمية بعد 134 يوماً من المقاومة التي تُثمنها الإنسانية إلى الآن.
 يهرع داعش بالتنظيم سراً هذه المرة بعد هزيمته في الباغوز، وراء تنفيذ مخططات يهدد بها العالم وتحاول كل القوى استخدامها في تنفيذ مخططاتها وفق ما يتناسب وسياستها، ومازالت هجماته مستمرة على الجنوب السوري والعديد من المناطق الأخرى في شمال وشرق سوريا أيضاً، ولو لا مقاومة قسد لكانت هجماتها أعنف. في هذه المسألة حصراً للدولة التركية دور هام، حيث قُتِل العديد من قادتها في المناطق المحتلة والخاضعة لسيطرة الدولة التركية ومرتزقتها في سوريا، وإدلب نقطة الانطلاق لهذه الممارسات التي تستغلها تركيا كورقة تهديد ضد دول الجوار وخصوصاً مناطق شمال وشرق سوريا. بمعنى آخر تحولت المناطق المحتلة إلى غرفة إنعاش لإحياء هذا الإرهاب واستغلاله وفق سياساتها.
أوجه التشابه كثيرة ما بين سياسة دولة الاحتلال التركي في المنطقة وبين ما تمارسه هذه القوة الظلامية داعش في المنطقة والعالم، وأهمها القتل وارتكاب المجازر بحق شعوب المنطقة وعلى رأسهم الشعب الكردي الذي قاوم ويقاوم هذه السياسة منذ أكثر من 12 عاماً. وأهم أوجه التشابه لهذه السياسة التعسفية والبعيدة من المقاييس الأخلاقية، هي سياسة الدولة التركية تجاه حرق المدن الكردية في شمال كردستان، هذه الحرائق مُفتعلة بكل تأكيد، فإن لم تكن كذلك؛ لماذا كل هذا الصمت تجاه آلام حرق الأبدان الحيّة والحيوانات والنباتات الحية، ألم يرتكب داعش هذه السياسة ولكنها لم تنجح لا في شنكال ولا في كوباني ولا في مخمور. لم تكتف بذلك بل تحرق الجبال والأشجار بالأسلحة التكتيكية والفوسفورية؛ بحجة حربها ضد حركة التحرر الكردستانية. سياسة الاحتلال التركي وما تمارسه داعش وجهان لعملة واحدة وتنبع من الذهنية نفسها التي لا تعترف سوى بالإبادة والمجازر لتحقيق مآربها. وإن استطاعت أية قوة الانتصار على هذه السياسة؛ عليها أن تصبح كوباني حتى تستطيع تضميد جراحها وتبتسم لمستقبل حر.