كوابيس عدة تعيق رغبة الطامحين بتأسيس “الحياة الندّية”

عين عيسى/ حسام إسماعيل ـ

أسباب عديدة دفعت الشباب إلى التفكير ملياً في خطوة “الزواج” بالرغم من صعوبة تأمين متطلباته، وغلاء المهور، مع ارتفاع التكاليف المعيشية، وقلة فرص العمل، التي تتيح تأمين المال، والمتطلبات للتأسيس لأسرة جديدة.

وتعد الظروف الصعبة في ظل الظروف السياسية، والعسكرية، التي فرضتها الدول المعادية للشعوب السورية، وعلى رأسها الدولة التركية المحتلة، السبب الرئيسي بالتفكير ملياً من قبل الشريحة الشبابية في مناطق شمال وشرق سوريا، بتحمل المسؤوليات الثقيلة التي تفرضها الحياة الزوجية، إذ إن الإدارات الذاتية، والمدنية في مناطق شمال وشرق سوريا، تعمل على توفير متطلبات الحياة الكريمة لهذه الشريحة، والعمل على القضاء على البطالة، وتوفير فرص العمل في ظل ظروف الحرب السائدة إلى حد ما، ولكن المؤثرات الأخرى على المنطقة ولا سيما انخفاض الليرة السورية أمام الدولار الأمريكي، وبخاصة بعد فرض قانون قيصر على سوريا، وضعت قائمة من الصعوبات أمام الشباب عند التفكير في الزواج، فعندما يفكر الشاب بالارتباط يتفاجأ بالمهر، الذي يطلبه أهل الفتاة، لضمان حق ابنتهم، في حين غلاء الأسعار في متطلبات الزواج يشكل عائقا لديهم، وحتى الشاب العامل يقاوم لتأمين متطلبات الزواج، إذ وصل غرام الذهب إلى خمسين  دولاراً، ومعجّل الصداق 5000 دولار، ما يصعّب التفكير بموضوع الزواج، وعدم توفر أكثر من شخص يعمل ضمن البيت الواحد، سبب إضافي يتعذر على الشاب معه تأمين رصيد للزواج.

تكاليف تفوق المدخول…!

تحديات تقف في طريق الشاب ياسر المحمد (أحد مهجري كري سبي/ تل أبيض)، الذي يتقاضى راتباً شهرياً لا يتعدى الـ (100) دولار شهرياً، فيما كان يشرح تكاليف الزواج بإسهاب، إذ بلغ ثمن قطعتين من الثياب 200 دولار، وغرفة نوم بسعر 700 دولار، لافتاً الى أن معادلة الزواج صعبة مع ما يتقاضاه من راتب، ولكن يحاول مقاومة هذه الظروف من خلال التعاون الجماعي بين أفراد أسرته، من خلال تأمين فرص العمل للعائلة، وإيجاد مداخيل إضافية.

ويضيف المحمد “أن أقرانه من الشباب يقاومون الظروف الحالية بالعمل، والتعاون لفتح مشاريع عمل في مجالات عدة كالبناء والعمل الزراعي، والتجارة “بشكل محدود”، والنقاش دوماً للبحث عن حلول في إطار التخطيط لتأسيس “عائلة” في ظل ارتفاع إيجارات العقارات، التي وصل أدنى تكلفة لمنزل متواضع من (50ـ 75) دولاراً.

ويختم الشاب ياسر المحمد، بأمله أن تتحسن الأوضاع الاقتصادية في مناطق شمال وشرق سوريا، ما ينعكس بشكل إيجابي على شريحة الشباب، ويُتاح لكل شاب أن يؤسس لعائلة، وتأمين العيش الكريم لها.

عوائق ضخمة

من ضمن المبادئ الأساسية العامة، والأحكام الخاصة بالمرأة، والتي هي بمثابة قوانين تدافع عن قضايا المرأة، وتفسح لها المجال لممارسة حقوقها، وتحد من العنف الممارس ضدها، هي إلغاء المهور بحيث يتشارك الطرفان بتأسيس الحياة الزوجية، والمشاركة في تأمين متطلباتهم، لكن هذا الأمر لم يطبق بعد لدى الكثير من المناطق، فلازال بعض الأهالي يطالبون بمهور عالية ومرتفعة لقاء ارتباط الشاب بالفتاة، ليصبح المهر مشكلة لدى الكثير من الشباب التي لا يستطيعون دفعه.

هذا ما يعانيه الشاب محمد المحمود (وهو شاب متزوج) فيرى: أن مشكلة الشباب اليوم في أن الأهل يطلبون مهوراً مرتفعة للغاية، وقد وصلت الى حد دفع المهر بالدولار الأمريكي، ناهيك عن الشروط الأخرى، وهي ضرورة امتلاك بيت الزوجية، وجاء هذا العرف الجديد على وقع انهيار الليرة السورية خلال السنوات العشر المنصرمة.

ويتابع المحمود بالقول: “تلقت هذه الظاهرة ردود فعل متباينة، إذ ينظر إليها البعض على أنها حق مشروع للأهل لضمان حقوق ابنتهم المقبلة على الزواج في ظل حالة عدم استقرار الوضع الاقتصادي، في الوقت الذي يصفها البعض بأنها “عملية تجارة وشرط تعجيزي” يصعب الأمر على الشبان.

ويصف المحمود هذه الظاهرة: أنها “مشكلة” إذ أن اعتماد الدولار للمهر كان عقبة في وجه الشباب الباحثين عن الزواج وشريكة الحياة، فضلاً عن ارتفاع قيمة المهر إلى مبالغ تفوق القدرة المالية، ويضيف أن أقل مهر تطلبه الأسر يتجاوز ثلاثة آلاف دولار، وهذا أمر تعجيزي لأغلب الشباب في هذا الوقت، ويعتقد محمد: أن الحل هو بالتعاون بين الطرفين (أهل الشابة والشاب)، ودعمهم لتأسيس عائلة مستقبلية دون مشاكل.

وحذر الشاب محمد في ختام حديثه من مخاطر توجه الشباب إلى الهجرة خارج البلاد مع زياد تعقيدات الزواج، وظروف المجتمع الطارئة، والتي أغلقت في وجههم باب الاستقرار، ويرى: أن الشباب هم من يخلقون الحلول، وفرص العمل، ومجابهة الصعاب مهما كانت.