سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

كردستان هي الحاضنة الأم للثوريات المناضلات

صباح خليل اسماعيل_

ميزوبوتاميا هي مشعل الثورات ولهيب نيران الثورة التحرري في كل جزء من هذه الأرض تولد ثورة بولادة مناضلة.
جدير بالذكر هنا أن نتذكر ما قاله القائد: “إذا خرجت من كل بيت امرأة مناضلة ومن كل قرية امرأة فإن تلك القرية حرة”.
وكان الدور الأهم لهن في التحرر من العادات البالية والذهنية الذكورية والحق في المشاركات النضالية والسياسية.
رغم كل المعاناة لكن المرأة دائماً تحقق ذاتها بإصرارها وقوة إرادتها وشجاعتها وصبرها الذي تمتلكه ــ دوناً عن سائر المخلوقات ــ ثوريات حزب العمال الكردستاني.
فيدان دوغان: ناشطة كردية وعضوة في حزب العمال الكردستاني وقد عملت في مركز المعلومات الكردي في باريس. وُلدت في “البستان” جنوب تركيا وانتقلت إلى فرنسا وهي صغيرة نشأت في ستراسبورغ حيث أكملت تعليمها الجامعي، وكانت منخرطة في المؤتمر الوطني الكردستاني وايضاً ناشطة في مجال حقوق المرأة.
غيرن بنضالهن واقع المرأة المناضلة
ساكينة جانسيز وفيدان دوغان وليلى شايلمز: أسماء زُيِّنَ بها تاريخ المرأة المناضلة التي كانت مقيدة بسلاسل الذهنية الذكورية عبر الزمان ــ كانت الكثير من النساء يتعرضنَ للمعاناة قبل التعرف على الفكر التحرري الذي انطلق من فكر القائد وإعطاء الأولوية للمرأة وقد لاقى هذا الفكر الحر إقبالاً كبيراً من الكثير من النساء. وقد كانت أولى الثلاث المناضلات ومن مؤسسات الحزب “ساكينة” من مواليد (1958) من مدينة ديرسم في باكور كردستان، التي عرفت بمدينة المجازر. وكانت ساكينة أولى النساء اللواتي انخرطن في الحركة الآبوجية.
فيدان دوغان “روجبين”: الناشطة المجدة ممثلة المؤتمر الوطني الكردستاني في فرنسا عرفت بنشاطها وعملها الدؤوب في الدبلوماسية.
ليلى شايلمز “روناهي”: الشابة الطموحة، كانت إحدى الشابات الطليعيات التواقات للحرية وحبها الشديد للوطن والسعي المستمر لحرية المرأة.
بحثت كثيراً في الكتب والمجلات، وقرأت الكثير عن نضال المرأة وكدح النساء والمعاناة التي تكبدها نساء الشعوب ومن كل كتاب أو رواية أو خبر أو قصص أسمعها لامست الآلام التي تتكرر كل يوم ولحظة في حياتهن.
لكل امرأة ميزات تتصف بها، ولكل واحدة هدف، ولكل منهن بصمة توضع على جبين التاريخ بشموخ النساء. أما عن الثورة الأولى التي بدأت بها المناضلات الثلاث “ليلى وساكينة وفيدان” ضد الاحتلال والتي زعزعت أركانه، كانت تلك النساء هن النساء اللاتي قمن بالعمل في حزب العمال الكردستاني أول تأسيسه وهن اللاتي كن أول شعلة لتحرير المرأة، فقد كان نضالهن حول المرأة وحريتها من جهة وحرية الشعب من الجهة الثانية. فقد شاركن في الندوات والاجتماعات ومثلن قضية الشعب الكردي في البرلمان والمجلس الأوروبي، وبكل تصميم وجسارة عملت رفيقات فيدان بيد تضرب من حديد وقلب لا يعرف إلا الثورة والشموخ ضد ذلك السيل من الاحتلال.
أحد عشر عاماً مرَّت على مجزرة باريس التي راح ضحيتها ثلاث مناضلات وهن “ساكينة وليلى وفيدان دوغان” وبمرور هذه السنين على هذه الجريمة التي وقعت في التاسع من كانون الثاني 2013 لا يزال المجتمع الدولي يتستر على هذه الجريمة والكثير من الجرائم الكبيرة التي ارتكبها الاحتلال بحق الشعوب، وكانت الأكثر نصيباً من هذه الجرائم هُنَّ النساء الثوريات المناضلات اللاتي يطالبن بحقوقهن وحقوق شعبهن ويدافعن عن القضية بإصرار.
فيدان ورفيقاتها في تاريخ حافل بالمقاومة والنضال
تعمدت كل منهن تفجير نضالهن ومقاومتهن في وجه الذهنية الشوفينية الدكتاتورية. لم يعرفن الاستسلام ولا الخنوع، وهن مؤمنات بتحقيق الهدف الذي يسعين إليه رغم كل ما عانت منه الرفيقات من جهد واعتقالات وطرق التعذيب الجسدي والنفسي التي تعرضن لها في السجون.
قضية الشعب الواحد وحرية المرأة حركت هذه النساء وجدان الثورة في نفوس كل نساء العالم.
ساكينة تفجر غضبها تجاه الفاشية التركية
ووسعت دائرة النضال لثأرها من الاستعمار التركي والاستبداد الذي كان يمثله على شعبها الذي تعرض للمجازر الجماعية والإبادة والتهجير، فقد كانت كل تلك الأحداث تجوب خاطرها في محرقة تلك الذكريات المريرة التي كان يعاني منها أهل قريتها والكثيرين أيضاً من الشعوب المستعمرة.
باتفاقية تركية فرنسية في إحدى ليالي الشتاء الباردة وفي مدينة باريس “بجانب المعهد الكردي” اغتيلت المناضلات الثلاث على يد الاستخبارات التركية، لسبب وحيد، وهو الخوف الذي زرعه في قلوبهم المناضلات الثوريات اللواتي استطعن أن يزعزعنَ عرش السلطات الاستعمارية الفاشية بمقاومتهن ونشر الوعي الديمقراطي والمناداة بحرية المرأة، وبدأن في ذلك الوقت قبل الاغتيال ببناء الفكر الذي يعطي المرأة أول خطوة للعزم والإصرار والجرأة التي كُنَّ يتحلين بها فأصبحن قدوة لكل نساء العالم ليس فقط كردستان.
تركت مجزرة الشهيدات أثراً كبيراً في نفوس الجميع، وبالأخص في نفوس النساء اللاتي تركت لهن تلك المناضلات الثوريات الكثير من الذكريات والمواقف والكتب. كل الكلمات والأحرف لا تستطيع التعبير ولا وصف تلك الأيقونات اللاتي خرجن من قلب كردستان.
إن ساكينة وليلى وفيدان الشهيدات شكلن طريق الحرية بمشعل لا ينطفئ ليضيء دروبنا كنساء على النهج الذي تأسس بدم كل شهيدة وشهيد أناروه بخضاب دمائهم التي شربت منها وعجنت بها كل ذرة من تراب الوطن.
سنبقى نستذكر في كل حديث ونقاش وسننشر المقالات والكتب والصحف لتلك الأرواح الطاهرة التي دافعت ودفعت أثمن ما لديها من دون تردد في سبيل الحرية وإنهاء الاستعمار والمحافظة على وحدة وحرية الشعوب، وكل ذلك يكون بحرية المرأة.