سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

“كجا كردا”.. الجنة الكرديّة في معشوق

قامشلو/ دعاء يوسف ـ

جنة كردية داخل منزل تُحوّل إلى قطعة من التراث المعبق بالزمن القديم، ففي كل زاوية داخله ترى الجمال المصور على هيئة وردة أو شجرة عمرها سنين أو تمثال شُيّد بإتقان، وفي أحد زوايا هذه الروضة الصغيرة تواجدت غرفة لا تتجاوز بضعة أمتار تُعيدك إلى الماضي.
متحف أثري في داخله أكثر من ثلاثة آلاف قطعة لكل قطعة اسم وقصة حُفِرت في ذاكرة مالكتها، فهنا أدوات الزراعة القديمة، وهناك أسرة خشبية للأطفال وتلك منحوتات صنعتها أناملها لوجوه وتماثيل صغيرة ذات عيون براقة تتطلع لغدٍ أفضل، فصورت فيها روايات لم يخطّها القلم بل عجنتها ونحتتها أنامل امرأة.
وما يُجمل المعرض احتوائه على أكثر من 150 قطعة تراثية متعلقة بالزي الكردي الفلكلوري، فعلى الجدران علقت الأوشحة الكردية المزخرفة والملونة بألوان الطبيعة، ووضعت قطع الزينة الكردية بحلتها الفريدة، وإلى جانبها وضع التراث الأرمني والسرياني والعربي والإيزيدي فلم تكن القطع كردية فقط.
متحف ابنة الكُرد
وفي منتصف المتحف الأثري الذي أطلقت عليه صاحبته اسم كجا كردا “ابنة الكرد”، وقفت حزنية عثمان عثمان التي تجاوزت الـ 55 عاماً بزيها الكردي، لِتُكمل اللوحة بقامتها وصوت خلخالها الذي امتزج مع زقزقة العصافير ليولّد موسيقا أضفت على المشهد لمساته الآسرة.
تحمل قطعة وتمسح أخرى لتتحدث إليها فهي تعرفها جميعها، هذه من قامشلو، وتلك كانت في منزل والدي، وهذه أحضرها لي أحدهم، فروت لنا قصصها إلا أنها كثيرة.
هناك قطع تجاوز عمرها عمر حزنية وبعضها صنعته منذ عام 2001، قبل أن تبدأ العمل على جمع القطع الأثرية والتراثية في عام 2006، إذ انطلقت من القطع التي كانت متوفّرة في منزلهم القديم، ثمّ بدأت بالبحث والاقتناء من مدن وبلدات المنطقة، مثل “قامشلو، تربه سبيه، وديرك، كما أن بعض القطع جاءتها من خارج سوريا”.
حماية التراث الكُردي
ففي قرية استوحت اسمها من العشق، ولدت عاشقة التراث وترعرعت، “حزنية عثمان عثمان” لم تشِخ مع مرور الزمن بل بقيت تُزهِر كل ربيع مع نباتاتها في معشوق التابعة إدارياً لجل آغا والقريبة من بلدة تربه سبيه.
حوّلت امرأة خمسينية جزءاً من منزلها إلى متحف فلكلوري، جمعت فيه قطعاً تراثية تعود لحقب زمنية مختلفة، فيما لا زال السكان يترددون إليها بين حين وآخر، للتعرّف على التاريخ القديم للمنطقة، عبر معاينة القطع التراثية في ذاك المتحف.
تهدف من عملها الطوعي، إلى “حماية الثقافة الكردية في المنطقة”، علماً أنها قد جمعت غالبية القطع التي لديها، من “القرى والمدن المحلية”، واستغرق ذلك وقتاً طويلاً وتستقبل القطع الجديدة بالرغم من ضيق الغرفة بما حوت.
وبيّنت حزينة الدافع وراء اهتمامها بالتراث، هي “رغبتها الطفولية في تعلّم القراءة والكتابة من أجل التعرف على تاريخ الآثار وإلى أي حقبة زمنية تعود”، وهو ما عملت على تعويضه في كبرها إزاء “عدم قدرتها على التعلّم في الصّغر”.
نشر الثقافة الكردية
المحتوى الريفي البسيط، واليوميات القروية، تقدّمها “ابنة الكرد”، إلى الجمهور المحلي والمغترب، كمقاطع مرئية بواسطة هاتفها، فيما توثّق أجواء الجيرة والعمل والمناسبات في قريتها على وجه الدوام.
وتحافظ “حزنية” في كل ظهور لها على لبس الزي الكردي التقليدي، مشيرةً إلى أن هذا اللبس الفلكلوري باتت ترتديه في المنطقة بغاية الندرة، وفيما يخص حسابها على الفيسبوك واليوتيوب، لفتت إلى أن رسالتها من النشر على وسائل التواصل الافتراضي هي “توعية الجيل الجديد والأطفال بثقافة الكرد، وتعريف العالم بهذه الثقافة التي سعى لإزالتها بالرغم من تميزها وجمالها، وعرض التاريخ الكردي على العالم يسعدني، فهي تنقل لهم ثقافتنا ووجودنا”. وقد شاركت حزنية عثمان في ثلاثة معارض آخرها معرض في باشور كردستان عن التراث الكردي فيما تمنت حزنية في ختام حديثها أن تستطيع الاستمرار في جمع القطع وتعريف العالم على تراث المنطقة.ش