كارين بوت: “أسعى للحفاظ على الإرث الحضاري السوري، وتوثيقه”

إعداد/ حسام إسماعيل ـ

درست تاريخ البناء والفن في بلدها الأم (ألمانيا)، وهي باحثة في التراث السوري وفن البناء التراثي والتاريخي منذ صِغرها، أحبت الشرق الأوسط وحلمت بأن تعيش فيه وحققته بسفرها في ثمانينات القرن العشرين إلى سوريا، وتحديداً إلى مدينة الرقة السوريّة، لتبدأ في دراسة المواقع الأثرية، ومعالمها الحضارية التراثية والأثرية، حيث أسست مشروعاً في برلين لتوثيق الإرث الحضاري السوري.

تقول الباحثة (كارين بوت Karin putt) في لقاء أجراه التلفزيون الألماني (DW) بأنها تعلقت بشكل كبير بالتراث السوري والشرق الأوسط ومنطقة ما بين النهرين (ميزوبوتاميا)، وتصف الحياة الريفية السوريّة بأنها أكثر حريّة، وتتمتع النساء فيها بحرية أكثر وخصوصية فريدة، انتقلت العالمة كارين للعمل في مناطق شمال وشرق سوريا في الفترة بين (1983ـ 1988) كجزء من البعثة الألمانية لدراسة الآثار في منطقة الرقة، حيث استطاعت أن تتعلم اللغة العربية بلهجتها الدارجة في مناطق شمال وشرق سوريا (الرقاوية)، لتستطيع إدارة العمل في مجال الآثار، وتوجيه التعليمات والإرشادات لعمال الحفريات في تلك الفترة.

زاد تعلقها بالمنطقة وشعوبها، وأرادت أن تكون أكثر قرباً لتتعرف على طبيعة السكان تقول كارين:” طريقة البناء المعماري للبيوت التقليدية في المنطقة جذبتني بشدة، حيث كان لدي فكرة عن طريقة البناء التقليدية من خلال الكتب، وكان هنالك فرصة لرؤية ذلك بأم عيني، فمثلاً بيوت القبب الطينية والبيوت الحجرية رائعة للغاية رغم بساطتها، حيث أنها كانت دافئة في الشتاء، وباردة في الصيف إلى حد ما، وتعبّر عن ثقافة وطبيعة الإنسان السوري في منطقة شمال وشرق سوريا، التي تستحق التوثيق والدراسة”.

وأضافت: “لذلك قررت أن أجري دراسة عن البيوت التقليدية في مناطق شمال وشرق سوريا، ودراسة تصاميم البيوت في منطقة شمال وشرق نهر الفرات وصولاً إلى أقصى شمال شرق سوريا (نهر دجلة)، وجدت بأن أنواع البيوت مختلفة من منطقة إلى منطقة أخرى، أكثر مما تصورت في البداية، وكانت المفاجأة هي عندما تتطلع على تصميم البيوت من الداخل، وتقسيماتها”.

وتصف العالمة كارين بوت بأن سنة 1987 كانت مرحلة تحول بالنسبة للعمل المهني والشخصي بالنسبة لها في منطقة شمال وشرق سوريا عندما حظيت بفرصة التعرف على عائلة كبيرة في قرية (حبوبة كبيرة) والتي تتبع لمدينة منبج، عندما تعرفت على شخص من هذه العائلة التقليدية الريفية السوريّة التي تتألف من عدد كبير من (الأبناء ـ الآباء ـ الأجداد)، حيث تزوجت من هذا الشخص، وكان هنالك فرصة لعمارة بيت تقليدي مثالي بست قبب، واستطاعت فعلاً التعرف على عمارته ليصبح نموذجاً مثالياً لفن العمارة مع إضافة أقسام معاصرة (بانيو ـ حمام… وغيرها) من الوسائل العصرية التي تتناسب مع فن البناء التراثي الفراتي.

تقول كارين لمذيعة التلفزيون الألماني عند سؤالها لها عن أي شيء أحبته في المنطقة فتقول: “ما أحببته أكثر شيء هو الناس والأهالي في منطقة شمال وشرق سوريا، وهم لطفاء للغاية، وتختلف طبيعة الأهالي في تلك المناطق الريفية البسيطة عن حياة أهالي المدن الكبرى في المناطق السوريّة الأخرى، التي قد تتقيد بأساليب وعادات مختلفة وخاصة”.

وتأسف كارين على ما حل بالمواقع الأثرية في مناطق شمال وشرق سوريا كونها لامست هذه المواقع بشكل مباشر، ودرست معظمها ابتداءً من شمال سوريا إلى شمال وشرقها، حيث تعمل الآن من خلال مركز الدراسات والتوثيق الذي أسسته في العاصمة الألمانية، وتؤكد على ضرورة توثيقها في هذه الفترة للعمل فيما بعد لإعادة ترميمها، وليكون هنالك تقييم ودراسة عملية وعلمية لها للبدء بإعادتها إلى الحياة من جديد.