سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

كاتبات: الكتابة حماية للتاريخ وردّ لمخططات الإبادة الثقافية

تمكنت نساء مقاطعة “عفرين” المهجرات قسراً من الاستمرار في الكتابة رغم صعوبات التهجير، مستمدات كلماتهن وقصصهن من وحي الألم والتهجير وصعوباته.
تسعى الكاتبات المهجرات قسراً من عفرين بشمال وشرق سوريا، من خلال أعمالهن التي تنوعت ما بين الرواية والمجموعات القصصية، إلى توثيق تاريخهن ومعاناة شعبهن، والحفاظ على ثقافتهن.
تشتيت المثقفين
وتعد الحروب وحالات النزوح التي شهدها العالم، السبب في تشتيت الفئة المثقفة في المجتمع، وكثيراً ما كانت السبب في ضياع أصدق وأروع الأقلام، إلا أنها كانت بالنسبة للبعض منهم مصدر القوة والإصرار والتعبير عما يخالج الذات، كشابات عفرين المهجرات قسراً إلى مقاطعة الشهباء بشمال وشرق سوريا، اللواتي لم يتخلين عن أقلامهن بل عملن على تصقيل مواهبهن وتوثيق ما يمر به أهالي مخيمات التهجير في الشهباء، مستمدات كلماتهن من وحي الألم والنزوح القسري وصعوباته.
وبالصدد، أكدت “خاتون إبراهيم” البالغة من العمر 23 عاماً من قرية باصلة في ناحية شيراوا بمقاطعة عفرين، أنها بدأت بالكتابة منذ خمس سنوات فقط، وتصف تلك الفترة الزمنية القصيرة في مشوارها بالكفيلة، “كامرأة عاشت واقع التهجير من عفرين، استطاعت من خلال كتاباتها التحدث عن ألم النزوح القسري الذي ترك أثراً كبيراً في حياتها وحياة الآلاف من العفرينيين”.

النزوح القسري والواقع المرير
وأوضحت، أنها وظفت النزوح القسري والواقع الذي عاشته ومرت به، في التعريف بشعبها وتاريخها وتوثيق ما مروا به من صعوبات ومعاناة: “يعد الألم أحد الدوافع الرئيسية التي تدفع الشخص للكتابة والإبداع فيها”، لافتةً، إلى أنها “صاحبة نتاجٍ أدبي حيث أعدت مجموعة من الشعر الحر بمشاركة عدد من الشابات بعنوان “شذرات أنثوية”، ليولد لديها هذه المجموعة الشعرية رغبة أكبر في الكتابة لتبدأ بكتابة رواية تحاكي الواقع بجميع تفاصيله وتركز من خلاله على الأزمات التي مر بها أهالي المنطقة”.
وبالتعمق في الرواية وتفاصيلها يجد المرء كيف سعت الكاتبة إلى التوفيق ما بين “الحب والحرب، الأمان، الضياع، الخوف، الكفاح، النضال، وبذرة الأمل”، التي كانت الهدف الأساسي من روايتها، والتي تسعى لإيصالها لكل القراء كما تقول، مشيرةً إلى أن للنضال أشكال عدة من بينها القلم.
وعن الصعوبات التي واجهتها قالت: “واجهت الكثير من الصعوبات في المجتمع والعائلة والوسط المحيط بي، إلا أنني تمسكت بهدفي ونضالي، فمن خلال الكتب والروايات اسعى لترك عبرة للأجيال القادمة”.
وبدورها أكدت “دجلة شيخو“: “العديد من نساء عفرين المهجرات قسراً، لم يسمحن للتهجير والتشرد والبعد عن أرضهن أن يضعف من إرادتهن وإصرارهن على التمسك بالكتابة والثقافة عموماً، وحولن جميع معاناتهن والمأساة التي واجهنها خلال الحرب على عفرين إلى قوة وإبداع في الكتابة”.
وأشارت، إلى أنه بالرغم من الصعوبات والنزوح القسري على المرأة التمسك بشغفها وإبرازها عبر أي هواية كانت تتقنها: “إن الفن والأدب والكتابة يعتبرون أقوى الأسلحة التي تتحلى به المرأة في ظل الظروف التي تعيشها المهجرات”.
وتملك “دجلة شيخو”، شغفاً وحباً كبيراً للكتابة والقراءة كما أوضحت: “أحب قضاء الوقت في قراءة الكتب التي تتحدث عن السياسات التي اتبعت على مدار التاريخ، واهتم بعلم المصطلحات ولديّ كتابات عن هذا الموضوع وأعمل في الوقت الراهن على طباعته ونشره بين الطلاب في المدارس”.

ومن جانبها قالت “مفيدة كوتو“، البالغة من العمر 28 عاماً، وهي معلمة لغة كردية التي تهوى قراءة الكتب والقصص والروايات، أنها بدأت مسيرتها في عالم الكتابة منذ عام 2014 وأن أكثر ما ولد لديها هذا الحب والشغف في الكتابة الثورة في شمال وشرق سوريا التي دفعت بالنساء لإثبات قدراتهن في كافة المجالات.
وأوضحت، أنها كتبت معاناة نزوحهم قسراً لمقاطعة الشهباء في كتاب تحت عنوان “أحاسيس نصف باقية”، تتطرق فيه إلى مأساة ومعاناة أهالي عفرين في نزوحهم القسري، وتعاونت مع اتحاد المثقفين لطبع الكتاب ونشره، لافتةً إلى أنه “من أهداف العدو في هجماته على مقاطعة عفرين إبادة ثقافة وفن أهالي المنطقة”. ولإفشال هذه المخططات عملت بجهد وإصرار على التمسك بالكتابة والقراءة التي تعتبر جزءاً أساسياً للحفاظ على الوجود والتاريخ، مشيرةً، إلى أنها أعدت سلسلة من القصص القصيرة تحمل العديد من الرسائل للأجيال القادمة.

وكالة أنباء المرأة