سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

قلعة حلب.. الزلزال يهزُّ تاريخاً يمتد على خمسة آلاف عام

ترك الزلزال المدمّر الذي ضرب تركيا وسوريا أثراً مدمراً على مواقع تاريخية عدة في سوريا، ومنها قلعة حلب الأثرية التي كانت قد بدأت تتعافى من تداعيات الحرب السوريّة، وتوصف قلعة حلب التي أُدرجت على لائحة التراث العالمي منذ عام 1986، بالقصر المحصّن الذي استعصى على الغزاة على مرِّ التاريخ، غير أن الزلزال الأخير تمكن من تحطيم بعض أجزائها.
ووفق المديرية العامة للتراث والمتاحف في سوريا فإن قلعة حلب تضررت في الزلزال المدمّر، وأشار المسح الأولي إلى أنها تعرضت لأضرار طفيفة ومتوسطة، منها سقوط أجزاء من الطاحونة العثمانية، وحدوث تشقق وتصدّع وسقوط أجزاء من الأسوار الدفاعية الشمالية الشرقية.
كما سقطت أجزاء كبيرة من قبة منارة الجامع الأيوبي، وتضررت مداخل القلعة وسقطت أجزاء من الحجارة، ومنها مدخل البرج الدفاعي المملوكي، وتعرضت واجهة التكية العثمانية لأضرار.

أثر مُدمّر 
وتقع مدينة حلب على طول الجزء الشمالي من صدع البحر الميت، وهو عبارة عن فالق يفصل الصفيحة العربية عن الصفيحة الأفريقية، وظهر تسلسلان عنيفان من الزلازل في المنطقة، من تشرين الأول/ أكتوبر 1138 حتى حزيران/ يوليو 1139، بالإضافة إلى سلسلة أكثر شدة من أيلول/ سبتمبر 1156 إلى أيار/ مايو 1159.
وأثّر التسلسل الأول على المناطق المحيطة بحلب والجزء الغربي منها حتى منطقة إديسا في تركيا، وخلال السلسلة الثانية تعرضت منطقة شمال غرب سوريا وشمال لبنان ومنطقة أنطاكيا (أنطاكيا الحديثة في جنوب تركيا) لزلزال مدمّر.
وتعتبر قلعة حلب إحدى أقدم القلاع في العالم، حيث بنيت في العصور الوسطى، ويعود استخدام التل الذي توجد عليه للألفية الثالثة قبل الميلاد، ورغم أن القلعة تم احتلالها من الإغريق والبيزنطيين والمماليك والأيوبيين إلا أن أغلب البناء الحالي يعود إلى الفترة الأيوبية.
وعلى مرِّ العصور لحقت أضرار بالغة بالقلعة إثر الغزو المغولي الأوّل، ودمّرت مرةً أخرى بسبب الغزو المغولي الثاني بقيادة تيمور لنك، ورغم كل شيء بقيت القلعة صامدة في وجه أي محاولات لتدميرها سواء بفعل البشر أو الطبيعة.
ويجمع المعماريون في علم التراث على أن القلعة تمثّل واحداً من أبرز نماذج العمارة العسكرية في الشرق الأوسط. ويعود بناؤها إلى القرنين الثاني عشر والثالث عشر الميلادي (القرنين السادس والسابع هجري)، وشارك العديد من المهندسين المعماريين والبنائين والحِرفيين في هذا البناء مع توثيق دور رئيسي للمهندس المعماري الرئيسي ثابت بن شقويق في عهد نورالدين الذي قُتل أثناء انهيار كتلة المدخل العلوي للقلعة في عام 1204 ميلادي.

أضرار طفيفة ومتوسطة
وتشهد قلعة حلب الضخمة التي ترتفع فوق الأسواق والمساجد والمدارس الدينية في المدينة القديمة المسوّرة، على القوة العسكرية العربية من القرن الثاني عشر إلى القرن الرابع عشر، مع تذكير بالاحتلال السابق للحضارات التي يعود تاريخها إلى القرن العاشر قبل الميلاد، وتضم القلعة بقايا المساجد والقصر والحمامات الحرارية.
والقلعة تحفة من العمارة العسكرية الإسلامية في العصور الوسطى ممتدة على نحو سبع هكتارات، وتم استخدام التل الذي بُنيت عليه بالفعل لفترة طويلة كمقر للدفاع، وعند عمليات الحفر اكتُشفت بقايا معبد وثني من الألفية الأولى قبل الميلاد.
يُذكر أن زلزال حلب الكبير عام 1138 تسبب في تدمير المدينة والمدن المحيطة، فضلاً عن انهيار عدد من أهم الآثار حيث دمّرت قلاع وحصون في المدينة ومحيطها، ومنها قلعة حلب وقلعة الأتارب وقلعة بناها الصليبيون في حارم.
وكالات