قفزة الخامس عشر من آب.. أسست درب النضال والمقاومة لشعوب شمال وشرق سوريا

عين عيسى/ حسام إسماعيل ـ

ألهمت قفزة 15 آب عام 1984، شعوب شمال وشرق سوريا الاستمرار بالمقاومة والنضال، للدفاع عن الحقوق المشروعة، وانتزاعها من براثن المحتلين والطامعين، واتخذت من هذه القفزة نبراساً لها خلال السنوات المنصرمة، التي عاصرتها لتحقق الإنجازات والانتصارات أمام المرتزقة، وبروح قفزة آب تعهدت شعوب شمال وشرق سوريا بالمضي بنهج النضال والمقاومة، حتى تحقيق النصر المؤزر، والوصول إلى الحرية المنشودة.

وتعدّ قفزة 15 آب بداية الكفاح المسلح لحزب العمال الكردستاني، الذي بدأ بنضاله العقائدي عام1973 بقيادة القائد عبد الله أوجلان ومجموعة من رفاقه، حيث أطلق الشهيد عكيد (مظلوم قورقماز) الطلقة الأولى على جنود الاحتلال التركي انتقاماً لشهداء سجن آمد (محمد خيري دورموش، كمال بير، عاكف يلماز ومظلوم دوغان) الذي نفذوا عمليات فدائية بطرق مختلفة ضد الممارسات الفاشية للدولة التركية عام 1982.

ويعدّ الكثيرون قفزة 15 آب أول طلقة في جبين الفاشية، وكسر لحاجز الخوف من القوى المستعمرة لكردستان، كما أسست القفزة أرضية لتطوير دفاع ذاتي (الحماية الجوهرية) في صفوف الكرد بعيداً عن الاتكال على القوى المهيمنة.

                                            رسمت ملامح المقاومة

عضو اللجنة القيادية في حزب العمال الكردستاني (PKK) “مراد قره يلان” يقول: “مع انطلاقة قفزة 15 آب، أصبح خط حرب الكريلا خط المقاومة، لأول مرة في كردستان، لم تقتصر حرب الكريلا في كردستان فقط، بل كانت المرة الأولى، التي يتم فيها شن حرب الكريلا في الشرق الأوسط بأكمله، باختصار، وبغض النظر عن عدد أوجه القصور في تطبيق حرب الكريلا في كردستان، إلى حد ما، فقد ألغى وهزم بشكل أساسي سياسات القمع والإبادة الجماعية في كردستان، أي أن المجتمع الكردي، تعلم كيف يدافع عن نفسه، وعزز الإيمان والروح والوطنية في هذا الجانب، في الأساس، وضع حقيقة الشعب الكردي، أو القضية الكردية على طاولة المفاوضات من أجل حلها”.

ويضيف قره يلان: “هذا ما دفع القائد أوجلان لإعلان وقف إطلاق النار في نوروز 1993 كان هذا مستوى غاية في الأهمية، منذ ذلك الحين، ومع وقف إطلاق النار من حين لآخر، استمر كفاح الكريلا على مدى ٢٩ عاماً، لأن الدولة التركية لم توقف سياسة الإبادة الجماعية، وحرب الكريلا في كردستان، بدأت كنضال على شكل حرب للدفاع عن النفس، والاعتراف بالشعب الكردي وضمان حريته، استمرت حرب الكريلا لفترة طويلة؛ لأن العدو كان منخرطاً دائماً في تكتيكات الحرب الخاصة المتعددة، لذلك تاريخ حرب الكريلا على مدار 15 عاماً ألغت سياسة الإبادة والقتل، ونجحت استراتيجيتها، ومع ذلك، ولأن العدو أراد إلغاء الشخصية الكردية بشكل مستمر في ظل اتباع نهج الصهر و سياسة الإبادة الجماعية، كان على الكريلا مقاومة ذلك على الدوام، لذلك مرت بمراحل مختلفة وواصل كفاحها حتى هذه الفترة”.

“المقاومة الكردستانية” أوجدت آليات الكفاح المسلح لانتزاع الحقوق

بروح قفزة 15 آب، كسر حاجز الخوف في أجزاء كردستان الأربعة؛ لأن الطلقة الأولى، التي أطلقها الشهيد عكيد كان لها تأثير كبير على الكرد وانبعثت روح النضال لدى أبناء الشعب الكردي، وشعوب شمال وشرق سوريا كافةً.

وبهذا الصدد أشار “نهاد خليل” الإداري بلجنة الحماية الجوهرية بمقاطعة كري سبي/ تل ابيض إلى أن يوم 15 آب أصبح يوم انبعاث جديد لشعوب المنطقة، والشعب الكردي خاصةً قائلاً: “ما نشاهده اليوم من تطور على الساحة العسكرية في مناطق شمال وشرق سوريا، وعموم المدن الكردستانية، يدعم مبررات قيام قفزة 15 آب، التي أعلن من خلالها حزب العمال الكردستاني كفاحه المسلح، وأطلق فيها طلقته الأولى معلناً بها ولادة تاريخ جديد لشعوب المنطقة وبالتحديد للشعب الكردي المضطهد”.

وعن دور قفزة آب وما قدمته للشعب الكردي والشعوب المضطهدة في المنطقة، أردف خليل بالقول: “قبل القفزة كان بعض الكرد يخجلون من النطق بأنهم كرد، وبعد تلك القفزة؛ انفجرت داخل هؤلاء الطاقة الكامنة لديهم ليعتزوا بكرديتهم وبكرامتهم التي لطالما أرادت الأنظمة الفاشية صهرها في بوتقتها، من خلال فرض اللغة والتعليم، والأدلجة بما يتناسب وهذه السياسية”.

واختتم “نهاد خليل” الإداري في لجنة الحماية الجوهرية بمقاطعة كري سبي حديثه: “الشعوب السورية في مناطق شمال وشرق سوريا، بعد انطلاق ثورة 19 تموز 2012 جعلت من ثورة المناضل (عكيد) أساساً لإطلاق ثورة ضد الأنظمة الفاشية، بعد عقود عدة من الظلم والاضطهاد التي افضت إلى انتزاع الحقوق، والحفاظ على المكتسبات والمرافق الخدمية، والاستمرار بالنضال المسلح مروراً بتحرير مدينة المقاومة كوباني (2015)، وحتى تحرير كافة شعوب شمال وشرق سوريا من مرتزقة داعش في آخر معاقله في بلدة الباغوز”.

15 آب ألهم الشعوب السورية النضال والمقاومة

من جهته أكد المواطن “محمد داوود” إلى أن الشعوب السورية، أدركت تماماً أهمية المقاومة والنضال، منذ حرب الإبادة على كوباني، التي كانت مدبرة: “فكوباني هي ساحة القائد أوجلان، ومخططهم القضاء على هذه الساحة، ولكن شعب المنطقة أدرك مخططهم وأفشله، واعتمد على نفسه، وشكل قوات عسكرية من خيرة أبنائه، وقدم الآلاف أرواحهم في سبيل هذه الأرض، وأدركوا أن من أعلنوا عن قفزة 15 آب كان همهم الوحيد أن يحيا شعبهم بسلام، ويكونوا أصحاب حقوق وهوية معلنة غير مطموسة، والثورة التي أعلنوها كانت كبيرة فهي ثورة العصر، وثورة انتصار الحق على الباطل”.

وشدد داوود في نهاية حديثه إلى أن مناطق شمال وشرق سوريا الآن تعيش مرحلة جديدة بأسلوب جديد من قبل المحتل التركي، والأنظمة الفاشية والتآمر الدولي لقلب الطاولة على مقاومة الشعوب السورية، لذلك يجب أن تدرك شعوبنا حقيقة هذه المخططات، والمؤامرات، التي تحاك، وتعمل على مجابهتها من خلال المقاومة والثبات والتضامن بين كافة الشعوب، والحؤول دون افساح المجال للمتآمرين والجواسيس، والعملاء بإحداث شروخ بين شعوبنا، وتقويض الأمان والاستقرار، الذي تنعم به مناطق شمال وشرق سوريا.