سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

قفزة الأول من حزيران وأهميتها التاريخيّة

دجوار أحمد آغا _

حركة حرية كردستان، حركة ثورية قائمة على فكر وفلسفة انطلقت من فكرة “كردستان مستعمرة” والتي تنبّه وأشار إليها القائد عبد الله أوجلان في سبعينيات القرن الماضي. هذه الحركة لا تسير وفق خط مستقيم، بل هي اختارت السير عبر قفزات تاريخية. تأسيسها جاء رداً على عملية اغتيال أحد قادتها الأوائل حقي قرار في 18 أيار 1977 فكان رد القائد عبد الله أوجلان ورفاقه على هذا الاغتيال البشع، هو تأسيس حزب العمال الكردستاني في 27 تشرين الثاني 1978. وعندما قامت الفاشية التركية بضربتها العسكرية في 12 أيلول 1980، قام قادة الحركة المسجونين بمقاومة من نوع جديد ألا وهو “صيام الموت” أي الإضراب عن الطعام حتى الموت، وقد استندت هذه المقاومة إلى صرخة الشهيد مظلوم دوغان التي أطلقها في سجن آمد العسكري بعد أن أشعل النار بجسده ليلة 20 آذار 1982 لتصبح شعلة للنوروز صرخته “المقاومة حياة” أصبحت اللبنة الأساسية بمقاومة السجون في 14 تموز 1982 والتي قادها الشهداء الأبطال (محمد خيري دورموش، كمال بير، عاكف يلماز، علي جيجك).
المراحل والانعطافات
كما ذكرنا؛ فإن هذه الحركة تسير وفق مراحل وقفزات وليس بشكل خط مستقيم. لذا؛ دوماً نرى هناك قفزات وانعطافات كبيرة في مسيرة حركة حرية كردستان. بعد مقاومة السجون التي كانت من أهم وأخطر المراحل التي مرّت عليها بسبب وجود القائد في ساحة الشرق الأوسط واعتقال معظم الرفاق القياديين في الداخل، والنشاط المكثف والكبير الذي قامت به أجهزة الاستخبارات التركية من أجل تصفية الحركة وجعل الأعضاء يوقّعون على وثيقة الاستسلام وعدم خوض النضال السياسي مقابل بعض الامتيازات، كانت الحركة قد وصلت إلى الحافة. لذا؛ فإن هذه المقاومة التي أعلنها خيري دورموش في محكمة العدو، أصبحت بمثابة قفزة تاريخية في حياة الحركة.
قفزة 15 آب التاريخية
الحركة بعد الانتصار الكبير في مقاومة السجون واضطرارها إلى التفاوض مع المناضل مصطفى قره سو الذي كان معتقلاً وقتها ومضرباً عن الطعام، قررت القيادة نقل المقاومة من السجون والمعتقلات إلى الجبال فكانت قفزة 15 آب التاريخية بقيادة الشهيد الكبير عكيد “معصوم قورقماز”. هذا التحول الكبير في مقاومة ونضال الحركة وحزب العمال الكردستاني أفقد العدو عقله، إذ كيف يُعقل أن يستطيع حزب حديث نسبياً (سبع سنوات) أن يقوم بتنظيم مقاومة عسكرية ويهاجم الجيش التركي ثاني أكبر جيش في الناتو “الحلف الأطلسي”. لكن القائد عكيد أطلق الرصاصة الأولى التي حطّمت جدار الخوف من العدو وأدخلت الخوف الى قلب العدو.
المؤامرة الكونيّة ضد القائد أوجلان
استمرت حركة حرية كردستان في مقاومة المحتل التركي وتحقيق الانتصار تلو الانتصار والشعب يلتف حولها بكل حب واحترام. استطاعت أن تنقذ شعبها من الانحلال والضياع. يقول القائد أوجلان في هذا الصدد: “لقد ناضلنا خلال الثلاثين عاماً الأولى من أجل أن نثبت وجودنا وبأننا ما زلنا أحياء”. وبالفعل أصبح هذا الشعب بفضل القيادة التاريخية للمفكر والفيلسوف الكبير عبد الله أوجلان، قادراً على قيادة نفسه بنفسه وتوجيه ضربات موجعة ومؤلمة للمحتل التركي. حينها بدأت المؤامرة الكونية التي شارك فيها إلى جانب أجهزة الاستخبارات الدولية منظمات عالمية (الماسونية، الصهيونية) تحت قيادة الحداثة الرأسمالية التي جيّشت العالم كله ضد القائد أوجلان ومن خلال خيانة اليونان تم تنفيذ المؤامرة التي بدأت في 9 تشرين الأول 1998 وانتهت المرحلة الأولى منها بخطف القائد أوجلان من العاصمة الكينية نيروني وتسليمه إلى تركيا في 15 شباط 1999.
تزايد نشاط التصفويين بعد المؤامرة
قوى الهيمنة العالمية التي خططت ونسجت خيوط المؤامرة ضد القائد أوجلان هي نفسها التي كانت تعمل دوماً من أجل القضاء على حزب العمال الكردستاني الذي لم ينتهِ بمجرد خطف قائده وبقي صامداً يقود ثورة حرية ضد الاحتلال. لذا؛ قامت بزرع عناصر عميلة لها من ذوي النفوس الضعيفة مستندين الى خطها الليبرالي لتبعد الحركة عن خط ونهج القائد الثوري وتعطي المجال للخط الإصلاحي الذي سبق أن قاده عثمان أوجلان ومجموعة معه. حاولوا إضعاف معايير الحياة الأخلاقية التي أوجدها القائد للكريلا، إلى جانب السعي لخلق قائد آخر يتماشى مع مصالحهم. لكن؛ الشعب الكردي وقوات الكريلا لم يتخلوا عن نهج القائد وفكره، وأظهروا للعدو وللعالم أجمع أن لا حياة بدون القائد.
تم إعطاء الرد المناسب للتصفويين على مؤامرتهم تلك، من خلال قفزة 1 حزيران 2004 والتي لو يقوم بها أنصار فكر وفلسفة القائد، لما بقي شيء اسمه حزب العمال الكردستاني (PKK) وكان الشعب الكردي آنذاك سيمحى من التاريخ.
هدف قفزة 1 حزيران 2004
الهدف الرئيسي من هذه القفزة كان حماية خط الحزب المستند إلى معايير وفلسفة القائد أوجلان بالإضافة الى توجيه تحذير إلى قوى الهيمنة العالمية ودولة الاحتلال التركي من التدخل في أمور الحزب والسعي إلى استغلال مسألة عدم وجود القائد بين الرفاق، إلى جانب دفع دولة الاحتلال التركي إلى طاولة المفاوضات. أي أن القفزة بحد ذاتها كانت تهدف إلى الحل.
لهذا، وفي إطار الدفاع المشروع، وبعد فترة طويلة من وقف إطلاق النار أحادي الجانب، تم تنفيذ بعض العمليات القتالية ضد المحتل التركي ضمن إطار الدفاع المشروع، وكانت هذه العمليات ضمن مستوى عالي من الدقة والنتائج. الأمر الذي أثار خوف المحتل على كافة المستويات والأصعدة حتى أن أردوغان الذي كان قد قال سابقاً لا توجد قضية كردية عادلة وقال لدى زيارته مدينة آمد الكردستانية سنة 2005 بأن “هناك مسألة كردية، في الوقت نفسه هي مسألتنا أيضاً، سنحلها”.
وهكذا نرى مدى أهمية قفزة 1 حزيران بالنسبة لنا كشعب كردي ولحركتنا التحررية التي أصبحت قائدة النضال التحرري لشعوب الشرق الأوسط والعالم بفضل فكر وفلسفة القائد عبد الله أوجلان من خلال عملية التحول الديمقراطي التي تستند إلى مفهوم ونظرية الأمة الديمقراطية.