قضية ‘‘السوبر ليغ’’ تعود للواجهة من جديد!

إعداد/ جوان محمد_

---

الثورة التي أُعلنت من قبل 12 نادياً في عام 2021، عبر تنظيم دوري باسم ‘‘السوبر ليغ’’ والتي سرعان ما تم إخمادها، فقد عادت إلى الواجهة من جديد، وذلك بعد أن أقرت محكمة ‘‘العدل الأوروبية’’، بصحة إقامة دوري “السوبر ليغ” في أوروبا، وأدانت الاتحادين الدولي (فيفا) والأوروبي (يويفا) لإعاقة تنظيم البطولة.

وأعلنت مجموعة من الأندية الأوروبية الكبرى بتاريخ 19/4/2021، عن إطلاق مسابقة جديدة للأندية بمسمى “السوبر ليغ”، التي تضمّ 12 نادياً، من أفضل الفرق في القارة العجوز. وتزامن ذلك مع توجه الاتحاد الأوروبي الى إطلاق إصلاحات واسعة على مسابقته الكبرى دوري الأبطال.

الأندية المؤسسة كانت ‘‘مانشستر سيتي، ليفربول، مانشستر يونايتد، آرسنال، تشيلسي، توتنهام ممثلين لإنكلترا، وبرشلونة وريال مدريد وأتليتكو مدريد ممثلين لإسبانيا، إلى جانب يوفنتوس وميلان وإنتر ميلان ممثلين لإيطاليا’’.

وبعد ذلك، هدد الاتحاد الأوروبي “يويفا” ونظيره الدولي “فيفا” بفرض عقوبات وسط معارضة صاخبة من الجماهير لهذا المشروع، لاسيما في إنكلترا، ما دفع إلى الانسحاب بعد 48 ساعة فقط على الإعلان عن المشروع، تسعة أندية قبل أن يلحق بهم ‘‘يوفنتوس’’ فيما بعد، وليبقى قطبي الكرة في إسبانيا فقط في الميدان، ‘‘ريال مدريد وبرشلونة’’.

ثبات الموقف من ريال وبرشلونة

وبعدها بدأ ‘‘الريال وبرشلونة’’ إجراءات قضائية لحماية موقفهما، مع مطالبة ‘‘محكمة العدل’’ بالبت في النقاط الخاصة بقانون الاتحاد الأوروبي من قبل محكمة ‘‘مدريد’’. واتهم الناديان الإسبانيان (اليويفا)، بانتهاك القوانين الأوروبية من خلال استغلال هيمنته على سوق البطولات.

وقبل أيام عادت قضية بطولة ‘‘سوبر ليغ’’ للواجهة من جديد، ولتشتعل حرب التصريحات مجدداً من قبل المساندين للمشروع ومن يعارضه، وذلك بعد أن قررت محكمة ‘‘العدل الأوروبية’’ بعدم أحقية كلاً من الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) والاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا) لمنع الأندية واللاعبين من اللعب بتلك المسابقات.

وذكرت المحكمة في حكمها: “إن قواعد (فيفا) و(يويفا) التي تجعل أي مشروع جديد لكرة القدم بين الأندية يخضع لموافقتهما المُسبقة، مثل دوري ‘‘سوبر ليغ’’، وتمنع الأندية واللاعبين من اللعب في تلك المسابقات، غير قانوني”.

وشدّد مُلخص الحكم على أنه لا يعني بالضرورة أنه يجب الترخيص لمشروع دوري ‘‘السوبر ليغ’’ في الوقت الحالي، بل يعني فقط أن الاتحادين الدولي (فيفا) والأوروبي (يويفا)، “يُسيئان استخدام مركزيهما” للهيمنة في سوق كرة القدم.

حرب تصريحات متبادلة

ومن جانبها أعلنت شركة ‘‘A22’’، الشركة التي تروّج لمشروع دوري ‘‘السوبر ليغ’’، انتصارها في هذه المعركة القانونية.

وضمن السياق ذاته، أعلن الرئيس التنفيذي للشركة ‘‘برند ريكارت’’ في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي: “لقد فزنا بالحق في المنافسة، لقد انتهى احتكار الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، لقد تحررت كرة القدم”.

ويمنع قرار المحكمة الاتحادين الدولي والأوروبي بمعاقبة الأندية التي ترغب بالمشاركة في مسابقات أوروبية أخرى.

وعلى الفور جاء رد رابطة ‘‘الدوري الإسباني’’ بسرعة كبيرة على قرار المحكمة بتجديد رفضها لإقامة مشروع دوري ‘‘السوبر ليغ’’. كما أصدر الاتحاد الأوروبي لكرة القدم “يويفا” بياناً أكد فيه أنّ قرار المحكمة لا يعني الموافقة أو التصريح بإقامة ما يُسمى “السوبر ليغ”. بينما قال رئيس نادي ‘‘ريال مدريد’’ الإسباني، ‘‘فلورنتينو بيريز’’، المؤيد لقرار المحكمة: “إنه يوم استثنائي في تاريخ كرة القدم”. وعبّر نادي برشلونة عن رضاه في بيان عن قرار محكمة ‘‘العدل الأوروبية’’ الذي أيد إقامة مشروع “السوبر ليغ”.

وتتطلع الأندية المؤسسة إلى إجراء مناقشات مع الاتحاد الأوروبي (يويفا) و(فيفا)، للوصول إلى أفضل الحلول، في الوقت الذي تبدأ فيه هذه البطولة أولى خطواتها رغم أزمة فيروس كورونا، التي أثرت على مداخيل الأندية.

بينما أبدى السويسري ‘‘جياني إنفانتينو’’، رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، احترامه الشديد لحكم محكمة ‘‘العدل الأوروبية’’ بشأن إقامة دوري ‘‘السوبر ليغ’’.

وقال رئيس (فيفا)، عبر حسابه بمنصة “إكس” (تويتر سابقًا): “مع كل الاحترام لمحكمة العدل الأوروبية، هذ الحكم لا يُغير شيئًا على أرض الواقع”.

وأضاف: “تاريخيًا، نحن ننظم أفضل المسابقات في العالم، وسيستمر هذا الأمر في المستقبل”.

وأفاد: “سنواصل تقديم البطولات الأكثر إثارة وتنافسية والأعلى قيمة، وسنستخدم إيراداتنا لتطوير كرة القدم في العالم، من خلال برامج التضامن التي تضمن استفادة القطاع الأقل حظًا من المشاركين في هذه المسابقات الكبرى”.

واختتم رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) ‘‘جياني إنفانتينو’’: “ستواصل (فيفا) القيام بذلك، كما هو الحال دائمًا، بالتعاون الوثيق مع الاتحادات الأعضاء، ومع الاتحادات القارية، ومع جميع الشركاء في الصناعة، فقط لصالح لعبتنا ولصالح الجميع على المستوى العالمي”.

وانتقد رئيس رابطة ‘‘الأندية الأوروبية’’ ونادي ‘‘باريس سان جيرمان’’، ‘‘ناصر الخليفي’’، في مؤتمر صحفي، خطط دوري ‘‘سوبر ليغ’’ الجديدة بعد صدور حكم لصالح هذا المشروع بمحكمة ‘‘العدل’’ في ‘‘الاتحاد الأوروبي’’.

وقال ‘‘الخليفي’’ خلال مؤتمر صحفي عن بُعد مع رئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، ‘‘ألكسندر تشيفيرين’’، ورئيس الدوري الإسباني ‘‘خافيير تيباس’’، وغيرهم من المسؤولين التنفيذيين في كرة القدم الأوروبية، إن: “الأمر لا يتعلق بالحرية، بل بإنشاء دوريات مُغلقة، إنهم يسعون إلى الترويج لدوري ‘‘السوبر ليغ’’، وهو أمر يبدو غريباً جداً بالنسبة لي”.

وبوصفه ممثلاً للأندية الأوروبية، أكد ‘‘الخليفي’’ أنهم متحدون “ليس بعقد قانوني بل باتفاق اجتماعي، وهي قيم يجب علينا الدفاع عنها”، في ظل الانقسامات الحالية حول هذا الأمر. كما أعرب ‘‘الخليفي’’ عن أسفه لإعادة فتح قضية دوري ‘‘السوبر ليغ’’، في الوقت الذي بدأ فيه الاتحاد الأوروبي لكرة القدم الإصلاحات اللازمة لتعديل الإخفاقات التي لوحظت في مسابقاته. لكن؛ جاء رد ورفض ‘‘بيرند ريتشارت’’ رئيس وكالة ’’ A22’’ ، الاتهامات الخاصة بأن مقترح إقامة بطولة دوري ‘‘السوبر ليغ’’، يعني أنه سيكون عبارة عن دوري مغلق تستفيد منه الأندية الكبرى فقط.

وقال ‘‘ريتشارت’’ في مؤتمر صحفي: “المشاركة ستكون مبنية على أساس الجدارة الرياضية، لن يكون هناك أعضاء دائمين، وستكون الأندية ملتزمة بدورياتها المحلية”.

وأكد ريتشارت: “سنواصل ونوسّع حوارنا مع أصحاب المصلحة في كرة القدم لشرح الخطط وتطويرها. مهمتنا هي تمكين الأندية التي ستشكل المسابقة الجديدة وتديرها، ومساعدتهم على تقديم كرة القدم التي تحلم بها”.

وأضاف أن الحكم أنهى “احتكار ‘‘اليويفا’ الذي استمر لما يقرب من 70 عاماً”، مشيراً إلى أنه ستكون هناك “مشاهدة مجانية لجميع المباريات من خلال البث المباشر” وهو ما لا ينطبق على دوري أبطال أوروبا.

ورأى عدد من روابط الدوريات المحلية مثل ‘‘الدوري الإسباني’’ ومشجعون، أن دوري ‘‘السوبر ليغ’’، سيحرم الفرق التي تحقق أداءً جيداً على الصعيد المحلي من فرصة اللعب في أوروبا.

ورفض ‘‘ريتشارت’’ هذه الفكرة، حيث قال إنه سيكون هناك ترقية، لكنه ألمح أيضاً إلى أن الفرق التي تحقق نتائج غير جيدة في البطولة المحلية يمكن أن تعود لدوري ‘‘السوبر ليغ’’ في الموسم التالي، بناءً على نتائجها الأوروبية السابقة وليست المحلية. وشدد ريتشارت “من غير العادل أن تقدم الأندية أداءً جيداً على الصعيد الأوروبي، ولن تشارك في المنافسة في العام التالي، وهذا لا يتوافق مع مفهوم الجدارة الرياضية”.

وأتم “لا يمكن للأندية تقديم التزامات تجاه اللاعبين أو البنية التحتية أو الفرق النسائية أو أي نفقات أخرى، لأنه في ظل النظام الحالي، لا تستطيع الغالبية العظمى من الأندية الاعتماد على الدخل من أوروبا”.

‘‘سوبر ليغ’’ بشكلٍ جديد

وأشارت الشركة إلى أن البطولة ستقام بمشاركة 64 نادياً مقسمة إلى ثلاث دوريات هي الأزرق، النجوم، والذهبي.

وسيضم دوري النجوم 16 فريقاً موزعين على مجموعتين، بحيث تضم كل مجموعة ثمانية فرق، والدوري الذهبي سيكون بنفس النظام أيضاً.

أما الدوري الأزرق سيضم 32 فريقاً على أربع مجموعات (كل مجموعة تضم 8 أندية)، ليصبح إجمالي المشاركين 64 فريقاً.

وبعد خوض 14 مباراة في كل مجموعة، ستقام جولات تصفية بدايةً من ربع النهائي، وستتأهل أربع فرق في كل مجموعة لتحديد البطل، أي أنه سيكون هناك بطل لكل مجموعة.

وعلاوةً على ذلك، بعد الانتهاء من المسابقة التي من المتوقع أن تقام في الفترة من أيلول إلى نيسان من عام 2024، أن تتنافس أفضل ثمانية فرق من كل دوري في الأدوار الإقصائية، بدايةً من ربع النهائي بنظام الذهاب والعودة، بينما يقام النهائي من مباراة واحدة على ملعب محايد.

وسيهبط أسوأ فريقين في دوري النجوم إلى الدوري الذهبي، حيث سيتم ترقية أفضل فريقين مباشرةً إلى الدرجة الأعلى.

وسينطبق الأمر نفسه على الدوريين الذهبي والأزرق، وسيغادر أسوأ 20 فريقاً، وسيتم استبدالهم بفرق أخرى، اعتماداً على الأداء في الدوريات المحلية.

وستعمل النسخة النسائية بالطريقة نفسها، باستثناء أنها ستضم عدداً أقل من الفرق (32 فريقاً فقط)، مقسمين إلى مجموعتين، دوري النجوم والدوري الذهبي. ويخطط ‘‘السوبر ليغ’’ لبث المباريات مجاناً عبر منصة فعاليات مباشرة.

بينما أصرَّ رئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، ‘‘ألكسندر تشيفرين’’، على أن الشكل الجديد لدوري السوبر الأوروبي “مغلق أكثر” مما كان عليه في العام 2021، لكنه يأمل “بشكلٍ ساخر”، أن “تبدأ بطولتهم الرائعة في أقرب وقت ممكن، مع ناديين فقط”.

الأندية الكبيرة ترفض البطولة

وعبر بيانات منفصلة أبدت أندية ‘‘روما والأنتر ومانشستر يونايتد ومانشستر سيتي وآرسنال وتشيلسي وأستون فيلا وليفربول وبايرن ميونخ وبروسيا دورتموند وباريس سان جيرمان وموناكو’’، عن رفضهم لهذا الدوري والتمسك بالبطولات التي تقام من قبل (فيفا) و(يويفا)، فقط.

وكل هذا الدعم صب في صالح “يويفا”، ورئيسه السلوفيني ‘‘ألكسندر تشيفيرين’’، الذي بدا مرتاحاً لدرجة السخرية من ‘‘ريال مدريد وبرشلونة’’، بقوله “آمل أن تنطلق بطولتهما الرائعة بمشاركة فريقين”، مضيفاً: “لن نحاول إيقافهما، يمكنهما إنشاء ما يريدان”.

بينما أبدى ‘‘أوريليو دي لورينتس’’ رئيس نادي ‘‘نابولي’’، ترحيباً مبدئياً بمشاركة الفريق الإيطالي في بطولة ‘‘السوبر ليغ’’.

ولم يغلق ‘‘دي لورينتس’’، الباب تماماً مثل أندية عديدة أبدت اعتراضها علناً على ‘‘السوبر ليغ’’، قائلاً: “إنه بدأ مناقشات مع ‘‘فلورنتينو بيريز’’ رئيس نادي ‘‘ريال مدريد’’”.

ووسط كل هذه الحروب بالتصريحات والبيانات، وبعد فوز ناديا ‘‘الريال وبرشلونة’’ بالخلاص من أية عقوبة قد تُفرض عليهما من الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) أو الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا)، بعد قرار محكمة ‘‘العدل الأوروبية’’، وأنه لا يجوز معاقبة الأندية التي ستشارك في بطولات خارج المسابقات التي تقام تحت مظلتهما، فهل سنشهد بالفعل في هذا العام إقامة بطولة ‘‘سوبر ليغ’’؟ وهل ستتسع دائرة الموافقة على المشروع؟.