سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

قرية الجارودية.. مثال للتعاون والحياة الجماعية

تعد قرية الجارودية التابعة لديرك بإقليم شمال وشرق سوريا، مثالاً للحياة الجماعية، يعمل سكانها على تعزيز أسس الأمة الديمقراطية، وتجسد نساؤها معنى التضامن في ظل الكومينات والأنشطة التعاونية، مؤكدين أن “نظام الكومينات والتعاونيات هو الرد على الهجمات”. 
تُعزز أسس الأمة الديمقراطية في شمال وشرق سوريا في الكومينات والتعاونيات، لأن النظام الجماعي بات حيوياً ويعمل بنشاط في القرى والأحياء كما في قرية الجارودية التابعة لديرك، بقيادة نسائية يتم حل مشاكل القرية في الكومين، ومن خلال التعاونية، التي أنشأها القرويون، يقومون بتطوير اقتصادهم المجتمعي.
نجاح كومين القرية والنظام التعاوني 
وتعدُّ قرية الجارودية من الأمثلة على نجاح كومين القرية والنظام التعاوني، حيث تتكون القرية من 47 عائلة من سبع عشائر مختلفة، ومنذ انطلاق ثورة المرأة في 19 تموز 2012 بإقليم شمال وشرق سوريا، تم تأسيس كومين القرية تحت اسم كومين الشهيد كاني، ومع مرور الوقت تم تنفيذ الأنشطة الاقتصادية والثقافية والصحية، وتأسيس لجان الصلح، وما إلى ذلك تحت مظلة الكومين.
وللتعرف أكثر على الحياة الجماعية، التي أنشأها الكومين والأنشطة التعاونية في قرية الجارودية، كان لوكالة أنباء المرأة لقاء مع الرئيسة المشتركة لكومين الشهيد كاني في القرية، وأحد ممثلي تعاونياتها “نيريمان حسين”، والرئيسة المشتركة للجنة الصلح في كومين الشهيد “ناجدة خليل”.
أهمية الكومين
 وأكدت “نيريمان حسين“، أهمية إنشاء النظام السليم للكومين وتأثيره على العلاقة بين العائلات، التي تعيش في
القرية: “لقد أحب سكان هذه القرية بعضهم، فهناك تضامن كبير بينهم، على الرغم من وجود سبع عشائر مختلفة فيها، إلا أن من يزورها لا يلاحظ هذا الاختلاف، هناك روح التضحية في القرية منذ بداية الثورة، لم نسمح لمشاكلنا الوصول إلى الجهات العليا بل نحلها فيما بيننا، إذا كانت لدينا مشكلة نعقد اجتماعات، وتحل المشكلات من خلال اللجان سواء كانت مشكلة تخص القرية، أو كان وضعاً خاصاً”.
إنشاء اللجان الرئيسية 
وعن إنشاء اللجان الرئيسية تحت مظلة الكومين، أكدت نيريمان: “لدينا لجان صلح، ولجان مالية، وأكاديمية منذ خمس أو ست سنوات، وتم إطلاق دورة تدريبية تعلم 30 شخصاً فيها مبادئ الإسعافات الأولية، أنا من الذين تعلموا الإسعافات الأولية، والحقن والمصل، كما افتتحت دورة تدريبية لقوى الحماية الجوهرية في القرية، وقد تلقى هذا التدريب في مجال الحماية 30 شخصاً، بينهم نساء لأن المرأة تلعب دورها بشكل جيد هنا، وفي قرية الجارودية بشكل خاص يحتل عمل المرأة الصدارة أي أن المرأة تأخذ زمام المبادرة في كل شيء”.
أول تجربة تعاونية في القرية
 وعن إنشاء اللجنة الاقتصادية أوضحت نيريمان: “بعد أن بدأت الثورة وقمنا بتأسيس الكومين، اجتمعنا بالقرويين، وأخبرناهم، إننا سنقوم بشيء ملموس يستفيد منه الجميع، في ذلك الوقت وبمساعدتهم قمنا بإنشاء حديقة، في البداية زرعنا الأشجار الحراجية، والأشجار المثمرة، التي تفيد العائلات، لذلك زرعنا أشجار الفاكهة بجوار تلك الحديقة، ويتم توزيع منتجاتها على أهالي القرية، وهي تغطي احتياجات 32 عائلة في القرية، اليي ساعدت على زراعتها والاعتناء بها”.
التعاون وتقاسم المنتجات بالتساوي
وفي تعاونية قرية الجارودية تمت زراعة القمح والكزبرة، والحبوب على مساحة 50 دونماً من الأراضي هذا العام، حيث ذكرت نيريمان حسين أن الخدمات الضرورية للتعاونية تتم بشكل منسق بمساهمة الأسر المشاركة في التعاونية.
وعن تنظيم التعاونية، قالت نيريمان: “العائلات تذهب إلى الحصاد معاً، وتعمل في الأرض معاً، الآن يقومون بالحصاد ولم يبق الكثير لإنهاء العمل، فيقوم قسم من الأهالي بتحميل المحصول والقسم يحصدون، وتعمل هذه العائلات الـ 32 معاً مهما اقتضت حاجة الأرض والتعاونية، ثم نجتمع معاً ونقدر المبالغ، التي نحتاجها للزراعة والتسميد والمبيدات وما إلى ذلك، وتدفع كل أسرة جزءاً من المال لتغطية هذه الاحتياجات، بالمقابل يتم أيضاً تقاسم غلة الأرض، التي يتم الحصول عليها بين هذه العائلات، من أجل العمل التعاوني نعقد اجتماعاتنا ونناقش أسس العمل معاً ونقوم بتشكيل مجموعات، كل مجموعة تركز على مهمة ما، فهناك سبعة أشخاص هم المسؤولون عن الحصاد، يتبادلون مع سبعة أشخاص آخرين للحصول على الراحة، هذه هي الطريقة التي تسير بها أعمالنا”.
أصبحت الثقة أكبر بعد نجاح التعاونية 
ولفتت نيريمان حسين الانتباه إلى الصعوبات التي واجهوها في بداية تأسيس التعاونية، وعلى رأسها انعدام الثقة “ما إذا كانت ستنجح أم لا”، “التعاونية بدأت بـ 22 عائلة، لكن مع توسع العمل والثقة بعمل التعاونية، وصل عددهم الآن إلى 32 عائلة”، مضيفةً “نجاحها منح الأهالي المزيد من الثقة، وبالتالي العمل يتزايد والمشاركة والانضمام إلى التعاونية يتزايد أيضاً، تم حل العديد من المشاكل، التي واجهناها في البداية، الآن أصبح عمل التعاونية مفهوماً بشكل أفضل وسلاسة أكثر”.
وأشارت إلى أنهم من خلال بيع الفائض من المنتجات التي تبقى في أيديهم يسدون احتياجات التعاونية “في العام الماضي قمنا بزراعة محصول البطاطا في حديقة القرية، أخذنا احتياجات العوائل منها، وقمنا ببيع الفائض في سوق قامشلو، وبالأموال التي كسبناها، تمكنا من تلبية احتياجات التعاونية مرة أخرى، وبهذه الطريقة قمنا أيضاً بتطوير التعاونية”.
“تنمية وتطوير التعاونيات والكومينات هي الرد على الهجمات” 
ولفتت نيريمان حسين الانتباه إلى هجمات الاحتلال التركي على إقليم شمال وشرق سوريا، والحصار المفروض على المنطقة: “أتمنى من كل قرية أن تطور العمل التعاوني، وأن تدير مصالحها إن أمكن ذلك، فتطوير نظام الكومينات والأنشطة التعاونية، هو الرد الأفضل والأبرز على الهجمات والحصار”.
وأضافت: “يمكن لكل قرية أن تبني وتعزز تعاونياتها مثل قرية جارودية، ومهما كانت احتياجاتهم، يمكنهم الجلوس معاً، ويمكن لكل قرية تطوير العمل التعاوني فيها، نريد أن تتحمل كل قرية المسؤولية وتدير نفسها وتعزز مبدأ العمل التعاوني، لأن تطوير التعاونيات والكومينات هو الرد على من يعادون شعوب المنطقة، وطالما أن عملنا يتقدم بغض النظر عن عدد الأبواب التي أغلقوها بوجهنا، فإننا سنفعل ما هو مناسب وسننجح”.
“تضامننا يتعزز مع الكومينات والتعاونيات”
من جهتها أعربت الرئيسة المشتركة للجنة الصلح في كومين الشهيد كاني بقرية الجارودية “ناجدة خليل“، عن رأيها حول الروح التعاونية والجماعية، التي يتحلى بها أهالي القرية: “نقوم بأعمالنا معاً في القرية هناك حب كبير وتضامن، عملنا في الكومين نشط، أنا الرئيسة المشتركة لمجلس الصلح، في القرية عندما يتخاصم شخصان نعمل بكل جهد للإصلاح بينهما، في مثل هذه الحالة نجتمع بأعضاء الكومين، ونساعد بعضنا البعض في حل المشكلة”.
واختتمت الرئيسة المشتركة للجنة الصلح في كومين الشهيد كاني بقرية الجارودية ناجدة خليل: “فالرجال والنساء يعملون معاً في أنشطتنا التعاونية في القرية، قد لا نكون قادرين على القيام بما يفعله الرجال، ولكننا نفعل ما بوسعنا، كنا قد زرعنا القمح في الحديقة لنصنع منه الفريك، قمنا بالعمل المطلوب معاً رجالاً ونساءً، وأنا أفعل ما يتوجب عليّ مهما كانت الاحتياجات، التي تترتب في القرية فأنا أيضاً أشارك فيها، ودعوتي لكافة النساء أن يساعدن بعضهن البعض، ويكن عاملات بأسلوب العمل المنتج في كل مكان يوجدن فيه”.
وكالة أنباء المرأة