في يوم الصحافة الكردية… تجارب شمال وشرق سوريا صقل للخطوات الأولى

الدرباسية/ نيرودا كرد –

أكدت إعلاميات من إقليم شمال وشرق سوريا على أن السلك الإعلامي في هذا الإقليم مستند إلى اللبنات الأولى للصحافة الكردية، وأشرن إلى أنه صقل للخطوات الأولى، التي رُسمت آنذاك.

يصادف الثاني والعشرون من شهر نيسان الذكرى السنوية السادسة والعشرين بعد المائة ليوم الصحافة الكردية، والذي جاء مع تأسيس أول صحيفة كردية صُدرت عام 1898 في العاصمة المصرية القاهرة على يد الأمير مقداد مدحت بدرخان، والتي حملت اسم “كردستان”.

واستمرت المسيرة النضالية للصحافة الكردية حتى بعد إغلاق هذه الصحيفة، حيث واجهت صعوبات جمة، لكنها استطاعت أن تبني صروحاً في مجال الصحافة، كما أُسِّس صدور “مجلة هاوار”، التي أصدرها جلادت بدرخان عام 1932، والتي عُدت أول مجلة كردية تُصدر بالأحرف اللاتينية، ومن بعدها مجلة صوت كردستان في عام1986، التي صُدرت باللغة العربية، وكذلك قضائية MED TV التي أُسِّست 1995 في العاصمة البلجيكية بروكسل، ولعبت هذه المؤسسات دوراً ريادياً في تسليط الضوء على قضية الشعب الكردي.

ونتيجة التأثير الكبير للإعلام الكردي في مجرى تطور قضية الشعب الكردي، سعت الدول المستعمرة لكردستان إلى خنق صوت هذا الإعلام بهدف كسر إرادة الشعب الكردي، ومنعه من إيصال صوته إلى الخارج. ولكن هذه المحاولات كلها باءت بالفشل، حيث لا يزال الإعلام الكردي يترك حتى يومنا هذا بصمات لن تُمحى في القضية الكردية.

إقليم شمال وشرق سوريا مثال لبروز الصحافة الكردية

ولا تزال الصحافة الكردية تُبدي مقاومة عظيمة في سبيل الدفاع عن القضية الكردية، وعن الشعب الكردي في وجه الهجمات، التي تتعرض لها كردستان. حيث كان لثورة روج آفا (19تموز) دور كبير في ظهور الصحافة الكردية بشكل أفضل، وعلى نطاق أوسع، حيث افتتحت العشرات من المؤسسات الإعلامية المقروءة منها والمسموعة والمرئية قبيل وبعد الثورة، ومنها صحيفة روناهي، التي استكملت دور صحيفة كردستان، والتي أُسِّست في السادس عشر من شهر تشرين الأول عام 2011، ومن بعدها وكالة أنباء هاوار، وفضائية روناهي، وفضائية روج آفا، ومجلة آفاق المرأة، وقناة JIN TV، ووكالة أنباء المرأة، وردايو ستار، وراديو خابور، وراديو صوت الدرباسية، وراديو جودي، وراديو الشمال، وراديو صوت الحياة، ووكالة نورث بريس، وغيرها من المؤسسات الإعلامية، التي وضعت على عاتقها إيصال صوت الشعب الكردي، وشعوب المنطقة إلى أنحاء العالم المختلفة.

وبهذه المناسبة تحدثت إعلاميات من إقليم شمال وشرق سوريا عن تجربة الصحافة الكردية بشكل عام، وتجربتهنَّ في إقليم شمال وشرق سوريا بشكل خاص. الإعلامية في إذاعة درباسية أف. أم، هيفيدار خلف، أشارت في حديث لصحيفتنا، إلى أن الحديث عن الصحافة الكردية، هو تسليط للضوء على مراحل كبيرة من النضال والتضحيات.

وقالت: “لا يُخفى على أحد المصاعب، التي ظهرت آنذاك لتأسيس أول صحيفة كردية، حيث أن مؤسسيها بذلوا جهداً كبيراً لتأسيس هذه الصحيفة. والدافع الأساسي لبذل هذه الجهود كان الدفاع عن القضية الكردية، والدفاع عن الحقوق المشروعة للشعب الكردي”.

ولفتت هيفيدار: “مرت الصحافة الكردية في مراحل متعددة، وتواترت هذه المراحل بين صعود وهبوط. ففي الكثير من الأحيان كان يطغى على العمل الصحفي الكردي الطابع السري، سواء كان في الإصدار أو في التوزيع. كما أنه مرت فترات طويلة من انقطاع صدور الصحف والمجلات الكردية. والسبب في ذلك يعود إلى ملاحقة الأنظمة الغاصبة لكردستان للعمل الصحفي الكردي بهدف إسكات صوت الشعب الكردي”.

مواصلة النضال

وأوضحت في حديثها الصعوبات والعوائل، التي واجهت الصحافة الكردية: “بالرغم من تلك المحاولات، إلا أن تلك الأنظمة فشلت في الوصول إلى غاياتها. حيث أصر الشعب الكردي على إصدار صحفه ومجلاته وفضائياته، كي تكون صوتا طليقاً مدافعاً عن حقوق الشعب الكردي. وهنا، لا بد من الإشارة إلى تجربة الإعلام في إقليم شمال وشرق سوريا، تلك التجربة التي لعبت دوراً رئيساً لإيصال صوت هذه الثورة إلى شعوب المنطقة والعالم أجمع”.

كما واستذكرت الإعلامية هيفيدار التضحيات الجسام التي قدمها الشعب الكردي لمواصلة النضال في هذا المجال: “إصرار هذا الشعب، أدى إلى تقديمه عدداً كبيراً من الضحايا على طريق الإعلام، سواء شهداء أو جرحى، أو حتى مختطفين، كالزميل الصحفي سليمان أحمد، الذي لا يزال مصيره مجهولاً على يد سلطات الديمقراطي الكردستاني”.

المرأة والإعلام

لعبت المرأة دور القيادة في مجالات الحياة ضمن الثورة، وكان دورها في المجال الإعلامي الأبرز في ذلك، وبهذا الخصوص: “كان للمرأة دور ريادي في مجال الإعلام في ثورة التاسع عشر من تموز في شمال وشرق سوريا، والتي سُميت نتيجة هذا الدور بثورة المرأة. حيث تُثبت المرأة مع كل مطلع شمس جديد، على أنها خير من رفع لواء ثورة شمال وشرق سوريا، وخير من دافع عن حقوق الشعب الكردي، سواء كان بقلمها أو ببندقيتها، أو بغيرها من وسائل النضال”.

الإعلامية في إذاعة درباسية أف. أم، هيفيدار خلف، أنهت حديثها بتجديد العهد للاستمرار بالنضال وتحقيق النصر المحتوم: “بالرغم من الضغوطات الكبيرة، التي نتعرض لها نحن الإعلاميات والإعلاميين، إلا إننا مُصممون على مواصلة درب النضال حتى تحقيق نصرنا. وذلك لأن الأساس الفكري الذي نعتمد عليه في نضالنا هذا، هو فكر الأمة الديمقراطية، والذي لا يمكن أن يُكتب له إلا النصر”.

تجربة تاريخية

وبدورها وصفت الإعلامية في وكالة هاوار للأنباء، هنار إبراهيم في حديثها لصحيفتنا، تجربة الصحافة الكردية بالتجربة التاريخية.

وتابعت: “الصحافة الكردية عاشت عمراً كبيراً، ولم يأتِ ذلك بالسهولة، بالمقاومة والنضال من أجل إظهار صوت الحق، وتغيير الذهنية الذكورية السلطوية. كما أن الصحافة الكردية التي صدرت في مراحل مختلفة، وعلى امتداد مشوار شاق وطويل يمكن تصنيفها ضمن عدة مراحل. منها نتاج لاجتهادات شخصية لأدباء وسياسيين ومثقفين كرد، والأخرى تمثل جزءاً من أدبيات الأحزاب السياسية التي أُسِّست في تلك الحقبة”.

وزادت: “من خلال ثورة روج آفا، لعبت الصحافة الكردية دوراً كبيراً في إظهار حقيقة الثورة، وصمود المرأة فيها، فإن المرأة الكردية لها دور كبير في عمل الصحافة بثورة روج آفا. حيث كسرت بكاميرتها وقلمها، الذهنية التي جعلت المرأة لا شيء، فعلى العكس ركزت على دور المرأة وصمودها في المجالات كافة. ومن أهم الإنجازات، التي حققتها المرأة الكردية في الصحافة الكردية، تطوير العمل التلفزيوني والإذاعي والوكالات وغيرها”.

الإعلامية في وكالة هاوار للأنباء، هنار إبراهيم، أنهت حديثها: “التضحيات، التي قُدمت في المجال الصحفي والإعلامي هي من أجل إظهار حقيقة وصمود وإرادة الشعب أمام الهجمات، التي يتعرض لها، وخير دليل على ذلك، هو استشهاد الشهيدة دليشان إيبش، التي استشهدت، وهي تحاول إظهار حقيقة ووحشية داعش الإرهابي وإنقاذ النساء والأطفال من قبل وحدات حماية المرأة ووحدات حماية الشعب”.