في يومهن العالمي لاعبات ينتقدن بلدانهن لإهمال الكرة النسائية

إعداد/ دلير حسن_

---

في بلدان تدّعي الديمقراطيات وتأمين المساواة بين الجنسين، ودعم حقوق المرأة، يظهر في الجانب الرياضي كلاماً مغاير تماماً، وتوضّح ذلك من خلال تصريحات إعلامية انتقدت إهمال الكرة النسائية في بلدان مثل إسبانيا وألمانيا.

 وفي اليوم العالمي للمرأة الذي يصادف الثامن من آذار من كل عام، ظهرت انتقادات لعدم المساواة وإهمال الكرة النسائية في إسبانيا وألمانيا، ومثل هذه الأحاديث والتصريحات تظهر بشكلٍ دائم، في ظل تنامي لعبة كرة القدم النسائية أوروبياً وعالمياً.

فقد نددت أماندا جوتيريز رئيسة اتحاد لاعبات كرة القدم المحترفات في إسبانيا، بأوجه القصور المنهجية في الكرة النسائية الإسبانية. وترى أماندا جوتيريز أن المسؤولين عن الكرة النسائية الإسبانية، لا يقومون بحماية اللاعبات.

وعن وضع الكرة النسائية في إسبانيا بعد التتويج بكأس العالم في العام 2023، قالت أماندا، التي جرت المقابلة معها بمناسبة اليوم العالمي للمرأة: “على المستوى الرياضي، نحن نتقدم ونفوز بكل شيء”.

وأضافت: “لكن لسوء الحظ على المستوى المؤسسي والإداري، نجد أنفسنا أمام الكثير من العوائق”.

وأشارت إلى أنه “في بعض الأحيان يبدو أن الفوز بكأس العالم، لم يُشكّل سابقة، خاصةً في الدوري، لدرجة أننا لا نرى أي تقدّم، بل على العكس، المواهب تغادر إسبانيا”.

وأبرزت أن وضع اللاعبات أفضل مما كان عليه عام 2018 “ولكن لا يزال لدينا الكثير من أوجه القصور”.

ونوهت: “هناك أندية ليس لديها غرف تغيير ملابس خاصة بها، ولا ترغب في دفع حد أدنى للراتب قدره 21 ألف يورو، وهو مبلغ منخفض للغاية بالنسبة للدوري الذي تلعب فيه معظم بطلات العالم”.

هذا الكلام يوضح مدى اللامبالاة بالإنجازات التي تحققت في الكرة الإسبانية النسائية، وعكس الحال في حال فوز منتخب الرجال بأي لقب حتى لو كان في بطولة ودية، فعلى الفور المكافأة والثناء يظهر للعلن للاعبين وللكادرين الفني والإداري، وسط اهتمام إعلامي كبير يواكب ذلك الانتصار والفوز باللقب. بينما في الجانب الآخر وعندما يتحقق لقب عالمي على صعيد الكرة النسائية نجد أن القضية تنتهي بحفل استقبال هذا في حال وجِد.

استياء من وضع الكرة النسائية العالمية

 من جانبها تعتقد ميرل فرومس، حارسة مرمى المنتخب الألماني لكرة القدم للسيدات، أن المساواة في الرواتب بين السيدات والرجال في كرة القدم الاحترافية أمر غير واقعي.

وقالت ميرل فرومس /29 عاماً/ لمجموعة “فونكه” الإعلامية بمناسبة اليوم العالمي للمرأة: “لا أعلم ما إذا كنا سنتمكن من الوصول لهذا يوماً ما”.

لا تعتقد ميرل فرومس أنه من الحكمة لكرة القدم النسائية أن “تسعى لتحقيق كل ما حققه الرجال في كرة القدم”.

وأضافت ولكن مع ذلك، مازال هناك أمل بتطوير الكثير من الأمور في كرة القدم النسائية.

وقالت لاعبة فولفسبورغ، الذي هيمن فريقها على كرة القدم النسائية في ألمانيا مع بايرن ميونخ وآينتراخت فرانكفورت: “يجب أن تتوافر أفضل الظروف للاعبات ملاعب تدريب جيدة، رعاية طبية جيدة”.

وزادت: “بالنسبة للدوري، يجب أن يكون مثيراً حتى لا يكون لديك ثلاثة فرق فقط تنافس على اللقب، وأن تكون كل الجولات مثيرة وألا يكون هناك مباريات معروف نتائجها مسبقاً”.

إن كلام حارسة المرمى ميرل فرومس يوحي بأن بالفعل لا يوجد اهتمام حقيقي بالكرة النسائية أسوةً بكرة الرجال، وهذا التصريح ليس الأول من نوعه، فقد وجهت انتقادات أيضاً في العام الماضي 2023، خلال معسكر المنتخب الألماني في مدينة ويونغ النائية التي تبعد نحو 100 كيلومتر شمال سيدني، تحضيراً لمونديال العالم الذي أقيم في دولتي استراليا ونيوزيلندا بمشاركة 32 دولة.

وكان المنتخب الألماني للسيدات، المتوج ببطولة كأس العالم مرتين، قد خرج من دور المجموعات للمرة الأولى في تاريخ مشاركاته بالمونديال.

وقالت وليا شولر مهاجمة فريق بايرن ميونيخ عقب الخروج من مونديال العالم 2023: “كنت أود الحصول على مزيد من الحرية، فخلال وجود المنتخب الألماني للسيدات بمعسكره في ويونغ، جرى تسكين كل لاعبتين في غرفة!”.

 كما ووزع الاتحاد الألماني لكرة القدم لافتات في مختلف الأماكن بالمعسكر حملت عبارات توجيهية بأسلوب غير لقب، وانتقدت اللاعبة لينا ماغول ذلك، بالقول أعتقد أن الهدف كان جيداً، لكن الأمر لم يُكن مبرراً.

تقارير تنتقد عدم المساواة

وفي العام 2023، وقبل بدء منافسات مونديال العالم الذي أُقيم في أستراليا ونيوزلندا نشرت منظمة هيومن رايتس ووتش تقريراً، يناقش مدى تحقيق المساواة بين الجنسين في كأس العالم، بما في ذلك مناقشة أشكال التمييز في الأجور، ومعاناة بعضهن من التعرض لانتهاكات بينها التحرش، والاعتداء الجنسي.

ووفقاً للتقرير، فقد تراجع رئيس الفيفا جياني إنفانتينو، والذي يبلغ مجموع راتبه الأساسي ومكافآته 3.9 ملايين دولار، عن وعده في حزيران المنصرم بحصول كل لاعبة في البطولة على 30 ألف دولار، معترفًا ضمنيًا بسرقة الأجور السابقة في كأس العالم للسيدات، ومعلناً في المؤتمر الصحفي أن دفع المكافآت متروك لاتحادات كرة القدم الوطنية لكل دولة.

وأوضح ذلك التقرير فشل الفيفا في حماية لاعبات كرة القدم، ولكنه لا يشكّل مفاجأة، لأنه حدث ذلك في رياضات أخرى مثل التنس، كما فشل، فيما يتعلق بقضايا الأجور، وأنظمة أماكن العمل التي تفتقد الحماية من الانتهاكات.

كما أن منتخب كندا لكرة القدم للسيدات، فقد أعلن عن دخوله في إضراب، ومقاطعة معسكر الفريق قبل بطولة كأس العالم 2023، احتجاجاً على عدم المساواة في الأجور. بينما خاض فريق المنتخب الأمريكي للسيدات معركة من أجل المساواة في الأجور، وتوصل الفريق خلال أيار 2022 لاتفاق، بشأن المساواة في الأجور بين لاعبي المنتخبين الأمريكي للرجال والسيدات.

وكانت لاعبات المنتخب الأمريكي للسيدات قد رفعن دعوى تمييز في عام 2019، وجرى التوصل إلى تسوية، تضمنت دفع تعويضات بقيمة 24 مليون دولار.

وحتى الآن، كافحت سبعة منتخبات وطنية للسيدات، حيث حققت المساواة في الأجور، ولكن بالنسبة لمعظم النساء البالغ عددها 736 امرأة، في 32 فريقًا متنافسًا، تظل ظروف العمل اليومية بعيدة عن المساواة مع الفرق الوطنية للرجال.

كما أنه أظهر استطلاع أشرف عليه الاتحاد الدولي للاعبين المحترفين في العام الماضي أن اللاعبات اللاتي يمثلن دولهن للتأهل لكأس العالم لكرة القدم ويخاطرن بسلامتهن جراء سوء حالة الملاعب، كما تلعب الكثير منهن بدون أجر.

وقال ما يقرب من 30% من اللاعبات الدوليات اللاتي شملهن الاستطلاع إنهن يلعبن دون أي مقابل، بينما قال الثلثان إنهن اضطررن إلى أخذ إجازة غير مدفوعة الأجر من وظائفهن لتمثيل بلادهن في البطولات القارية.  وكشف التقرير، عن مشاعر استياء واسعة النطاق من حالة الملاعب والرعاية الطبية وغياب المعايير العالمية مما دفع اتحاد اللاعبين المحترفين إلى الدعوة لمراجعة عملية التأهل لبطولات الاتحادات القارية الستة.

وقال الاتحاد الدولي للاعبين المحترفين: “الظروف التي تتعرض لها اللاعبات خلال بعض أكبر اللحظات التنافسية في حياتهن لا ترقى إلى مستوى معايير النخبة الكروية الدولية مما يعرض اللاعبات والرياضة للخطر”.

وأضاف: “يدعو الاتحاد الدولي للاعبين المحترفين بشدة صناعة كرة القدم إلى إلقاء نظرة فاحصة على عمليات التأهل في جميع بطولات الاتحادات القارية الستة”.