سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

في سوتشي لمن الفوز؟!

آلدار آمد –

دخلت الأزمة السورية مرحلة جديدة من حيث القوى المتصارعة الداخلية والخارجية، بعد أن تم القضاء على الكثير من معاقل داعش، حيث ستبدأ ملامح الخلافات بين القوى الخارجية، والتي كانت تتفق فيما بينها من قبل حول قضايا عديدة، وبالطبع لكل من هذه القوى أهدافها وأجنداتها الخاصة بها من حيث هذا التعاون. ونقصد هنا اجتماع آستانا، حيث كانت أهداف الدول الثلاث من هذا الاجتماع تختلف عن بعضها البعض، فالأهداف التركية واضحة ومعروفة للجميع منذ البداية، وهي خشيتها من حصول الشعب الكردي في سوريا على حقوقه القومية من جهة وتحقيق الديمقراطية في سوريا من جهة أخرى، وهذا ما لا تقبل به الفاشية التركية حتى لو تنازلت عن عاصمتها أنقرة لروسيا. بينما كان الهدف الإيراني هو إنجاح المشروع الشيعي، الممتد من إيران حتى البحر المتوسط عبر العراق وسوريا ولبنان من أجل بسط سيطرتها ونفوذها على المنطقة برمتها، والذي يعد مشروعا مرفوضاً من قِبل جميع القوى الإقليمية والدولية، أما روسيا فلم يكن لها هم سوى الحفاظ على وجودها على ساحل البحر المتوسط، والاستيلاء على أحواض الغاز المكتشفة في شرق المتوسط، عبر دعم النظام السوري والحفاظ عليه، وظهر ذلك من خلال التوقيع معه على اتفاقية لمدة 49 عاماً بحيث تضمن مصالحها لعقود. ولتأمين هذه المصالح كان لا بد لها العمل مع كل من إيران وتركيا وجعلهما وسيلتان لقمع الثورة السورية على مراحل من خلال اجتماعات آستانا، والرئيس الروسي يدرك تماماً بأن تركيا ستنفذ كل رغبات روسيا، إذا ما تعلق الأمر بالقضية الكردية التي يخشى أردوغان منها؛ ولهذا كان الموقف الروسي مبهماً وغامضاً من القضية الكردية في سوريا بين السلبي والإيجابي؛ وذلك حسب المواقف التركية من الأزمة السورية، والتي كان تهدد بها تركيا بكل صراحة وعلنية بأنهم “أي الروس” سيدعمون الإدارة الذاتية الديمقراطية في الشمال السوري، إذا لم ترضخ لها وتنفذ قراراتها، هذا وقد عملت روسيا من خلال اجتماعات آستانا على الترويض التدريجي للثورة السورية والفصائل المسلحة التابعة لتركيا، وتمكنت من بسط سيطرة الدولة السورية على جميع المناطق التي خسرتها وذلك بالتعاون مع تركيا التي كانت تتنازل عن دعم المعارضة وتبيعها في المزاد مقابل التهديد الروسي لهم بالكرد حتى وصلت إلى النقطة الأخيرة وهي منطقة إدلب، والتي يدور الجدل والنقاش حول كيفية استعادتها والقضاء على الارهاب المتواجد فيها، حيث تضم هذه البقعة الجغرافية جميع إرهابي ومرتزقة العالم وهذه حقيقة يدركها العالم بشرقه وغربه، فكيف سيتم التخلص من هذا الإرهاب والذي يهدد العالم أجمع.

إن اتفاقية سوتشي الأخيرة بين كل من الدولة التركية وروسيا بإيجاد منطقة عازلة بين قوات النظام والمرتزقة يمكن أن تكون بداية نهاية الوجود التركي ومرتزقة أردوغان في سوريا، وذلك يكمن بإيجاد منطقة آمنة للإرهاب العالمي في إدلب كحل للأزمة وهذا الأمر غير ممكن، فهذه المنطقة الآمنة ستكون مصدر خطر دائم على الشرق والغرب وهذا ما لا يمكن قبوله من قِبلهم، ويبدو أنها مرحلة مؤقتة حتى تتم تهيئة الظروف للانقضاض النهائي عليهم وهذا ما يسعى إليه الجميع وستنفذ بعض البنود من الاتفاقية، من قبل الدولة التركية منها سحب الأسلحة الثقيلة وهي محاولة من الروس لإضعاف هذه القوى الإرهابية، وتأمين الطرق الدولية بسيطرة النظام السوري عليها والعمل من بعدها على شن حرب شاملة ضدهم. أما من سيقوم بالحرب على هذه العصابات في إدلب، فأعتقد ان قوات التحالف الدولي بالتعاون مع قوات سوريا الديمقراطية هي التي ستقوم بهذه المهمة، ففي الوقت الذي سيتم تنفيذ بنود اتفاقية سوتشي والتي بموجبها سيسيطر النظام على المناطق الجنوبية من إدلب، وتتم تحديد المنطقة الآمنة بعد فصلها بالشريط العازل، ستتوجه قوات سوريا الديمقراطية إلى مقاطعة عفرين من أجل تحريرها والتي لن تتوقف، بل ستتقدم لتشمل منطقة إدلب الشمالية حتى تحريرها بالكامل، وستكون بناء على طلب أهالي المنطقة التي ترزح تحت نير الارهاب، حيث ليس لأهالي إدلب سوى الاستنجاد بقوات سوريا الديمقراطية التي ستلبي طلب الاستغاثة، وبخاصة إن قوات سوريا الديمقراطية أعلنت مراراً وتكراراً بأنها ستحارب الإرهاب أينما وجد على الساحة السورية. أما بشأن التعامل مع الإرهابيين فسيكون وفق طريقتين حسب جنسياتهم: الأولى لا يمكن القبول بخروج أي مرتزق أجنبي من إدلب حياً وسيتم القضاء عليهم نهائياً وهذا هدف مشترك تتفق عليه أوروبا وأمريكا وروسيا، أما القسم الآخر منهم فيمكن بإيجاد معبر آمن لهم للخروج من إدلب طبعا إلى تركيا وبإيعاز منها، وهذا هو الفخ الذي رسمته له القوى الكبرى ليقع فيه أردوغان وستكون الضربة القاضية له ولحكومته، حيث ستصبح تركيا الهدف القادم للإرهاب لتنال جزاء ما فعلته أيديها، عندها سيتحقق التوازن بين القوى العالمية الكبرى روسيا وأمريكا بعد أن حقق الطرفان مصالحهما في سوريا، وسيتحقق مشروع الشمال السوري حتى البحر المتوسط وعندها سينعم الشعب السوري وشعوب الشمال السوري بالأمان والاستقرار في ظل دولة ديمقراطية تعددية فيدرالية.