سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

في اليوم العالمي للعمال.. مواطنون يطالبون بالعمل

روناهي/ درباسية ـ

يشتكي بعض مواطني مدينة الدرباسية في شمال وشرق سوريا من الفاقة نتيجة البطالة، مطالبين الإدارة الذاتية بتوفير فرص العمل لهم.
لا تزال المشاكل الاقتصادية والاجتماعية تخيم على بلدان العالم الثالث مع كل ما تخلفه هذه المشاكل من أزمات ومشاكل، من ضمن هذه المشاكل التي نتحدث عنها الفقر، عمالة الأطفال، العنف ضد المرأة، زواج القاصرات… إلخ. ولكن نعتقد بأن هناك سبباً رئيسياً يكمن وراء كل المشاكل آنفة الذكر، ولذلك لا بد من معالجة السبب.
 إذا عرُف السبب بُطل العجب
عيد العمال يوم عالمي يحتفل به العالم أجمع في الأول من أيار، وهو يوم التضامن مع الطبقة العاملة الكادحة في المجتمع، ولكن سيمر هذا اليوم على سوريا بشكلٍ عام بحزن، فنسبة البطالة متزايدة وبالأخص في مناطق سيطرة النظام، وفي إحصائيات أخيرة أصدر موقع مختص في استعراض بيانات إحصائية حول سكان العالم تصنيفاً تضمّن الدول الأكثر بطالة، لتحل سوريا في الترتيب الثاني بنسبة تصل إلى 50% على القائمة بعد “بوركينا فاسو” التي احتلت المركز الأول، وبحسب الموقع فإنّ الدول الخمس الأكثر بطالة هي: “بوركينا فاسو – سوريا – السنغال – هاييتي – كينيا”، فيما كانت الدول الأقل بطالة حول العالم هي: ” كمبوديا – قطر – تايلاند – بيلاروسيا – بنين”، وذلك وفق بيان إحصائي لعام 2020، بعد أن احتلت سوريا المركز الأول العام الفائت بالنسبة ذاتها، هذا ما يجعل يوم العمال يوماً يطالب فيه العاطلون عن العمل بعمل. على نقيض مناطق شمال وشرق سوريا، حيث وفرت الإدارة الذاتية فرص العمل لمواطنيها عبر هيئاتها المتعددة، إلا أن هذا لا يعني أن غالبية الشباب يعملون؛ فهناك من لا يزال يشتكي من البطالة، مطالباً بالعمل.

لا شك بأن حالة الفراغ التي تتشكل في حياة الإنسان – وخصوصاً أرباب العوائل – ستخلف تأثيرات جانبية لا تُحمد عقباها، الفراغ الذي يتولد بسبب عدم الحصول على فرصة عمل، الأمر الذي ينشأ عنه جيش من العاطلين عن العمل، لذلك نعتقد بأن البطالة تكمن وراء نسبة كبيرة من مشاكل المجتمع.
عبد العزيز السالم، من سكان ناحية الدرباسية يشرح سبب تزويجه المبكر لبناته فيقول: “أنا أب لأربع بنات، لم أحصل على شهادة دراسية، قضيت عمري متنقلاً من عمل إلى آخر لتأمين لقمة عيش عائلتي، ولكن وصلتُ لمرحلة لم أعد أتمكن من تأمين لقمة عيشهن، فاضطررت لتزويج اثنتين منهن كي أرتاح قليلاً من أعبائهن”. ويتابع: “أعلم أن ما فعلته هو منافٍ للأخلاق ولكنني لم أجد سبيلاً آخر”.
واختتم حديثه بالقول: “منذ شهرين وأنا جالس في المنزل، لم أعثر على فرصة عمل، مع العلم بأنني بحثت كثيراً ولكن لم أحظَ بفرصة، قمت ببيع بعض أثاث المنزل حتى أعيش، ولكن حتى ثمن ما بعته يقترب من النفاد ولا أعلم ماذا أفعل”.
“الشهادة متل قلتها”

سامر حمو من أهالي الدرباسية، حائز على شهادة الهندسة المدنية يقول: “إذا حسبنا مدة كامل دراستي منذ المرحلة الابتدائية وحتى الانتهاء من المرحلة الجامعية، أكون قد أمضيت حوالي 17 عاماً من عمري في الدراسة، هذه المدة كانت عبئاً على أهلي، بسبب التكاليف الباهظة التي تكلفوها لتعليمي آملين أن أعينهم في كبرهم، ولكن بعد انتهائي من الدراسة تغيرت كل الوقائع، أنهيت دراستي منذ سنتين وحتى يومنا هذا لم أجد فرصة عمل”. وتابع: “إمكاناتي لا تسمح لي بفتح مكتب هندسي، لذلك أنا مجبر على البحث عن وظيفة ولكنني لم أجد بعد، يعني بالعامية (الشهادة طلعت متل قلتها)”.
تصنيفات الأمم المتحدة
تعتبر المواثيق الدولية النافذة كل شخص يتنقل بين عمل وآخر دون إيجاد عمل ثابت هو شخص عاطل عن العمل، الأمر الذي يؤدي إلى ارتفاع نسب البطالة وازدياد جيش العاطلين عن العمل.
وفي هذا الإطار يتحدث لنا مصطفى علو قائلاً: “أعمل في كل شيء، تحميل الخضرة، الصبة البيتونية، وأي عمل

آخر أحصل عليه. أي أنني لا أعمل في مكان ثابت، وذلك لأنني لم أكمل تعليمي، لذلك التجأت إلى هذه الأعمال، ولكن عدا عن أن مردود هذه الأعمال غير كافٍ فهي أيضاً غير ثابتة، فأمضي أحياناً أكثر من شهر دون عمل، لتأتي هذه الظروف الاقتصادية المزرية وتزيد الطين بلة”.

“حبر على ورق”

بحكم الأنظمة والقوانين النافذة من قبل الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، فإن العمل في مؤسسات الإدارة يتم عبر التسجيل أولاً لدى دائرة الشؤون الاجتماعية التابعة لمجلس الناحية. ولكن الأمر لا يُحل عن طريق هذا الإجراء لأنها تصبح مجرد (حبر على الورق) في الكثير من الأحيان.
في هذا الصدد يتحدث محمد عساف قائلاً: “عندما تخرجت من المعهد التجاري، قدمت على عدة وظائف في دوائر الإدارة الذاتية، ولكن جميعهم طلبوا مني شرط التسجيل في دائرة الشؤون، وبناءً عليه قمت بتسجيل اسمي لدى الدائرة المذكورة”. ويتابع حديثه بالقول: “مضى أكثر من عامين على التسجيل ولكن حتى الآن لم يتواصل معي أحد، وفي كل مرة أراجعهم فيها يقولون بأنه لم تتوفر شواغر بعد، مع العلم أن هناك من سجل اسمه بعدي وتوظف قبلي. فهل يتم الأمر على مبدأ (خيار وفقوس)؟”.
المعنيون بهذا الأمر أرجعوا سبب هذا إلى عدم توفر شواغر في مؤسسات الإدارة. ليبقى الشخص بانتظار إحداث شاغر (من غائب علمه).

 

بصيص أمل في الأفق
مشكلة البطالة هذه أصبحت منتشرة في كافة المناطق بشمال وشرق سوريا، الأمر الذي دفع المعنيين إلى محاولة إيجاد حل حقيقي لها، عبر جملة من القرارات اتخذها المجلس العام للإدارة الذاتية الديمقراطية في اجتماعه المنعقد بتاريخ 27/4/2021، والتي من ضمنها “الكشف عن خطة لتأمين سبعة آلاف فرصة عمل خلال عام 2021 كخطوة أولى للقضاء على البطالة”، ليشكل ذلك بصيص أمل لدى هذه الفئة في المنطقة.