سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

في اليوم العالمي للاجئين.. مصالح الدول تعقد ملف اللاجئين السوريين 

قامشلو/ آرين زاغروس ـ

في أرض اللجوء يهتز ملف للاجئين السوريين بين الترحيل القسّري، والتمييز العنصري، ونقص المساعدات، وفي
اليوم الدولي للّاجئين يبقى ملف اللاجئين السوريين دون حل يذكر، فتتخبطهم أذرع المصالح الدولية كل حسب هواه، فقد أصبح ملف اللاجئين السوريين مرتبطاً بالسياسة الدولية، ولا قدرة لأي دولة على معالجته دون حل الأزمة السورية. 
تحوّل اللاجئون إلى قضية حيوية بعد ثورات ما سمي بالربيع العربي، وخاصةً بعد الأزمة السورية، التي خلّفت ملايين النازحين واللاجئين، الذين هُجِّروا من مدنهم ومساكنهم، فبعضهم “نزح” داخل سوريا، وبعضهم “لجأ” إلى دول الجوار، وأوروبا.
وفي اليوم العالمي للاجئين الذي يصادف 20 حزيران من كل عام، يبقى ملف اللاجئ السوريين الأكثر حزناً وأسىً، فقد عانوا داخل الأراضي السورية، ويلات الحروب، فلحقت بهم رعنات الدول التي لجؤوا إليها مرغمين. 
ملف اللاجئين على الطاولة التركية
تركيا هي من أكثر الدول المجاورة استغلالاً لأزمة اللاجئين السوريين، فبعد أن فتحت أبوابها لهم على مصرعيها، إبّان الأزمة، التي اجتاحت سوريا، وقد حصلت على إثر ذلك على مليارات الدولارات من الدول الأوروبية؛ بهدف تقديمها لهم، إلا أنها لم تُقدم للسوريين شيئاً، بل اتّخذت آلامهم ومعاناتهم تجارة لتحقيق مكاسبَ خاصّةٍ بها.
وقد استغلت تركيا ملف اللاجئين السوريين في الكثير من المواقف الدولية، وعلى طاولة الحوارات السياسية، ولم يشفع للاجئين رغم معاناتهم الكبيرة والخطيرة أن يعاملوا بإنسانية، إذ ضيقت الخناق عليهم من خلال استخدام الممارسات العنصرية الواضحة بحقهم، والتي وصلت للقتل في الكثير من الأحيان، ولا ننسى محاولة طردهم خارج الأراضي التركية، وذلك استكمالاً لخططها في تغيير ديمغرافية المناطق، التي احتلتها في الأراضي السورية. حيث تواصل سلطات الاحتلال التركي عملية ترحيل اللاجئين السوريين قسراً، إلى المناطق التي تحتلها في إقليم شمال وشرق سوريا، مثل، عفرين، وسري كانية، وكري سبي/ تل أبيض، والباب، وإعزاز وغيرها، لتوطينهم في المستوطنات، التي أنشأتها ضمن تلك المناطق، تنفيذاً لمخططاتها المستقبلية في اقتطاع أجزاء من الأراضي السورية، وتتريك هذه المناطق.
هذا وقد أطلقت السلطات التركية عملية لإعادة لاجئين سوريين إلى بلادهم في إطار ما أسمته حينها “العودة الطوعية إلى المناطق الآمنة” بشمال سوريا، فيما اعتبرت منظمات إنسانية وحقوقية مثل هيومان رايتس ووتش، تلك العمليات انتهاكاً للقانون الدولي، إذ أوردت في سلسلة تقارير لها حصول “ترحيل قسري” لمئات السوريين في عام 2022.
وما زال الاحتلال التركي يستخدم ملف اللاجئين في الضغط على الدول المجاورة فيما يستغلهم أبشع استغلال لتحقيق مأربه الاقتصادية والسياسية.
لبنان يسير على وقع خطا تركيا
وليست تركيا حالة منفردة بين الدول، التي تستضيف اللاجئين السوريين، فقد تحولت القضية إلى ورقة سياسية، أكثر منها إنسانية في عدة دول، حيث بدأت عدة أحزاب وقوى سياسية تطالب بعودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم. فمازالت المخاوف تتأجج في قلوب اللاجئين السوريين في لبنان، وتزداد معاناتهم مع كل رحلةٍ تنظّمها السلطات اللبنانية تحت المسمى ذاته “العودة الطوعية”، إلا أن موضوع ترحيلهم بشكلٍ قسري من لبنان هو ما تناقلته عناوين الصحف العربية.
وحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان “فإن اللاجئين السوريين يعانون في لبنان مؤخراً من تصاعد وتيرة التمييز العنصري بحقهم، وتعمد السلطات اللبنانية إلى ترحيل الكثير بشكل تعسفي، حيث شنت قوات من الجيش وجهاز الأمن العام حملات مداهمة واعتقالات طالت العشرات، وتسليمهم لقوات تابعة للفرقة الرابعة على الحدود السورية -اللبنانية، فضلاً عن الكثير من حالات الترحيل الفردية لعشرات، وقد تعرض كثير منهم للاعتقال فور وصولهم سوريا”.
وترى منظمات حقوقية لبنانية وسورية، أن الضغوط على اللاجئين السوريين تنوعت بين حظر تجول في أوقات معينة، وتوقيفات وترحيل قسري إلى مداهمات وفرض قيود على معاملات الإقامة، بينما تنظر السلطات اللبنانية إلى ملف اللاجئين بوصفه عبئاً، وتعدُّ وجودهم قد ساهم في تسريع الانهيار الاقتصادي بل وتفاقمه منذ العام 2019.
وتقدّر السلطات اللبنانية في عام 2023وجود أكثر من مليوني لاجئ على أراضيها، بينما عدد المسجّلين لدى الأمم المتحدة يتجاوز بقليل عتبة 800 ألف.
انخفاض مساعدات اللاجئين في الأردن
ويجدر بنا القول، إنه بعد انقضاء أكثر من عقد على اندلاع الحرب الأهلية في سوريا، لا يزال الأردن يستضيف نحو مليون ومائتي ألف لاجئ سوري، إلا أن هؤلاء اللاجئين، والمنظمات، التي تدعمهم، يواجهون تناقصاً من المساعدات المقررة من الجهات المانحة.
 فلم تحذُ الأردن، حتى تاريخه، حذو لبنان وتركيا اللذين يعمدان إلى ترحيل اللاجئين السوريين بأعداد كبيرة، ولكنها دعت إلى بذل جهود جماعية لتحسين الظروف في سوريا، والتشجيع على إعادة اللاجئين إلى بلادهم.
إلا أن وضع اللاجئين السوريين في الأردن، ليس بأحسن حالاً من سابقاتها؛ إذ يعيش اللاجئون هناك في ظروفٍ صعبةٍ وقاسية للغاية، وخاصة في مخيم الركبان الواقع على الحدود السورية الأردنية، حيث يواجهون الموت حسب منظمات إنسانية، وناشطين في مجال حقوق الإنسان، ولا مجيب لدعواتهم ومناشداتهم حتى الآن، رغم فقدانهم أبسط مقومات الحياة، وخاصةً مع حلول فصل الصيف، وكما هو معروف في هذا الوقت تتفاقم وتنتشر الأوبئة والأمراض المعدية، وخاصةً بين الأطفال حديثي الولادة، والنساء اللاتي كانت لهن حصة من هذه المعاناة والمآسي.
ففي تموز 2023، أعلنت وكالات الأمم المتحدة عن خفض كبير في برامج المساعدات الغذائية للاجئين السوريين في الأردن، يسري على أولئك الذين يقيمون في المناطق الحضرية، وكذلك في مخيمَي الزعتري والأزرق، وهما أكبر مخيمات اللاجئين في الأردن، وفي أواخر عام 2023، أعلن برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة إنهاء برنامجه للمساعدات الغذائية في سوريا، الذي يدعم خمسة ملايين وستمائة ألف شخص، بمَن فيهم النازحون في شمال غربي البلاد. ويتزامن ذلك مع خفض إضافي بنسبة لا تقل عن 30 في المائة، وفق تقرير أجرته الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، ووزارة الخارجية الأميركية في المساعدات الأميركية لسوريا، التي تشمل مساعدات للاجئين السوريين.
ووفق المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في الأردن؛ فإن 47959 لاجئاً مسجلاً عادوا إلى سوريا خلال الفترة من تشرين الأول 2018، تاريخ إعادة فتح المعبر الحدودي بين الأردن وسوريا، وحتى نهاية عام 2022 بمتوسط شبه ثابت يبلغ 400 فرد شهرياً في عامي 2021 و2022.
وفقاً للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في الأردن، فإن عدد السوريين في الأردن يقدر بنحو656762 لاجئاً حتى نهاية تموز من عام 2023، فتوزعوا في مخيم الزعتري، ومخيم الأزرق وخارج المخيمات، وقد شهدت الأردن تناقصاً في عدد اللاجئين، قدرته بنسبة 0،742%.
اللاجئون في الأراضي السورية
 كما تستضيف العديد من الدول اللاجئين السوريين مصر، والعراق إلا أن وضعهم أقل مأساوية من نظرائهم في الدول الأخرى، لذلك بات ملف اللاجئين السوريين بأمسِّ الحاجة إلى حلٍّ فوري وجذري أيضاً؛ لأن معاناتهم ستشتد أكثر مع اشتداد الأزمات الداخلية والصراعات والحروب في دول مثل لبنان والأردن وتركيا؛ ولأن الوضع في سوريا لم يتغيّر قيد أنملة في الحقوق، والحريات والمسائلات الأمنية على كل شاردة وواردة، بقي ملف اللاجئين على طاولات الاستغلال السياسي لإطالة عمر الأزمة السورية.
ويبقى اللاجئون مشردين تقاذفهم المِحن سواء داخل البلاد أو خارجها للسياسات الحكومية، التي لا تنأى عن إثبات فشلها المرة تلو المرة، وبالرغم من الوضع الصعب الذي تعاني منه مناطق إقليم شمال وشرق سوريا كانت الملجأ الآمن للعديد من النازحين والمهجرين مع غياب كبير من المساعدات الدولية.
هذا ومنذ بداية الأزمة السورية أُنشئت المخيمات داخل سوريا وخارجها لاستقبال اللاجئين والنازحين الفارين من الحرب، التي تتربص بهم من كل جانب، وقد لجأ الكثير منهم إلى مناطق إقليم شمال وشرق سوريا، فاستقبلت الآلاف من النازحين، فبلغ عددهم حسب إحصائية قدمتها هيئة الداخلية في إقليم شمال وشرق سوريا ما يزيد عن 500 ألف نازح، وبلغ عدد المخيمات 17 مخيماً، فأوت المهجرين قسراً والنازحين هرباً من آلة الحرب بحثاً عن الأمن والأمان لعوائلهم بعد أن تعرضوا للعديد من المجازر والانتهاكات، كما حوت المخيمات مواطنين من جنسيات غير سورية في الوقت الذي لم تستقبلهم دولهم.