سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

في اليوم الدولي لمساندة ضحايا التعذيب.. متى تتوقف آلة التعذيب بالسجون التركية؟

قامشلو/ آرين زاغروس –

تشهد السجون منذ عقود طويلة تعذيباً نفسياً وجسدياً، ويجتهد السجانون في إذلال المعتقلين وتعنيفهم وسط غياب أبسط الحقوق لهؤلاء الضحايا، وفق ما أكدته تقارير حقوقية ودولية، فيما تتصدر تركيا أكثر الدول تعذيباً للسجناء.
 عرفت السجون، التي أسست لتأديب وتأهيل الخارجين عن القانون، لإعطائهم فرصة جديدة بالعيش بحرية وكرامة من جديد، إلا أنها منذ تاريخ إنشائها حتى يومنا هذا عرفت بالتعذيب وانتهاكات الحقوق، فكثيرا ما حدثت وفيات بالتعذيب الممنهج فيها، فكانت المكان المسموح فيه بالتعذيب النفسي والجسدي بأبشع صورة.
وقد استغلته الحكومات الديكتاتورية لفرض سيطرتها وسيادتها على المجتمع، فالمعارضون يرمون خلف القضبان، حتى يخرجوا منها في تابوت، وقد لا تُسلم جثته لذويه خوفاً من فضحها في التعذيب الوحشي الذي تلقاه صاحبها.
والسجون تظهر مدى تجاوز حقوق الإنسان، حيث يترك العديد من السجناء قابعين في زنازين مظلمة، وغالباً في الحبس الانفرادي، وتعد سجون تركيا وإيران من أكثر السجون التي يشهد سجناؤها التعذيب.
وتحيي الأمم المتحدة اليوم الدولي لمساندة ضحايا التعذيب في 26 حزيران من كل عام؛ بهدف مناهضة التعذيب، وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو غير الإنسانية أو المهينة، إلا أنها تتضامن مع ضحايا التعذيب، ولكنها لا تضع حداً لسياسة هذه الدول، ووقف آلة التعذيب في السجون.
أرقام كبيرة للسجناء في تركيا 
وفق معطيات وزارة العدل التركية ففي الأول من كانون الأول 2022، هناك 336 ألفا و315 معتقلاً ومداناً داخل السجون من بين هؤلاء، يبلغ عدد الأشخاص، الذين تبلغ أعمارهم 65 عاماً وما فوق خمسة آلاف، و315 شخصاً.
وانتهجت الدولة جرائم التعذيب بحق المواطنين لانتزاع الاعترافات بشكل ممنهج، حيث تعرض أكثر من 1855 شخصاً للتعذيب داخل السجون التركية خلال عام 2020، توفي منهم 38 شخصاً.
هذا وقد بين فرع جمعية حقوق الإنسان بإزمير في تقريره الأخير حدوث 934 انتهاكاً لحقوق الإنسان في سجونها خلال عام 2023.
ويوجد في تركيا 396 سجناً، منها 277 مغلقاً، و88 مفتوحاً، وأربع منها هي دور لتعليم الأطفال، وعشرة منها مغلقة، وخاصة بالنساء، وثمانية مفتوحة، وخاصة بالنساء، وتسع منها على وشك أن تكون سجناً مغلقاً للأطفال. هذا ومن المنتظر أن تفتتح وزارة العدل سجونا جديدة خلال العامين المقبلين، بواقع أربعة سجون في عام 2024، وأربعة سجون في عام 2025. كما أصبح حبس النساء الحوامل والأطفال أمرًا شائعًا في تركيا، فيوجد أكثر من 700 طفل في السجون التركية مع أمهاتهم.
انتشار الأمراض بين السجناء
داخل السجون، التي يتعرضون فيها لانتهاكات حقوق الإنسان، فهناك 1517 سجيناً يعانون أمراضا مختلفة، من بينهم 651 حالة صحية حرجة، ولكن منظمات حقوق الإنسان أشارت إلى أن هذه المعطيات بالإمكان الكشف عنها بشكل خاص، المعطيات أكثر مما نعتقده، لأن السجون ليست أماكن مفتوحة للتفتيش.
وجرعات الدواء تكون مسكنات لتخفيف الألم ليعود مضاعفاً، والسجناء الذين لا يستطيعون الوصول إلى الخدمات الصحية اللازمة يتركون للموت داخل السجون، وأن وصل الأمر للعلاج ودخول المشفى يتعرض السجناء لتفتيش، وهم عراة بالكامل ويجبرون للخضوع للفحص الصحي بالأصفاد.
ففي عام 2022، استشهد 76 شخصا داخل السجون، 35 منهم فقدوا حياتهم بسبب تدهور حالتهم الصحية، وتبين أن الآخرين استشهدوا بشكل مشبوه.
كما تعاني السجون من انتشار الأمراض، والآفات الجلدية، وقد انتشر مرض السرطان في السجون التركية دون تلقي العلاج، أو العطف على السجناء، وتخفيف جولات التعذيب التي يتلقونها يومياً.
المقاومة مستمرة 
ينظر للسجناء المعتقلين في تركيا، أنهم أسرى ويحرمون من حقوق الإنسان، وكثير من الأحداث التي توالت داخل السجون تبرهن ذلك، فمنهم من خرج مجنوناً، ومنهم من توفي مباشرة بعد خروجه من السجن، وبالرغم من أن تركيا تستخدم قانون الحرب في حكمها للسجون، فلا يحاكمون محاكمة عادلة ولا يتم معاملتهم بطريقة إنسانية.
كما نتحدث عن الجرائم الفظيعة، التي ترتكب بحق المعتقلين، فيجب تسليط الضوء على المقاومة والنضال الذي يبديه المعتقلون والمحكومون في السجون، فأشعلوا النيران في أجسادهم احتجاجاً على الأساليب اللاإنسانية التي يعاملون بها، كما أضربوا عن الطعام لشهور وقد استشهد الكثير منهم، ولكنهم مازالوا يقاومون سجانيهم بكل قوة وإصرار ويبقى السجناء ينتظرون الدعم ويطالبون بمحاكمة عادلة وحياة لائقة بالكرامة الإنسانية.
ولأن الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية والإنسانية لا تأبه لهذه الإحصائيات الصادمة وجرائم التعنيف بحق المساجين، بل تكتفي بخلق يوم لمساندة ضحايا التعنيف دون النظر للسجون، وما تحوي من جرائم ضد الإنسانية، وبالرغم ما تكشف عنه التقارير المحلية والدولية من انتهاكات في السجون، لم تسجل أي استجابة من الحكومات لتحسين الأوضاع، بل قررت التوقف لمناهضة المعنفين دون إيقاف جذور التعنيف.