سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

في الدرباسية… حتى الفروج يحلق عالياً 

روناهي/ الدرباسية –

تستمر أسعار السلع والمواد الأولية في ارتفاع مستمر وجنوني، فلم تبق مادة، أساسية أو ثانوية دون أن ترتفع أضعافا عديدة، فمن المواد التموينية الضرورية للإنسان، وصولا إلى مواد البناء.
هذه المواد كلها، شهدت أسعارها ارتفاعا غير مسبوق في الآونة الأخيرة، ولا سيما بعد اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، وما تسببت من تداعيات على المستوى العالمي.
كان للمواد الغذائية الحظ الأوفر في موجة الغلاء هذه، حيث أن أسعار الأغذية، بمختلف صنوفها، وصلت إلى مرحلة اضطر فيها المواطن إلى إلغاء الكثر من صنوف الأغذية من حياته اليومية.
وفي ناحية الدرباسية بشمال وشرق سوريا، وأسوة بباقي المناطق السورية، التي أهلكت الحرب قواها، اضطر الكثير من الأهالي، ولا سيما ابناء الطبقة الفقيرة، إلى حرمان أطفالهم من صنوف عديدة من الأغذية، ولا سيما اللحوم.
بدائل اللحم … مُكلفة
لتعويض السعرات الحرارية، والبروتينات التي افتقدها الأطفال؛ نتيجة شطب اللحم من قوائم موائد الكثير من الأسر، بسبب غلاء سعره، لجأ الأهالي إلى بدائل، يمكن أن تفي بالغرض. ولكن هل هذه البدائل متاحة؟ تُجيبنا عن هذا السؤال بنت ناحية الدرباسية، جودي حج علي، فتقول: “الأسعار في السوق لم تعد تحتمل، أصبحنا نتخوف من الذهاب إلى الأسوق للتبضع، فما كنا نستطيع شراءه في الأمس، أضحى اليوم حلما لنا، فإذا ما تحدثنا عن الفروج، سابقا كنا نلجأ إلى شراء الفروج، هربا من اللحوم الأخرى، فمثلا: عندما كان يُفاجئنا ضيف بزيارة ما، دون موعد، كنا نقوم بتحضير وجبة فروج مع صنف غذائي آخر، وذلك بسبب قدرتنا على تأمين هذه المواد سابقا، في حين، أصبحنا نضيق ذرعا من الزيارات، وذلك لأننا لم نعد نقوى على القيام بواجبنا مثل سابق عهدنا”.
جودي تابعت حديثها بالقول: “سعر الفروج اليوم تخطى “7000 / سبعة آلاف: للكيلو غرام الواحد، ولا تقل حاجة أي أسرة من الفروج عن كيلوين كحد أدنى، أي ما يقارب 15 ألف ليرة سورية، هذا ولم نتحدث بعد عن تكاليف المواد الأخرى من الطبخة، ففي ظل مثل هذا الغلاء الكبير؛ كيف يعيش المواطن؟

قرّشوها ع الدولار بتطلع معكم 
بهذه العبارة التهكمية، عبر حميد رمو من ناحية الدرباسية، عن سخطه من ارتفاع أسعار الفروج فقال: “الأحوال المعيشية للإنسان تُقاس بما يمكن للإنسان، أن يؤمن بدخله من مواد أساسية، وموادنا الأساسية، كلها باتت تُسعر بالدولار، وإن لم نصل بعد إلى مرحلة الدفع بالدولار، ولكن سعر البضاعة يُحسب على أساس سعر الدولار، وبناء عليه فإن سعر واحد كيلو غرام من الفروج يقارب الدولارين، أي أن الفروج الواحد يُقارب سعره أربعة دولارات، إذا أرادت الأسرة ان تأكل الفروج مرتين في الشهر تحتاج إلى ثمانية دولارات، وقس على ذلك كل ما تحتاجه من المواد الضرورية اليومية”.
رمو أضاف قائلا: “لنستمر بالحساب على أساس الدولار، راتب العامل لا يتعدى المئة دولار، فإذا خصص في الشهر قرابة عشر دولارات للفروج، فكيف يعيش بالمتبقي من الراتب؟ وخصوصا بأن غلاء الأسعار بات يطال كل شيء، لذلك المطلوب اليوم أمران ضروريان: الأول يكمن في ضبط الأسواق من خلال مراقبة الأسعار ومنع الباعة من التحكم بها. أما الأمر الثاني: فهو ضرورة ربط الأجور بالأسعار، بحيث تغطي الأجور تكاليف معيشة المواطن، لكيلا يقع في حيرة تدبر أمر معيشته، بهذه الطريقة يمكن التخفيف من عبء المواطنين”.

للباعة هموم أخرى
في جولة لصحيفتنا، جابت سوق الفروج في ناحية الدرباسية، باعة الفروج أشاروا لنا، إلى أن ارتفاع الفروج، يأتي من عدة عوامل، وليس نتاجاً مزاجياً أو تلاعب البائع، فالعلف وصل سعر الطن الواحد منه إلى ما يقارب 700 دولار، والصيصان بحاجة إلى 25 طن من العلف تقريبا حتى تبلغ مرحلة العرض في الأسواق، أي أن كل دفعة صيصان في المدجنة يُنفق عليها ما يقرب من 17500 دولار، وهذا يؤدي إلى ارتفاع أسعار الفروج.
كما أن الأدوية اللازمة أيضا مرتبطة بالدولار، وسعرها مرتفع، وكل هذا يؤثر على أسعار بيع الفروج.
الباعة أكدوا بأن ارتباط عملهم الوثيق بالدولار يدفع ضريبته المواطن، كما أنهم كباعة يعانون من هذا الأمر، لأن ارتفاع سعر الدولار، إلى جانب الأمراض التي تنتشر، والتي تؤدي إلى موت عدد كبير من الفراريج، هذه الأمور كلها، تؤدي إلى تقليص هامش الربح.