في الأربعاء الأحمر عاهد الإيزيديون بتحرير ديارهم

تقرير/ صلاح إيبو –

روناهي/ الشهباء- استقبل إيزيديوا عفرين رأس السنة الإيزيدية هذا العام بعيداً عن مزارتهم المقدسة التي دمرها ونهبها الاحتلال التركي ومرتزقته، بعد احتلالهم لعفرين، وفرضوا على الإيزيديين المتبقين في عفرين تعلم تعاليم الدين الإسلامي، وأستعاض إيزيديوا عفرين المُهجرين إلى الشهباء هذا العام بزيارة أضرحة الشهداء في بلدة أحرص بدلاً من أضرحتهم المقدسة في إشارة على أنهم يقدسون منْ دفع دمائه لحماية مكونات المجتمع عامة ومن بينهم الإيزيديون.

وبدأ الإيزديون المقيمين في الشهباء طقوس عيد الأربعاء الأحمر الذي يرمز ليوم بدأ خلق الكون، في صبيحة يوم الثلاثاء بتجمع النسوة وتلوين البيوض بألواناً مختلفة في إشارة على ألوان الطبيعة وتنوعها، وفي ليلة الثلاثاء تجمع عشرات الرجال والنساء في مزار شهداء مقاومة العصر في ناحية أحرص لإشعال الشموع على أضرحة الشهداء وترديد التراتيل والدعوات الإيزيدية.

أضرحة الشهداء هي مُقدسات

وأكد الإيزديون هناك على أن هذه الأضرحة هذا العام ستكون بمثابة أماكن مقدسة لهم عوضاً عن مزاراتهم التي تعرّضت للحرق والنهب في عفرين على يد الاحتلال التركي. وفي هذا السياق قال المواطن الإيزيدي كيفار حسن الذي ينحدر من قرية عيندارة التابعة لناحية شيراوا “يتعرض الشعب الإيزيدي منذ عقود لحملات الإبادة الجماعية (الفرمانات) وآخرها كان على يد مرتزقة داعش المدعومين والتابعين للاحتلال التركي في شنكال كذلك في عفرين، كلها محاولات لإنهاء وجود هذا الشعب مع ثقافته، لكنهم لم ولن يصلوا لمبتغاهم، لأننا شعب ذو إرادة قوية ونحن يد واحدة ضد كافة الأعداء”.

ونوه كيفارا إلى كيفية استهدف جيش الاحتلال التركي ومرتزقته المعالم والأماكن الأثرية المقدسة لدى الإيزيديين في عفرين أثناء هجماتهم وبعد احتلالهم أيضاً والتي وصفها بجريمة بحق الشعب الإيزيدي وقال “هذه الأفعال تعتبر جرائم بحق الشعب والدين، وهي تهدف لتغيير ديموغرافية المنطقة، لكننا نريد أن يعلم العالم أننا سنظل نمارس طقوس ديننا أينما كنا ومتى ما كان فنحن نستقبل عيد رأس السنة الإيزيدية وسنحتفل به في المخيمات”.

وبدورها هنأت الشابة الإيزيدية أركسين ماركو عيد الأربعاء الأحمر على كافة الشعب الكردي والإيزيدي وعلى قائد الشعب الكردي عبدالله أوجلان وبيّنت، أنهم كشبيبة إيزيدية تحضروا لعيد الأربعاء الأحمر من الناحية الفنية ليشاركوا في الاحتفاليات التي أقيمت في هذا السياق.

وأكدت أركسين أنه لا أحد يمكنه أن يحرمهم من طقوس دينهم وثقافتهم مهما كانت الطرق والأساليب التي يتبعونها في حملات الإبادة الجماعية منذ التاريخ وإلى هذا اليوم.

تحدي الاحتلال التركي وتصعيد المقاومة

وفي صبيحة يوم الأربعاء بدأ الإيزديون والمسلمون الكُرد على حد سواء بالتوجه إلى مخيم سردام حيث تم التحضير لإقامة حفلة تحت شعار “إحياء الأربعاء الأحمر وعدنا لتحرير عفرين” في إشارة على أن هذا لا يُمثل احتفالاً تقليدياً بالنسبة لهم، على العكس هذا الحفل اليوم يمثل تحدياً للاحتلال التركي وتصعيد المقاومة في وجه الاحتلال الذي كان يهدف إلى طمس الهوية الإيزيدية بشكلٍ عام.

وبعد الوقوف دقيقة صمت أدت فرقة التراتيل الدينية بعض الأناشيد الدينية الإيزدية والزرادشتية، وتم إلقاء كلمة باسم اتحاد إيزيدي عفرين أشاروا فيها إلى جرائم الاحتلال التركي ضد الشعب الإيزيدي في عفرين وكيفية الحفاظ على هذا الدين من الفرمانات المتلاحقة التي تلاحقهم في كل مكان.

وفي سياق متصل، كشف سليمان جعفر الرئيس المشترك للمجلس التشريعي لإقليم عفرين، وعضو منسقيّة اتحاد إيزيدي عفرين عن البدء بتشكيل جسم اجتماعي ديني موحد للإيزيديين في سوريا تحت مُسمى “مجلس إيزيديّ سوريا” يُعنى هذا الجسم بقضايا الإيزيدين والدفاع عن حقوقهم في سوريا وخارجه، وتنظيم الإيزيديين اجتماعياً ودينياً للحفاظ على وجودهم في وجه السياسات التي تستهدفهم في الداخل والخارج.

وتخللت الاحتفالية فقرات فنية ودينية متعددة شاركت فيها فِرق خاصة بالإيزيديين وأخرى من عفرين والشهباء وفِرق للرقص الفلكلوري.

بتاريخنا وحضارتنا نواجه العدو

وقالت مُدرِّسة الديانة الإيزيدية وإحدى أفراد فرقة التراتيل الدينية الإيزيدية  مريم جندو لصحيفتنا “إننا نتمسك اليوم بتاريخنا وحضارتنا في وجه محاولة العديد من الأطراف طمسها ومحو ثقافة الشعب الإيزيدي من خلال حملات الإبادة الجماعية لكن شعبنا قاوم كل تلك الفرمانات وذلك من خلال تنظيم الإيزيديين لأنفسهم”.

وفيما يخص تعرّض الديانة الإيزيدية على وجه الخصوص والحضارة الكردية عموماً للتدمير والنهب الممنهج في عفرين قالت مريم “الاحتلال التركي بدأ منذ اليوم الأول في استهداف أماكننا المقدسة، لكي تعمل على تدمير الأماكن الأولى التي خرجت منها الحضارات في العالم، ونحن اليوم نناضل ضد تلك الهمجية”.

وعن دور فرقتهم في الحفاظ على ديانتهم قالت مريم “نقوم بتدريب مجموعة من الأطفال الإيزيديين ليتلوا عدد من التراتيل والأناشيد الدينية في يوم عيد الأربعاء الأحمر، وهذه الفرقة بدأت من عفرين، واليوم هنا نستمر في الحفاظ على ديانتا من الاندثار”.

ونوهت مريم إلى أن استمراراهم في عملهم هذا يُعبّر عن مقاومتهم لسياسات الدولة التركية بكافة أشكالها، وعزّت مريم الفضل في الحفاظ على الشعب الإيزيدي إلى فكر القائد عبدالله أوجلان وقالت أنه بفضله تم تنظيم هذا المجتمع والحفاظ عليه.

وتُليت عدة برقيات تهنئة بأسماء المنظمات والأحزاب في الشهباء وعفرين، وأشارت كلمات كلاً من مؤتمر ستار وحركة المجتمع الديمقراطي إلى أهمية هذا العيد بالنسبة للإيزيديين والكرد عامة، في إشارة على أهميته التاريخية والاجتماعية في ثقافة المنطقة وهنأت الرسائل المتعدد الشعب الإيزيدي والعالم عامة بهذه المناسبة.

ويعتبر عيد الأربعاء الأحمر من أقدم الأعياد في التاريخ فالشعب الإيزيدي يعتبره عيد لبداية الحياة، وتكوّن الخليقة، وتكوّن الأرض وإتمام الربيع. ويوافق هذا العيد الأربعاء الأول من شهر نيسان من كل عام حسب التقويم الشرقي.