سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

فيجانيلا.. قصة قرية تزورها الشمس عن طريق مرآة

الحاجة أم الاختراع. جملة تلخص تاريخًا طويلاً من الاكتشافات، التي توصل إليها الإنسان، والتي بدأت أفكارها من واقع حاجتنا إليها. لذلك، ليس غريبًا أن تسمع عن قرية لا تزورها الشمس طوال فصل الشتاء، ابتكرت طريقتها الخاصة للحصول على الدفء والأشعة.
قرية فيجانيلا الصغيرة في شمال إيطاليا، في وادي ضيق تحيطه جبال شاهقة. قد تبدو قرية عادية، لكنها تتميز بظاهرة فريدة، وهي غياب أشعة الشمس ثلاثة أشهر كل شتاء.
الحاجة أم الاختراع
تقع فيجانيلا في موقع جغرافي فريد يجعلها محاصرة بظل الجبال خلال فصل الشتاء. من تشرين الثاني إلى شباط، لا تشرق الشمس على القرية؛ ما يخلق بيئة قاتمة وباردة تؤثر على حياة السكان.
لم يستسلم سكان فيجانيلا لهذا الواقع، ففي عام 1999، تبنى العمدة فرانكو ميدالي حلاً مبتكرًا، اقترحه في البداية المهندس المعماري المحلي جياكومو بونزاني، عبارة عن مرآة عملاقة. وبالفعل، تم بناء مرآة مقعرة ضخمة على منحدر الجبل فوق القرية، تعمل هذه المرآة كعاكس يتتبع مسار الشمس عبر السماء، ويعيد انعكاسها إلى ساحة القرية.
بلغت تكلفة المرآة 100 ألف يورو، ويبلغ عرضها ثمانية أمتار، وارتفاعها خمسة أمتار، حيث تم وضعها على منحدر مقابل للجبل على ارتفاع 1100 متر.
تعمل هذه المرآة بالكمبيوتر، منذ تركيبها عام 2006، حيث استغرق إعداد المشروع ست سنوات تقريبا. وتقوم المرآة العملاقة بتتبع مسار الشمس؛ ما يعكس ضوء الشمس على ساحة القرية يوميًا، حيث تضيء مساحة 300 ياردة مربعة لست ساعات على الأقل يوميًا، وهو ما يجلب الدفء، الذي تحتاج إليه إلى القرية خلال أبرد فصل من العام.
لم يخفف هذا الابتكار ظلام الشتاء فحسب، بل عزز أيضًا معنويات المجتمع وجذب السياح. كما ألهم نجاح مشروع قرية فيجانيلا مشاريع مماثلة في أنحاء العالم، حيث أظهر قوة الإبداع البشري للتغلب على تحديات الطبيعة، وتحسين نوعية الحياة.
نجح مشروع المرآة بشكل باهر، ليس فقط في الحصول على أشعة الشمس، التي كانت قرية فيجانيلا محرومة منها، ولكن على مستويات أخرى نستعرض بعضها في السطور التالية:
أصبحت فيجانيلا رمزًا للأمل والإبداع، تُظهر قدرة الإنسان على التغلب على التحديات باستخدام حلول مبتكرة.
تأثير ثقافي 
ألهمت قصة قرية فيجانيلا مشاريع مماثلة في أماكن أخرى من العالم، مثل قرية Guatape في كولومبيا. وبينما يتطلع العالم نحو طرق مستدامة، ومبتكرة لتحسين الظروف المعيشية، تبرز قرية فيجانيلا مثالاً ساطعاً لما يمكن تحقيقه.
في النهاية، تظهر قصة فيجانيلا قدرة الإنسان على التكيف مع البيئة المحيطة من خلال الإبداع والابتكار. وتعد القرية رمزًا للأمل والإصرار، تلهمنا جميعًا لمواجهة التحديات في حياتنا بحلول مبتكرة.