فوضى واشتباكات تُسفِر عن دراسة نادي تركي كبير بالانسحاب من الدوري

إعداد/ دلير حسن_

---

شهدت نهاية مباراة نادي فنر بخشه وطرابزون سبور ضمن منافسات الدوري التركي الممتاز اقتحام العشرات من جماهير نادي طرابزون سبور أرضية الملعب واشتبكت مع لاعبين من نادي فنر بخشه في حادثة تؤكد استمرار الفوضى في الكرة التركيّة.

واقتحم العشرات من مشجعي طرابزون سبور، أرض الملعب عقب خسارة فريقهم أمام ضيفه فنر بخشه بنتيجة 2-3، ضمن منافسات الدوري التركي في اللقاء الذي أُقيم في ملعب “بابارا بارك”.

وتقدّم فنر بخشه في الدقيقة 13 بهدف سجله فريد، قبل أن يُضيف اللاعب ذاته الهدف الثاني، في الدقيقة الرابعة من الوقت المُحتسب بدلاً من الضائع للشوط الأول. وفي الدقيقة 63، سجل إينس بارادي الهدف الأول لطرابزون سبور، فيما أحرز محمود حسن تريزيجيه هدف التعادل لطرابزون من ضربة جزاء، في الدقيقة 78. وفي الدقيقة 87، أحرز ميتشي باتشوايي الهدف الثالث لفنر بخشه.

ورفع فنر بخشه رصيده إلى 79 نقطة في المركز الثاني، بفارق نقطتين خلف المتصدر غالطة سراي، فيما تجمد رصيد طرابزون سبور عند 49 نقطة في المركز الثالث. كما أن المباراة توقفت لعدة مرات بسبب رمي الجماهير للمقذوفات داخل أرض الملعب. وهاجم المشجعون، لاعبي فنر بخشه والجهاز الفني أثناء الاحتفال بالفوز.

وعقب صافرة نهاية المباراة، اقتحمت جماهير طرابزون سبور الملعب، ولاحقت لاعبي فنر بخشه، وسط محاولات من اللاعبين للهرب من الجماهير أمام أنظار عناصر الشرطة التي كانت في الملعب.

وأظهرت لقطات الفيديو التي انتشرت في منصات التواصل الافتراضي، وجود اشتباكات عنيفة بين لاعبي فنر بخشه وجماهير طرابزون سبور، والتي لم تكتفِ بالهرب فقط من الجماهير، بل قام ثلاثة لاعبين بالاعتداء على أفراد من مُشجعي أصحاب الأرض. ليس ذلك وحسب، بل اشتبك النيجيري برايت أوساي صامويل، لاعب فريق كوينز بارك رينجرز السابق وفنربخشه الحالي، مع مُشجع لطرابزون سبور ووجه إليه لكمة سديدة.

وشوهد البلجيكي ميتشي باتشواي وهو يركل أحد المُشجعين في رأسه، وأمسك مُهاجم تشيلسي السابق بمُشجع طرابزون الذي كان يركض نحوه وطرحه أرضًا ثم سدد إليه عدة لكمات على رأس هذا المُشجع. وبعد ذلك، تدخّل أفراد الأمن الحاضرين في الملعب؛ لإبعاد مشجعي طرابزون سبور، وسط هروب سريع من لاعبي فنربخشه نحو النفق المؤدي إلى غرفة الملابس.

طرح فكرة الانسحاب من الدوري

وعلّق فنر بخشه على أحداث الشغب التي وقعت عقب مباراة الفريق مع طرابزون سبور ببيان. وذكر النادي في بيان عبر موقعه الرسمي، إن مجلس الإدارة دعا إلى عقد جمعية عمومية غير عادية، يوم 2 نيسان المقبل، لمناقشة الإجراءات التي سيتم اتخاذها عقب أحداث الشغب، مع طرح خيار الانسحاب من مسابقة الدوري التركي.

يأتي ذلك بعد سلسلة من الأحداث التي أثارت الجدل في تركيا هذا الموسم، بما في ذلك هجوم رئيس أحد الأندية على حكم مباراة لفريقه وضربه على وجهه بلكمة أشعلت الشارع الرياضي في تركيا، كما تم تأجيل نهائي كأس السوبر في السعودية، والعديد من الاحتجاجات على قرارات التحكيم.

من جانبه أعلن الاتحاد التركي، فتح تحقيقات موسّعة في واقعة مشجعي طرابزون سبور. بينما استنكر جياني إنفانتينو رئيس الفيفا، أحداث الشغب التي شهدتها مباراة فنر بخشه وطرابزون سبور في الدوري التركي. وقال إنفانتينو في بيان: “أعمال العنف التي شهدتها مباراة طرابزون سبور وفنر بخشه، غير مقبولة على الإطلاق، ولا مكان لها في مجتمع كرة القدم”.

وأضاف: “سأكرر ما قلته في وقتٍ سابق، يجب أن يتمتع جميع اللاعبين بالسلامة والحماية والأمان، ليقدموا الأداء الذي تستمتع به الجماهير في جميع أنحاء العالم”.

وطالب رئيس الاتحاد الدولي، الجهات المسؤولة بضمان معيار الأمان والحماية، وضرورة محاسبة المتورطين في أعمال العنف المروعة في طرابزون.

ويعتبر دراسة إمكانية الانسحاب من قبل نادي فنر بخشه نقلة خطيرة في المشهد الكروي بتركيا، حيث يتمتع النادي بشعبية كبيرة ويعتبر من أهم الأندية في تركيا وهو الذي تأسس في العام 1907، ويمتلك الكثير من ألقاب البطولات الرسمية والودية، وتُوِّج بلقب الدوري 19 مرة، و16 مرة حلَّ بمركز الوصافة، وفاز أربع مرات بكأس تركيا، وحلَّ وصيفاً في سبع سنوات، وفاز سبع مرات بكأس السوبر، وحلَّ وصيفاً بذات العدد.

وقصة ولادة فنر بخشه كانت أقرب لقصة ولادة حزب سياسي، فالنادي الذي تأسس عام 1907 كان سرياً قبل ذلك، فالشباب الذين أسسوه في إسطنبول؛ نورزاد ضياء وآية الله بيه ونسيب أوكانر أبقوه سراً، حيث كان السلطان عبد الحميد الثاني يمنع لعب كرة القدم وتأسيس الأندية.

عدم تحقيق فنر بخشه لألقاب أوروبية، لا يمنع جماهيره من التفاخر بأنهم أول فريق تركي يفوز ببطولة غير تركيّة، عندما حملوا لقب كأس البلقان عام 1967، وهي بطولة كانت تشارك فيها أندية من اليونان والبانيا وبلغاريا ورومانيا وتركيا ويوغسلافيا سابقاً.

علاقة فنر بخشه مع أندية اسطنبول شديدة الخصومة، ويجمعه مع غالطة سراي ديربي خاص جداً على مستوى العالم، حيث يمثل هو الجزء الأسيوي من المدينة، في حين يمثل غالطة سراي الجزء الأوروبي، مما جعل الجمهور يسميه “الديربي الدولي – العالمي-“. كما يعاني فنر بخشه منذ عام 2011 مع قضية لا تنتهي، حيث يتم اتهامه بالتلاعب بالنتائج.

رئيس النادي عزيز يلدريم كان قد تم القبض عليه عام 2011 بتهمة التلاعب بالنتائج، ثم حكم عليه بالسجن لمدة 15 شهراً، لكنه خرج من السجن بعد فتح التحقيق. في عام 2016، تم اعتقال 30 متهماً، وعندها أعلن فنر بخشه أن ما يجري هو محاولة تشويه لسمعة النادي ورئيسه، وذلك بسبب صراع سياسي دائر بين أردوغان والداعية فتح الله جولن.

حادثة ليست الأولى من نوعها

الجدير ذكره إن هذه ليست المرة الأولى التي تشهد فيها مباراة في تركيا حالةً من الفوضى وتُفسد المباريات، فمن أكثر الأحداث الصادمة هذا الموسم كما ذكرنا آنفاً تعرّض الحكم خليل أوموت ميلر للكمة قوية على وجهه في أرض الملعب بعد مباراة أنقرة كوجو أمام ريزه سبور والتي انتهت بالتعادل (1-1) في 19 كانون الأول الماضي، مما أدى إلى إلحاق الأذى بعين الحكم، على يد فاروق قوجة رئيس أنقرة كوجو، والذي عُوقب بغرامة قدرها 66 ألف دولار وخوض ناديه خمس مباريات دون حضور جماهيري.

وغير الدوري التركي الممتاز في بطولات كرة القدم الأخرى تشهد تركيا أحداث كثيرة ومنها بغرض الكراهية والعنصرية، مثل تلك التي حصلت في شهر آذار الماضي من العام 2023، وذلك قبل بداية المباراة بين نادي بورصا سبور وآمد سبور التي يتمتع بجماهيرية واسعة من أبناء الشعب الكردي عموماً، بحيث قامت جماهير بورصا سبور بسب وشتم الشعب الكردي، ورفعت صور الضابط في “جيتام” “جيم ارسفار” الذي شارك في الاغتيالات للسياسيين والناشطين الكرد في باكور كردستان بالتسعينيات، والتي كانت تغلق ملفاتها من قبل الحكومات التركيّة المتعاقبة وقتها ضد مجهول.

وتزامن ذلك بالهجوم على الجماهير الكرديّة المرافقة لنادي آمد سبور، كما هاجم طاقم وبعثة نادي بورصا سبور اللاعبين والكادر الفني والإداري لنادي آمد سبور، وسط عدم تحرّك جدي من قوات الأمن التركيّة المتواجدة هناك وقتها.