سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

فعاليات الرقة الثقافية.. نقل الموروث وإبداع الحاضر

الرقة/ حسين علي ـ

لقد حاول الإنسان منذ القدم، أن يحفظ أسرار تاريخه، ويخلد إنجازاته القيمة، في منهج علمي موروث؛ تستقي منه أجياله اللاحقة، في مستودع علمي، يرجع إليه كلما أراد تغيير منهج حياته نحو التحضُّر، والتأصيل التاريخي، وبهذا الأنموذج الوجودي له، ابتدع منهجا وطريقا لنقل أساليب حياته، ورسوم حضارته إلى العصور السالفة، وهذا ماعناه الدارسون بثقافة الإنسان، ولنا في تاريخ الشعوب في الحضارات المتلاحقة أمثلة عديدة في ذلك، كالحضارة الفرعونية المصرية، وحضارة ما بين النهرين، وحاضرة الرشيد الثقافية، مدينة الرقة جوهرة الفرات.
فبهذا التأطير التاريخي لمنشأ الثقافة، عُزيت الثقافة إلى أنها عنصر تعريف للشعوب عامة، وعنصر مهم لإبراز التراث الغني بالقيم الإبداعية، والحضارية للشعوب، وبذلك اختصت كل مدينة، أو حضارة بتاريخها الثقافي الذي يدل عليها.
وإذا ما أردنا الحديث عن تاريخ المدن الثقافية؛ فإننا نجد الرقة حاضرة الثقافة منذ العصور الأولى للثقافة، وقد نشطت الحركة الثقافية بها كثيرا خاصة في الفترة، التي أرَّخت لخروج من عاثوا فيها فسادا ودمارا وخرابا، ومن هنا برز قيام الحركة الثقافية ترميما لما حصل في زمن الاندثار الثقافي العلمي والأدبي، فقد نشطت الحركة الثقافية فيها كثيرا، بجوانبها كافة الشعرية والنثرية، والفنية والمسرحية، بعد أن عمدت الإدارة الذاتية إلى تنشيط الحراك الثقافي، والاهتمام به بإقامة المهرجانات الثقافية، والأدبية، والمعارض السنوية فيها؛ ما شجع المثقفين، والشعراء، والمهتمين بالأدب في الرقة إلى المشاركة في هذه الندوات والمعارض الثقافية المختلفة.
دور المهرجانات الثقافية والأدبية في المجتمع
 فيما تبدو المهرجانات المقامة في الرقة تعريفا وبيانا بالثقافة فيها، حيث تشرف على ذلك هيئة الثقافة والآثار، ويعد وجود المركز الثقافي في الرقة، الذي يرتاده الأدباء والمثقفون، معلما بارزا مهما في تبادل الإنتاج، والحوار الثقافي، والفكري من خلال المشاركات المتنوعة للأدباء، والشعراء من كلا الجنسين، وتكون هذه المشاركات مخزونا ثقافيا لقاطني المدينة، كما أن قيام هيئة الثقافة في المدينة بناء مكتبات متعددة تحوي نفائس الكتب، والمؤلفات التي تسهم في حركة المدينة الثقافية، وفي زيادة الوعي الثقافي والعلمي، وفي المحافظة على الأدب والعلوم،  وفي هذا الصدد كشف الرئيس المشترك لهيئة الثقافة والآثار مرهف فهد لصحيفتنا “روناهي”: “في الرقة عامة مجلات ومكتبات، تجسد التطلعات الثقافية للشعوب كافة، وقد أقمنا معارض للكتب في مناطق شمال وشرق سوريا، وساهمنا في قيام ندوات، ولقاءات، ومهرجانات ثقافية؛ لتعزيز الحركة الثقافية والأدبية والفنية في المنطقة، ومن جميل المعرفة أن المكتبة الوطنية في الرقة تحتوي على  أكثر من 7000 كتاب منوع”.
دور الأدب في نشر الثقافة النقدية
 وبهدف تنشيط الحياة الثقافية في المدينة، وإشراك الأهالي في أنشطة ثقافية متنوعة، وتوضيح الجوانب النقدية والأدبية؛ كان لابد من افتتاح المهرجانات والمنتديات الأدبية والثقافية، ومؤخرا احتضنت الرقة مهرجانا أدبيا لثلاثة أيام متوالية، استقطب زوارا من العديد من مناطق شمال وشرق سوريا؛ بهدف إبراز الجانب الثقافي، ودوره في الحركة الثقافية بالمدينة، وهذا ما أبداه الرئيس المشترك لهيئة الثقافة والآثار مرهف فهد: “نحن حريصون على تطوير الجوانب الأدبية والإبداعية في المجتمع، ونعمل على تشجيع ذلك من خلال إشرافنا المباشر على الفعاليات الأدبية والفلكلورية، والمهرجانات، ولدينا أدباء، ونقاد، وكتاب، ومسرحيون أثبتوا قدرتهم الإبداعية رغم التحديات، التي مرت بالمنطقة”.
وفي هذا الصدد فقد أشار الكاتب إبراهيم الخليل لصحيفتنا “روناهي”:” الأدب متأصل، ومتجذر في فكر الإنسان، ومن الطبيعي يولد الإبداع من قلب المعاناة والحزن، ويجب أن نتعامل أدبيا من خلال معرفة الآخر، وليس إنكار الآخر، أو إلغاءه، وقد كتبت عدة كتب باللغة العربية الفصحى، وهناك مشاركات، وأشعار باللغة المحكية، لاقت ترحيباً وتقديراً من الكثير من الأدباء، والمفكرين؛ لذلك يكون العمل الأدبي متكاملاً ومتنوعاً وشاملا للغات الشعوب المختلفة في مناطق الإدارة الذاتية”.
وقد لمعت أسماء عديدة إثر هذا الاهتمام الكبير بالجانب الثقافي في الرقة، من الشعراء، والكتاب، والنقاد، والمؤلفين، كما ذكرهم الخليل فمنهم (عبد الرحمن المطر، وإبراهيم النمر، وإسماعيل الخليل، وعلي الكدرو، وهناء الصلال، وماريا العجيلي، وفوزية المرعي، ومريم الرمو، وسعيد السراج، وفخري درويش، وعمر الصران، حيث تنوعت أعمالهم الثقافية بالأعمال القصصية، والروائية، والمقالات الأدبية النقدية، كان أغلبها يحدد المعالم الثقافية والأدبية في الرقة”.
التعليم وأثره في الحفاظ على التراث الثقافي
ومن هذه الجوانب المختلفة تبرز القيمة الأدبية والثقافية لكل مجتمع، في أن يحيا متماشيا مع التطور الحضاري، ومسايرا لما يعطيه أثراً خالدا في الأزمنة والأمكنة المختلفة، وبهذا اختتم الخليل حديثه عن الجانب الثقافي في الرقة؛ لينقله عبر صحيفتنا “روناهي” للمهتمين في نتاج الرقة الثقافي: “الأدب مهم جدا في نشر الوعي، فمن واجبنا المحافظة على هذه الثقافة، والعمل على تطويرها في أذهان أبنائنا، فمن خلال التربية والتعليم واتحاد المثقفين، وهيئة الثقافة؛ نساهم في دعم الإبداع الأدبي والنقدي؛ لأنه الملجأ الوحيد لإخراج المجتمعات من الجمود والتخلف”.