فرت من عفرين تخلصاً من ممارسات المرتزقة الوحشية

روناهي/ الشهباء – هجِّرت من منزلها عنوةً، وتوجهت مع عائلتها لمناطق الشهباء، أغراهم البعض بالعودة لعفرين، فعادت لأنها تحب وطنها، لكن الأمور لم تكن كما تصورت، ها هي عفاف عبد الله تروي قصتها لصحيفتنا.
روت لنا عفاف عبد الله من قرية سيويا ((SEWIYA والألم يعتصر قلبها قصة خروجها من عفرين قائلةً: «بعد التهجير القسري لأهالي عفرين وتوجههم إلى مناطق الشهباء بسبب الحرب التي شنتها دولة الاحتلال التركي مع مرتزقتها، لجأنا أنا وعائلتي إلى بلدة تل رفعت وبقينا فيها حوالي شهرين، وكانت هنالك اتصالات كثيرة من قبل الأقرباء والجيران الذين بقوا هنالك، يريدون منا الرجوع إلى عفرين، كانوا يقولون لنا: «إن الأمور بعفرين جيدة وكل شيء على ما يرام، وكانت غايتهم أن يكون لهم جيران بجانبهم من أهالي عفرين».
تابعت عفاف بالقول: «قررت أنا وزوجي الرجوع لعفرين وقمنا بالتوجه إلى حاجز سوغاناك، وهناك كما العادة على الحواجز، يتم السؤال عن سبب رجوعك أو إن كان لك انتماء إلى حزب الاتحاد الديمقراطي، أو إذا ما كنت عضواً في وحدات حماية الشعب، ولتجاوز الحاجز يتم دفع المبالغ والرشاوي من أجل تسيير أمور العبور، وكان على كل شخص دفع عشرة آلاف ليرة سورية، وبعد عبورنا من الحاجز الأول ووصولنا إلى الحاجز الثاني، تم اعتقال شقيق زوجي واسمه دليل، وتم ضربه بشدة، فقمنا بدفع مبلغ وقدره 200 دولاراً ليتم إخلاء سبيله، وللعلم يتم دفع الرشاوي على كل الحواجز التي تمر منها. وبعد وصولنا إلى عفرين فوجئنا بما رأيناه، فالأمور لم تكن كما قيل لنا، عفرين باتت تشبه معتقلاً كبيراً، فالإنسان الذي يبقى هناك يجب أن يتقبل العبودية، وهو مقيد ومحكوم من قبل العصابات التي تسيطر على المقاطعة، ويختلف تعاملهم من عصابة إلى أخرى».
وأردفت عفاف: «بقينا عدة أيام لكننا لم نستطع البقاء والاستمرار، لذا قررنا الذهاب إلى جندريسة، لم يكن الوضع في جندريسة بأفضل من عفرين، حيث لم نكن نستطيع الخروج من منازلنا بحرية، حتى في حال الذهاب إلى الحانوت القريب من المنزل كان يتوجب عليك ألا تتكلم مع البائع كثيراً، أو تسأله عن شيء خارج أمور البيع، حتى في المنزل يمنع الوقوف على شرفة المنزل، وإن لوحظت إحدى النساء واقفة على شرفة منزلها، أو أنها تنظر من نافذة البيت، يقوم عناصر من المرتزقة بالتوجه إلى المنزل وضرب صاحبه وإذلاله».
استرسلت عفاف قائلة: «في إحدى المرات كنت خارج المنزل لشراء بعض الحاجيات، فرأيت شخصاً من المرتزقة ينادي على رجلٍ من العامة، وقال له: لماذا تنظر إلى سيارتنا بهذه الحقارة؟ يجب أن تضع عينك في الأرض حين ترى سياراتنا، هل تنتظر قدوم وحدات الحماية؟، لو كانوا سيعودون لما تركوكم وفروا من عفرين. كنا نسمع الكثير عن حوادث قتل الأهالي من قبلهم، وعمليات السرقة وكيف يداهمون المنازل وينهبونها، ويسطون على أموال الناس، وروت ابنة عمة زوجي مرةً: إن المرتزقة قاموا بقتل رجلين، وقاموا بعضِّ الرجل الثالث في رأسه وكل جسده، واستطاع الفرار منهم بأعجوبة، وقالت: إن الرجل الذي استطاع الفرار تحدث كيف قاموا بقتل الرجلين بعد أن وشى بهم أحد جيرانهم بأن أحدهم كان يخدم في قوات الأسايش، والثاني في قوات الحماية الذاتية، فقام المرتزقة بقتلهم في منزلهم داخل الحمام، لكن الثالث استطاع الفرار بأعجوبة».
وتابعت عفاف بقولها: «كنا نعيش كل يوم تحت ضغطٍ نفسي كبير، لذا طلبت من زوجي أكثر من مرة الخروج من عفرين، لأن ما من أحد يمتلك ذرة كرامة يستطيع التعايش والتأقلم مع هذا الوضع. وكان زوجي يسعى لإيجاد طريقة لإخراجنا من عفرين، وقبل أسبوع تمكنا من الخروج بسلام، ووصلنا إلى بلدة تل رفعت، وكنا قد بقينا حوالي شهرين، وأنا الآن سعيدة لأني أعيش بين أهالي عفرين هنا بكل حرية، وأمنيتي أن تنتهي هذه الحرب ونعود بحريتنا إلى أرض عفرين دون أن نكون محكومين من الغرباء والمرتزقة الذين لا يملكون ذرة من الإنسانية».