غلاء الأسعار ظاهرة يجب مواجهتها

أحمد اليوسف-

إنّ المجتمع هو النواة الأولى في البناء، وهو الأساس في مشروع الأمة الديمقراطية، هذا المجتمع ليستطيع البناء يحتاج الإدارة السليمة للموارد التي تتوفر على أرضه وفي بيئته التي يعيش فيها.

مجتمعاتنا تعرّضت للكثير من الأزمات المتتالية في السنوات العشر الأخيرة، والتي استنزفت مقدّراتها وأتعبت اقتصادها، ولعلّ أعظم المشاكل التي يعاني مجتمعنا منها ورغم كل الجهود المبذولة، هي المشكلة الاقتصادية في ظلّ انخفاض الليرة السورية وما ترتّب عليه من غلاء فاحش في السلع الأساسية يوازيه استغلالٌ واضحٌ من قِبل التجّار المحتكرين للسلع، والمستغلين لظرف انخفاض الليرة السورية غير المسبوق، وعليه فإنّ الأزمات تحتاج إدارةً إسعافية خاصّة بها ليتم التغلّب عليها أو تقليل آثارها قدر المستطاع.

حتى وقتٍ قريب كان الغلاء المعيشي مشكلة لكنه اليوم مع الارتفاع الجنوني والمتسارع للأسعار أصبح إشكالية لأصحاب الدخل المحدود، وعمّق هذا الجنون المتسارع في ارتفاع الأسعار من أوجاع المجتمع.

إنّ تكاتف الإدارة والمجتمع يمكنه أن يخلق حلّاً لمواجهة الغلاء الفاحش للأسعار المتوازي مع انخفاض قيمة الليرة السورية.

فمن جهة الإدارة فالواجب في هذه الحال السعي لتحسين دخل الفرد في المجتمع قدر الإمكان وبما يتناسب مع حاجاته الأساسية، وذلك بزيادة رواتب العاملين بما يتناسب وسعر صرف الليرة السورية، وكذلك التوجّه إلى أصحاب المعامل والمصانع والمقاولين بزيادة أجور العمّال بما يحقق لهم حاجاتهم الأساسية اليومية، وفي مجتمعاتنا وصل التنظيم من خلال منظمات المجتمع المدني أن أصبح للمقاولين والتجار والصناعيين والصاغة وغيرهم اتحادات تنظّمهم، فيمكن من خلالها أن يتم رفع أجور العمال بحسب سعر الصرف الحالي.

كما يمكن البحث عن خلق فرص عمل أكثر وخصوصاً للعوائل التي لا تملك معيلاً لها، فهي الأشد تضرراً من هذا الغلاء الفاحش جداً.

كما يمكن مراقبة الأسواق، فالكثيرون يستغلون هذا الوضع ويضاعفون الزيادة على سعر السلع بشكل مبالغ فيه جداً، ولقد دفع خوف التجار من ارتفاع كبير مقبل في الأسعار إلى “الاحتكار”، ما فاقم الأمر أكثر، إذ يشهد السوق قلة بالعرض وزيادة في الطلب، بالتزامن مع تدهور قيمة العملة، ليكون التأثير “مزدوجًا”.

إنّ الدخل في مجتمعاتنا مرتبط بالليرة السورية بينما يتم حساب كل السلع الأساسية وغير الأساسية بسعر الدولار، وهذه مفارقة عجيبة تهلك المواطن وتفْقِده قدرته الشرائية لأبسط احتياجاته اليومية وتخلق له أزمة كبيرة، وعليه فيجب الموازنة بينهما في حساب الدخل.

وفي الجهة الأخرى على المجتمع أن يكون أكثر وعياً، حيث أن للأزمة ظروفاً خاصّة، فالواجب أن نقلل الهدر ونستهلك حسب الحاجة اليومية للفرد وليس كما كنّا في حالة الرخاء وقبل الأزمة.

كما أنّ التجّار والصناعيين وغيرهم من أصحاب الأموال هم أبناء المجتمع وعليهم الشعور بمجتمعهم وتقليل قيمة الربح قدر الإمكان في هذه المرحلة، فواجبك تجاه مجتمعك عملٌ إنساني، وواجبٌ مقدّس.

إننا ندعو الجميع لتحمّل مسؤولياتهم، إدارةً ومجتمعاً، من أجل التغلّب على هذه المرحلة وتقليل آثارها المدمرة على شعوبنا وعلى تقدمنا الذي بات محط أنظار العالم بأسرهِ.