تبدو لعبة البوكر الجيوسياسية التي يلعبها أردوغان بتقاربه مع روسيا ستحمل تبعات قد تفجر بركان الغضب الأوروبي والأمريكي ضد تركيا لاسيما وأن أردوغان يحاول استثمار الأزمة الأوكرانية .ففي تقييمها للقاء بين أردوغان والرئيس الروسي فلاديمير بوتين في سوتشي والرسائل التي أُرسلت بعد ذلك، قالت صحيفة فاينانشيال تايمز إن “أردوغان يلعب لعبة محفوفة بالمخاطر”.
وأشار المقال إلى أن أنقرة وموسكو “عمقتا علاقاتهما”، وقال: “على أردوغان توخي الحذر في لعبة البوكر الجيوسياسية لأنه ربما يعتمد كثيرًا على الأوراق التي في يده”.
ولا يخفى على أحد ما يريده رأس النظام التركي من الاتفاقية فقد ذكرت الصحيفة أن أردوغان يهدف إلى جذب رؤوس الأموال الروسيّة إلى تركيا قبل الانتخابات التي يريد الفوز بها، لكن تعاون أنقرة الوثيق مع موسكو قد يدفع الولايات المتحدة إلى الانتقام.
وتابعت الصحيفة بالقول: “ومع ذلك، فإن أردوغان حريص على الحفاظ على علاقات اقتصادية مهمة مع موسكو، واجتماعه الذي استمر أربع ساعات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في الأيام الماضية يثير قلق العواصم الغربية لأن أردوغان يعمّق علاقاته مع موسكو، علاوةً على ذلك، فإن حلفاءه في الناتو على العكس من ذلك بينما يبحث الكرملين عن طرق لتجاوز العقوبات الغربية “.
وتذكر الفاينانشيال تايمز أن تركيا لم تشارك في العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على روسيا بعد عملياتها العسكرية في أوكرانيا، واستمرت في شراء النفط والغاز من روسيا، وأبقت مجالها الجوي مفتوحًا أمام الطائرات التجارية الروسيّة.
وقالت الصحيفة: “ليس من الواضح ما هي القضايا التي اتفق عليها أردوغان وبوتين في سوتشي”، وتتذكر الصحيفة بيانين أدلى بهما بعد اجتماعهما، أعلن نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك أنه تم التوصل إلى اتفاق بشأن الانتقال الجزئي إلى الروبل في مدفوعات تجارة الغاز الطبيعي بين تركيا وروسيا.
كما أكد أردوغان أنه تم الاتفاق على مدفوعات الغاز الطبيعي بالروبل، قال عن نظام البطاقة “مير” الذي يسهل على السائحين الروس تسديد المدفوعات في تركيا، “حاليًا، تعمل بنوكنا الخمسة على ذلك”.
وفقًا لصحيفة فاينانشيال تايمز، في الوقت الذي تعلقان فيه فيزا وماستركارد عملياتهما في روسيا، تشعر الدول الغربية بالقلق من استخدام اتصال مير لتحييد العقوبات.
وكتبت الصحيفة: إن أردوغان قام قبل اقتراحات روسيا بتعميق التعاون في مجالي البنوك والطاقة، والتي سربتها المخابرات الأوكرانيّة، على الرغم من عدم وجود دليل على ذلك حتى الآن، وأضافت أن هذا قد يساعد موسكو في الالتفاف على العقوبات الغربية.
واختتمت الفاينانشيال تايمز مشيرةً إلى أن أردوغان يريد الفوز في الانتخابات المقرر إجراؤها في تركيا العام المقبل وبأي وسيلة كانت.
وعلى الرغم من كونها عضوًة في الناتو، فإن تركيا ليست ملزمة قانونًا بالمشاركة في عقوبات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ضد روسيا، ومع ذلك، من المرجح أن يؤدي تعميق العلاقات الاقتصادية مع موسكو إلى احتكاك مع الغرب، وعلى وجه الخصوص، تركيا والسويد وتركيا وفنلندا بعدما تم منحهما عضوية الناتو.
وقال مسؤول كبير إنه إذا فعل أردوغان ما أشار إليه في لقائه مع بوتين فقد تطالب الدول الغربية الشركات والبنوك الأوروبية والأمريكية بالانسحاب من تركيا، إضافة لإجراءات أخرى قد تشل الاقتصاد التركي، مما يدعو للتساؤل هل سياسة أردوغان الأخيرة ستكون بداية النهاية لانهيار حكمه وإدخال تركيا في أزمات أعمق.