سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

عن قضية كوباني التي ذاع صيتها في العالم

هيفيدار خالد

قضت محكمة تابعة لحزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا بسجن الرئيس المشترك السابق لحزب الشعوب الديمقراطي صلاح الدين ديمرتاش، والرئيسة المشتركة السابقة لحزب الشعوب الديمقراطي فيغان يوكسكداغ والسياسي الكردي البارز أحمد ترك ومجموعة من أعضاء الحزب وبرلمانيين وناشطين وسياسيين كرد، بتهمة تقديم الدعم السياسي لمقاومة كوباني في وجه مرتزقة داعش الإرهابي.

تحالف حزب العدالة والتنمية والحركة القومية يريد من خلال هذه الأحكام الجائرة ذات الطابع السياسي والعنصري، بحق هؤلاء السياسيين المعارضين إبعاد الكرد عن لعب دورهم في الحياة السياسية، بعد انتخابهم من قبل الشعب، ممارساً بذلك سياسة التضييق على الكرد أينما وجدوا سواء داخل البلاد أو خارجها. وهو ما ليس بجديدٍ عليه، فهو من قدّم أمام أنظار العالم أجمع الدعم اللوجستي لداعش الإرهابي إبّان هجومه على مدينة كوباني وفتح حدود بلاده على مصراعيها من أجل دخول عناصر داعش إلى سوريا.

إلا أن فشل النظام التركي وداعش الإرهابي في تحقيق مآربهم أمام مقاومي كوباني وأبطالها زاد حنقه، فأقدم على اعتقال كّل من قدّم الدعم المادي أو المعنوي لمقاومي مدينة كوباني وزج بهم في السجون والمعتقلات لينتقم منهم عبر هذه المحاكمات الصورية، مخالفاً بذلك كلّ القوانين والمواثيق الدولية.

وما قرار سجن صلاح الدين ديمرتاش 42 عاماً وفيغان يوكسكداغ أكثر من 30 عاماً، الذي خرج من المحكمة، إلا قرار سياسي بحت؛ لأنّ أوامر تنفيذ وتطبيق قراراتٍ كهذه لا تصدر إلا عن طريق أردوغان الفاشي الذي يتوجّس خيفةً من قوة السياسيين الكرد المعارضين لسياسته القمعية والدكتاتورية في البلاد، دون أي صلة لتلك القرارات بالحقوق أو قوانين حقوق الإنسان كما يزعم رئيس النظام التركي، بل جاءت منافية لكل المعايير والقيم الإنسانية التي عرفتها البشرية.

قرارات أردوغان وأحكامه الجائرة وقمعه للحريات الشخصية في البلاد تشير إلى مدى هيمنة حزب العدالة والتنمية على كامل مفاصل السلطة في البلاد، والذي اتخذ منها منفذاً للتهرّب من الأزمات التي تعصف بتركيا، محاولاً إيهام الشعوب هناك بحججٍ واهية لتشتيت الرأي العام التركي وإبعاده عن حقيقة الفشل والتراجع السياسي في البلاد، وتبرير هجماته الوحشية في سوريا والعراق والمنطقة، وذلك عبر تقديم الساسة الكرد والترك، وفي مقدمتهم، الرئيس المشترك السابق لحزب الشعوب الديمقراطي صلاح الدين ديمرتاش، لمحاكمةٍ صوريةٍ مسيّسة من قبل حزب العدالة والتنمية، في مسرحيةٍ هزليةٍ بعيدة كلّ البعد عن العدالة والقانون.

أحكام الدولة التركية بحق السياسيين والحقوقيين الكرد في شمال كردستان، باتت وصمة عارٍ على جبين المجتمع الدولي الذي لم يُحرّك ساكناً تجاه انتهاكاتها غير القانونية. لذا؛ فإن إطلاق سراح القادة الكرد والضغط على الدولة التركية للتراجع عن كلّ هذه الإجراءات والانتهاكات والممارسات التعسفية وتحقيق الحرية الجسدية لجميع المعتقلين، هو واجبٌ أخلاقي والتزامٌ إنساني لن يرحم التاريخ كلَّ من تهاون وتقاعس عن تحقيقه.

ولكن كما يقال “رب ضارّةٍ نافعة”، حيث إن إرسال النظام التركي عناصر داعش الإرهابي إلى مدينة كوباني لم يكن نهاية المدينة أبداً، بل بداية النصر المؤزّر الذي لفت أنظار العالم إلى قضية الشعب الكردي المقاوم؛ لذلك لن تكون قرارات أردوغان وأحكامه الجائرة بحق القادة الكرد وسياسييهم وناشطيهم، إلا بداية مرحلةٍ جديدةٍ من النضال الحر ضد الذهنية الدكتاتورية والفاشية التركية التي لا تعترف بالآخر.