قامشلو/ جوان محمد ـ
محاولة الاتحاد الرياضي في إقليم الجزيرة منح الفرص لكل من يتجاوز، قد يراها البعض خطوة بمكانها، وذلك عبر إصدار عفو عام ما بين الفترة والأخرى، ولكن بحسب تجارب سابقة لم نشهد أي فائدة كبيرة من أي عفو عام صدر في السابق، والدليل نفس الأشخاص عادوا للتجاوزات نفسها.
وأُصدِر مؤخراً عفو عام عن العقوبات والمخالفات بحق الرياضيين في إقليم الجزيرة من قبل الاتحاد الرياضي، بمناسبة الانتصار في حملة “مطرقة الشعوب” وترحماً على أرواح الشهداء 121 الذين ارتقوا من قوات سوريا الديمقراطية والأمن الداخلي في شمال وشرق سوريا للشهادة، ومع التمني بتقدير هذه الخطوة من قِبل من أُعفي عنهم من الرياضيين.
بكل تأكيد عدم وجود معاقبين في رياضة الإقليم أمر محبب ومطلوب، ولكن عندما يكون هناك وعي رياضي، واحترام لكافة القرارات التي تتخذ في المباريات من قِبل الحكام، وطبعاً سوف نركز على لعبة كرة القدم لأنها أكثر الألعاب التي تُخلق فيها المشاكل وتكثر فيها العقوبات.
ولكن مع وجود أشخاص غير قادرين لتمالك أنفسهم في حال حصل خطأ من الحكم أو حتى لم يُخطئ، ولأنه قليل الخبرة في الثقافة الرياضية والمعرفة بقوانين اللعبة، فالأفضل هو تشديد العقوبات بحق كل من يتجاوز بشكلٍ مستمر ويصل معه الأمر لضرب وشتم الحكام.
العقوبات حالياً ضرورية
وعلينا أن نتيقن بأنه دون العقوبات الرادعة لن يكون هناك توجه صحيح لرياضة إقليم الجزيرة وخاصةً لعبة كرة القدم، وأصبحت هذه العقوبات هي الطريقة الأمثل للتصدي للتجاوزات على الحكام، والتي كما ذكرنا بأنها وصلت للضرب والشتم بشكلٍ علني، وكادت أن تصبح عادةً في بعض البطولات ضمن الملاعب المغطاة.
طبعاً الحجة الموجودة الحكام يظلموننا، ونحن بدورنا ذكرنا كثيراً أن يكون الحكم منتبهاً، وأن يجهد في متابعة كافة التحديثات والتعديلات على قوانين الكرة، ولكن بالمقابل بسبب كورونا خلال العامين الماضيين تقلصت الدورات التحكيمية والاختبارات للحكام، بالرغم أنه مهما كانت الظروف فقد كان من الأفضل التركيز على صقل الكادر التحكيمي باستمرار، لأنه بالفعل عدد كبير من الحكام لدينا يحتاجون لدورات صقل ومتابعة حثيثة للرفع من مستواهم التحكيمي، ولكن كل ذلك لا يمنح الحق لأي مدرب أو إداري أو لاعب التعدي عليهم.
ولا يجوز للحكم التطاول بالمباراة على أي لاعب مهما كان هناك تجاوز منه، ويستطيع أخذ حقه عبر التقرير الذي يُرفع للجنة الفنية ومكتب كرة القدم في الاتحاد الرياضي، ويتطلب معاقبة كل حكم يرد على اللاعب أو الإداري أو المدرب بنفس أسلوبه، فكما نطلب منهم احترام قرارات الحكام، على الحكام أيضاً استيعاب هؤلاء الأشخاص الذين أصبحت عادةً لهم رفع أصواتهم في الملاعب والاعتراض دائماً على كل صغيرة وكبيرة، ومنهم يفعل ذلك من باب أن رفع الصوت يوحي أنه مدرب أو لاعب يفقه كل الأمور وهو ذو شخصية قوية، وأغلب الأوقات يكون العكس هو الصحيح.
ونذكر بأن الحكم يُتطلب منه المواظبة والحفاظ على لياقته، وعلى متابعة القوانين التحكيمية التي تُعدَّل ما بين فترة والأخرى، ونوهنا كثيراً على قضية الحكام وليس دفاعاً عنهم، وقضية الضرب والشتم مرفوضة، ولا يجوز أن يُمارس بحقهم بأي شكل من الأشكال، فمثلاً هل المدرب قادر لضرب لاعبه الذي يضيّع الفرص أمام المرمى؟ هل هو قادر لسبه؟ هل هو قادر على معاقبته؟.
الحكم شماعة
عندما يكون هذا اللاعب السبب في خسارتك لماذا لا تتخذ أي إجراء بحقه؟، وفي حال الحكم ارتكب خطأ وحتى قد لا يكون مرتكبه، بل لأن المدرب أو الإداري أو اللاعب نفسه لا يعرف بقانون التحكيم، فهم فوراً يقومون بالاعتداء على الحكم ويقولون أنت سبب الخسارة لنا.
90 دقيقة ولاعبو الفريق يضيعون الفرص ولو استغل الفريق الآخر فرصة واحدة وسجل هدفاً، والحكم منح ركلة ركنية بشكلٍ خطأ يصبح الحكم هو المسؤول عن الخسارة!.
وعلينا أن نعترف بأن الحكام لدينا ليسوا ذوي مستوى عالمي، ولكن هؤلاء هم الموجودين لدينا وهذه إمكانياتهم، فوسط الظروف المادية الصعبة وقلة الدورات التدريبية وإهمال تطوير الذات عند العديد منهم، ومع ضغط من الجمهور والمدربين واللاعبين خارج الملعب وبداخله فمن الجيد مازلنا نرى عدداً من الحكام في ملاعبنا يقومون بالتحكيم.
فكلنا نعلم بأنه ابتعد الكثيرون عن التحكيم بسبب السب والشتم والضرب والإهانة والاتهامات بدون أي دليل ملموس بالرشوة والفساد حتى الآن رسمياً، ورغم ذلك مسلسل الضرب مستمر، وحتى شهدنا ضرب للحكام رغم الفريق متقدم بفارق عدة أهداف والمباراة تقترب من النهاية!، ولاعب أحد النوادي قام بضرب الحكم بعد مرور 35 دقيقة فقط من عمر المباراة الأولى لناديه في الموسم الكروي! تصوروا الدوري بمرحلتيه الذهاب والإياب متبق، والحكم تعرّض للضرب!.
العفو ما بين السلبي والإيجابي
إن هذا العفو الأخير الذي صدر من الاتحاد الرياضي في إقليم الجزيرة يمنح من قبله فرصة جديدة لكل من ذهبت عقوبته، طبعاً كانت عقوبته مستحقة، فهناك بعض من الحالات قد يكون هناك من ظلم فيها، وفي المحصلة يتطلب أخذ هذا العفو كبادرة حُسن نية من الاتحاد بأنه يتطلع للأفضل من الرياضيين المعاقبين، ورغم أن هذا العفو خلق حالة استياء للكثيرين ومنهم كانوا حكام وأعضاء من اللجنة الفنية لكرة القدم، وهناك من أخبرنا بأنه أصدر عفو كل فترة يزيد من التجاوزات على الحكام في إقليم الجزيرة، وأن العفو الأخير خلق حالة استياء لديهم.
ونتوقع يكون من الأفضل مع إصدار أي عفو أن يستثنى منه من تم فصلهم من أسرة الاتحاد الرياضي، ونحن ندرك بأنه بات في العام يصدر أكثر من عفو عام عن العقوبات، وكل فترة نشهد صدور عفواً جديداً، مما يخلق راحة لكل من يتجاوز بشكلٍ مستمر، وحالة استياء لمن تم التعدي عليه، ولذلك من الأفضل في حال كان العفو الصادر عاماً ولا يستثني منه أحد، أن يصدر كل سنتين أو ثلاث سنوات، وليس كل عدة أشهر نرى رفع كافة العقوبات، ونشهد كيف ترجع حليمة لعادتها القديمة.
