سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

عفرين… وطنٌ محتلٌ يستبيحه الارتزاقُ

تحقيق / رامان آزاد –

في عفرين يسعى الاحتلال التركيّ من خلال فصائل المرتزقة الموالية له إلى تضييق سبل الحياةِ على المواطنين الكرد أهالي المنطقة الأصلاء ويتبع سياسة استباحة المنطقة تشتمل على التجويعِ والإفقارِ وخلقِ بيئةِ الفوضى عبر الاعتقالِ العشوائيّ والخطفِ لإفقادِ الأهالي الشعورَ بالأمنِ والاستقرار، ودفعهم على الخروج من قراهم وبلداتهم وترك منازلهم وممتلكاتهم للمستوطنين المستقدمين من مناطقِ أخرى بغية تثبيت ركائز تغيير التركيبة السكانيّة للمنطقةِ، وفي جديد الاحتلال بيعٌ للقرى وعدم الصلاة خلف إمامٍ كرديّ.
بيعٌ للقرى… ولجنة عقاريّة
نقل موقع “عفرين بوست” عن مصادرَ مطلعةٍ أنّ فصيلَ “لواء السلطان سليمان شاه” المعروف بالعمشات والذي يقوده المدعو “محمد الجاسم أبو عمشة”، عرض مؤخراً على فصيل “الجبهة الشاميّة” بيع قريتين بناحية شيه/ شيخ الحديد بريف عفرين المُحتلة، مقابل مبلغ ماليّ كبير.
وأكّدتِ المصادرُ أنّ عرضَ “العمشات/ سليمان شاه” لمرتزقة “الجبهة الشامية” يتضمن تسليم السيطرة الأمنيّة على قريتي “أرنده ومستكا”، مقابل مبلغ ماليّ كبيرٍ لم يُحدد مقداره، إضافة لمنحها السيطرة الأمنيّة على قرية كاخره/ايكي آخور بناحية موباتا/ معبطلي.
ويحتل فصيل “السلطان سليمان شاه/العمشات” مركز ناحية شيه والقرى التابعة، عدا قريتي مستكا وأرنده، بينما يسيطر فصيل “الجبهة الشاميّة” على مركز ناحية موباتا/معبطلي وأغلب القرى التابعة لها.
وقد عمد فصيل “العمشات” بداية احتلاله لناحية شيه على شراء قرية “جقلا وسطاني” من “لواء محمد الفاتح” مقابل مبلغ ماليّ كبيرٍ.
يُذكر أنّ سلطاتِ الاحتلالِ التركيّ بُعيد احتلالها لعفرين مباشرةً قامت بتقسيمها لعدةِ قطاعاتٍ أمنيّةٍ ووزعتها على الفصائل المشاركة في غزو المنطقة واحتلالها.
ويوم الخميس 12/12/2019 شكّل عناصرُ فصيل سعد بن أبي وقاص لجنةً من قبلهم لتسجيل عقاراتِ بعض أهالي قرية سنارة، ممن هاجر قبل الاحتلال والبعض الآخر بعده، حيث قاموا بتسجيل أملاك عائلة شيخي عارف آغا كون أولادهم في تركيا قبل احتلال عفرين وكذلك أملاك عائلة محمد الملقب بالحجي وغيرهم. ومازالت الحملة مستمرة في قرى أخرى في عفرين بعدما قاموا بسرقة ونهب محصول الزيتون وقطع الاشجار وتحطيبها بقصد البيع.
المستوطنون لا يأتمون بإمامٍ كرديّ
وفي سلوكٍ عنصريّ مشين اعترض مستوطنون متطرفون على تعيينِ إمام وخطيب كرديين في جامع ببلدة راجو، ورفضوا أداء صلاة الجمعة خلفهما. ونقلت شبكة “عفرين بوست” عن مصادر محليّة بناحية راجو أنّ مستوطنين متطرفين رفضوا الصلاة الجمعة الماضية 13/12/2019، خلف الإمام الكُرديّ “إبراهيم نعسان” بالجامع الفوقانيّ براجو لكونه كُردي ولا تجوزُ الصلاةُ خلفه.
وكانت رئاسة الشؤون الدينيّة التركيّة “ديانت” التابعة للنظام التركيّ قد عيّنت في وقت سابق إبراهيم نعسان إماماً، ومصطفى بلال خطيباً للجامع الفوقانيّ ببلدة راجو. وأشار المصدرَ إلى أنَّ الاحتلال التركيّ عيّن جنوداً أتراكاً لحماية رجلي الدين، بعد تلقيهما تهديدات بالقتلِ من المستوطنين في حال عدم تنحيهما عن مهامهما بالجامع.
وتأتي الحادثة لتوضح النظرة العنصريّة لدى المستوطنين واحتكار الدين قوميّاً للصلاة ويتعلق ذلك بالخلفيّة التاريخيّة والثقافيّة والفكر المتطرف الذي زرعه تنظيم الأخوان المسلمين، مقابل حالة التسامح الطبيعيّة لدى الكرد وعدم تشددهم، كما أنّه يستندُ لفكرةِ شرعِنة الاحتلالِ، فالمستوطنون يعتبرون وجودهم في عفرين واحتلالها لها حقاً يكفله الدين، ويفتون بكفرِ أهل المنطقة، علماً أنّ قواتِ العدوانِ تعمدت استهدافَ المساجدِ والمزاراتِ.
سرقات وإتاوات وتجاوزات
تفشي السرقات بات من العوامل الأكثر استنزافاً للقدرة الماليّة، وينفذها المستوطنون وأبناؤهم ممن يسمّون “الجيش الوطنيّ السوريّ”، وتطال السرقات أرزاق وممتلكات أهالي عفرين.
ففي حي المحمودية بمدينة عفرين، تنشط المجموعة المسلحة التي يتزعمها المدعو “إبراهيم أبو خليل” في ميليشيا “أحرار الشرقية” والمنحدر من بلدة العشارة بريف دير الزور، بشكل كبير في مجال السرقات وطرد السكان الكُرد من منازلهم.
تقول المواطنة الكُرديّة سلطانة إنّ مجموعة المدعو ” إبراهيم أبو خليل” المدعومةِ من الاستخبارات التركيّة، حوّلت حياة السكان الكُرد بحي المحموديّة إلى جحيم.
وأوضحت سلطانة أن المدعو “أبو خليل” يمتلكُ أداةً لكسرِ أقفال المحال التجاريّة لتنفيذ عمليات السرقة، حيث قامت مجموعته في الأسبوع الماضي بكسر قفلِ محلٍ للألبسة بوضح النهار، وسرقت كلّ محتوياته دون أن يجرؤ أحد من الاقتراب أو الاعتراض، كما سرق سيارتين لمواطنين كُرد في محيط مدرسة “تشرين” بالحي ذاته.
وتؤكد سلطانة أنّ صاحب المحل التجاريّ تقدم بشكوى لدى سلطات الاحتلال التركيّ، إلا أنّها طلبت منه إثبات عملية السرقة بالفيديو! ما يدلُّ على الدعم القوي الذي يحظى به المدعو “أبو خليل” من قبل الاستخبارات التركية.
وتابعت سلطانة المدعو “أبو خليل” طرد الكثير من العائلات الكُرديّة من منازلهم، وجلب منذ نحو أسبوع عائلة داعشيّة من العشارة بريف دير الزور وأسكنها في إحدى الشقق التي يستولي عليها، وقد خرجت إحدى زوجتي العنصر الداعشيّ ليلة أمس لشرفةِ المنزل لتصرخ معلنةً أنّها داعشيّة وستقوم بتفجير نفسها بواسطة الحزام الناسف الذي تلبسه، ما أجبر سكانَ البناء السكنيّ للخروج من منازلهم، وتدخل على إثرها جنود الاحتلال التركيّ وقاموا بسحبها من المنزل.
وتنقل منظمة حقوق الإنسان عن مصادر محليّة أيضاً قيام عناصر فصيل سعد بن ابي وقاص في 13/12/2019 بسرقة أكثر من 25عدادٍ للكهرباء والمياه من منازل قرية أنقله بناحية شيه.
-فرضت العناصر المسلحة التابعة لفصيل أحرار الشام في 8/12/2019 على مختار قرية حاجيلار/ بناحية جنديرس “إبراهيم محمد الملقب جبلوك” مبلغ ماليّاً وقدره /500/ ألف ل.س لبناء “كابينة حراسة المقر” وسط القرية بحجّة حمايتهم من عمليات السرقة والنهب والسطو المسلح والخطف، ونظراً لعدم قدرة المختار على دفع المبلغ قام بإبلاغ أهالي القرية للمساهمة بتأمين المبلغ.
وفي سياق آخر تقومُ القواتُ التركيّة بترسيم الحدود من جديد عبر إزاحةِ الحدودِ داخل الأراضي السوريّة في القرى الكردية بناحية بلبله بحوالي “300” متر، ووضعِ كتلٍ إسمنتيّة قرب قريتي (زعرة وعلي كاره) تحسباً لترسيم الحدود مستقبلاً مستغلةً وجودها واحتلالها للمنطقة.
اعتداءٌ واعتقالٌ بسبب الموسيقا
ذكر موقعُ عفرين بوست أنّ مسلحين من “فرقة السلطان مراد” اعتدوا بالضربِ على مواطن كُردي بقريةِ زعره بناحية “بلبله، أثناء قيامه بحراثة حقلٍ للزيتون، بذريعة عدم احترامه لمشاعرهم وفقدهم رفاقاً لهم، قُتلوا في معارك شرق الفرات، وأكد المُصدر أنّ المواطن إسماعيل إسماعيل كان يحرثُ حقلَ زيتونٍ قربَ الطريقِ، مستمعاً للموسيقا عبر جهاز MP3، فتقدم إليه مسلحون من مرتزقة “فرقة السلطان مراد” كانوا يمرّون قريباً منه، وانهالوا عليه بالضرب المُبرح، وقالوا: “نحن نستشهد في معارك تحرير شرق الفرات وأنت هنا تستمع للموسيقا؟!”.
وأضاف المُراسل أنّ المسلحين قاموا بخطفه وحجز جراره الزراعيّ لعدة أيام في بلدة “بلبله، وأفرجوا عنه وأعادوا له جراره، بعد دفعِ مبلغٍ كبيرٍ.
وتعتبرُ مرتزقة “فرقة السلطان مراد” من أكبر الفصائل الإسلاميّة تعداداً في الغزو التركيّ إلى جانب فصائل (أحرار الشرقية، فليق المجد، فيلق الشام، لواء المعتصم، الجبهة الشامية)، وسقط الكثير من مسلحيها قتلى خلال العدوان التركيّ على شرق الفرات.
خطفٌ وترهيبٌ
خطفت عناصر أمنيّة تركيّة (المخابرات) الخميس 05/12/2019 جوان جبر من أهالي ميدانكي أثناء ذهابه إلى مركز البريد ptt لقبض راتبه كونه مدرساً للغة التركيّة بمدرسة القرية واقتيد إلى سجن معراته. علماً بأنه مثِل أمام المحكمة لتسوية وضعه الإداريّ ودفع كفالة ماليّة.
أقدمت عناصر مسلحة تابعة لفصيل فيلق الشام الثلاثاء 10/12/2019 على خطف المواطن رشيد سيدو من أهالي قرية ميدانكيّ بحجّة قيامه بقطع أشجار الزيتون دون وجود أيّة دلائل. علماً بأنّه خطف من قبل نفس الفصيل أكثر من مرة وأطلق سراحه بعد دفع الفدية المالية.
في 8/12/2019 داهمت عناصر مسلّحة ترتدي زي الشرطة المدنيّة منزل المواطن رحيم أحمد نصيري من قرية إشكان غربي وخطفته بعد عودته للقريةِ، بتهمةِ أداء واجب الدفاع الذاتيّ قبل الاحتلال.
لا زال مصيرُ المواطن فخري إبراهيم من أهالي ميدانكي مجهولاً منذ اختطافه بتاريخ 16/10/2019 من قبل عناصر فصيل فيلق الشام، حيث أُودع المعتقلَ ضمن المقر الأمنيّ لفيلق الشام ببلدة ميدان أكبس دون معرفة الأسباب.
أقدمت دورية مشتركة من مرتزقة فرقة السلطان مراد والاستخبارات التركيّة قبل عشرة أيام، على اختطاف مواطنين كُرديين من منزلهما في قرية خليلاكا بناحية “بلبله واقتادوهما إلى جهة مجهولة، بحسب مراسل عفرين بوست، الذي أفاد أنّ المواطنين هما محمد حسين شيخ علي (20عاماً) وموسو خليلاكا من منزلهما بالقرية.
– ما تزال الفصائل المسلحة السورية الموالية للاحتلال التركي تمارس الانتهاكات بحق المواطنين الكرد المتبقيين في عفرين وان الانتهاكات في التزايد بغية اجبار المتبقيين فيها للتهجير القسري وتوطين عوائل المسلحين والمستوطنين القادمين من مناطق سورية أخرى محلهم.
ضحايا من النساءِ المسناتِ
تدهورت الحالة الصحيّة للمواطنةِ أم رشيد زوجة الرحوم محمد دودخ، بعدما استولى مستوطنٌ من منطقةِ الباب ينتمي لفصيلِ “السلطان مراد” على منزلها بقوة السلاح وطردها منه أواخر الشهر الماضي، علماً بأنّها استعادت منزلها قبل فترةٍ وجيزةٍ من طردها ورممت بعض الجدران المهدمة نتيجة القصف التركيّ أثناء اجتياح المنطقة. والوضع الصحيّ لأم رشيد بات خطراً وأصبحت طريحة الفراش في حالٍ أقرب للاحتضار.
قصة أم رشيد تعيد للأذهان حكاية الأم عائشة عثمان بداية تشرين الثاني 2018، حيث قام ثلاثة أشخاص ملثمين بالسطو المسلح وسرقة مبلغ ماليّ قدره 50 ألف ل.س إضافة إلى إسوارتي ذهب من منزل المواطن نظمي سيدو محمد (60 عاماً) من أهالي قرية برج عبدالو بعد تقييده مع زوجته فاطمة عثمان (50 عاماً) في غرفة وتقييد أمه عائشة حنان (80 عاماً) بالغرفة الثانية وأدخلوا رأسها في كيس حجب عنها الهواء ما أدّى لاختناقها ومفارقتها الحياة.
ويقع المنزل بجوار إقامة قائد فصيل الحمزات المدعو “عبدو عثمان” الملقب أبو محمود المسيطر على القرية، وبعد إجراء التحقيقات اللازمة تبيّن أنّ القيمة الإجمالية للمسروقات تتجاوز سبعة ملايين ل.س (نقداً وذهباً). وتمَّ تحميل مسؤولية السرقة والوفاة للمدعو عبدو عثمان وأنّه من خطط ونسق مع الجناةِ من عناصره، وإثر ذلك فرّ إلى جهة مجهولةٍ واختفى أثره رغم معرفة المخابرات التركيّة وقادة الفصيل بالحيثيات الكاملة للجريمةِ.
المفارقة أنّ المدعو عبدو عثمان ظهر مؤخراً بصفة لاجئ بالمملكة الهولندية متمتعاً بكافة الإجراءات القانونيّة والإداريّة المقدمة لطالبي اللجوء دون تقصّي الحقائق عنه.
كيف استشهد محمد بكر حسين؟
أقدمت “هيئة تحرير الشام” يوم الجمعة، على إعدام الشاب الكرديّ محمد بكر حسين (21 عاماً) من قرية دمليا التابعة لناحية ماباتو، وذكرت مصادر خبريّة أنّ عناصرَ هيئة تحرير الشام اختطفت الشاب محمد قبل عدة أشهر في إدلب إذ كان من بين السوريين المرحلين قسريّاً من تركيا وتمَّ إدخاله عبر معبر بابِ الهوى، فيما قالت مصادر إنّه كان بصددِ العودةِ الطوعيّةِ من تركيا إلى سوريا عبر إدلب، واُختطف فأُودعَ السجنَ وتمَّ تعذيبه جلداً بتهمةٍ ملفقةٍ. وبعد عدةِ أشهرٍ من سجنه طالبوه بفديةٍ ماليّةٍ كبيرةٍ لقاءَ الإفراجِ عنه، تحت طائلةِ قتله، إلا أنّ عائلته لم تستطع تأمينَ المبلغِ المطلوبِ.
محمد اتصل يوم الخميس 11/12/2019 بعائلته عبر هاتف جوال، وتحدث مع شقيقه، فاستوصاه خيراً بوالديه وآخر ما قاله: “اليوم هو آخر يوم بحياتي، سلّم على الأولاد ودير بالك على ماما وبابا…لا إله الا الله”، وانقطع الاتصال. في اليوم التالي نفذت النصرة تهديدها بإعدام حسين رمياً بالرصاص، وفيما بعد تواصلوا بعائلة حسين وأبلغوهم لاستلامِ جثمانه في إدلب، وأرسلوا صورته لهم.