عجلة العربة.. باب رزق

تل كوجر/ المثنى المحمود ـ

ما زال نظام النقل داخل بلدة تل كوجر يعتمد نسبياً على بعض العربات القديمة التي تجرها الأحصنة، فتراث البلدة التي كانت تعتمد على أنواع بدائية لوسائل النقل لا يزال يلقي بظلاله على طرق كسب العيش لدى فئة من سكان هذه البلدة.

يتحدث سهيل خضر الوعي سائق العربة ذو الاثنين والثلاثين عاماً، أنه لم يجد لنفسه عملاً بديلاً، وقال عن عمله: “والدي كان يعمل سائقاً على العربة، هذا الميراث في نوعية العمل لم يفتح أفقاً جديدة لي، وتوجهت لشراء حصان وعربة لأتدبر أمور عائلتي”.

عمله هذا هو الشيء الوحيد الذي يتقنه نظراً لعدم قدرته على تعلم مهنة أخرى ترفع من مستوى معيشته وأسرته.

تنوع العمل وتردي الدخل

“أحد عشر ألفاً” هو أعلى رقم حصل عليه أحد سائقي العربات في يوم واحد؛ مقابل خدماته في نقل البضائع، أما عن المعدل اليومي فهو لا يتعدى الخمسة أو ستة آلاف ليرة. وتتنوع المنقولات من عفش البيوت وأغراض أخرى يتم إيصالها إلى سوق البلدة والأحياء، تارة تمر العربة من أمامك محملة بالرمل وأحياناً بالإسمنت، ومرات عديدة تحمل بعض من حوائج الأهالي اليومية.

الملفت للنظر أن الزبائن الذين يطلبون خدمة التوصيل بالعربة؛ يشتركون مع سائق العربة بميزة واحدة هي توفير مبالغٍ أقل بكثير من تلك التي كان سيدفعها الزبون لو أنه قصد سائق سيارة حديثة. حيث لا تكاد تقارن كمية ما يتقاضاه سائقو العربات بربع ما قد يطلبه سائق السيارة دون أن يلتفت الزبون إلى الرفاهية وسرعة وصوله إلى منزله مع أغراضه.

العربة مهنة اجتماعية سلبية وإيجابية

بالحديث عن مصاعب مهنتهم؛ أخبرنا أحمد الريان أنه لا يكاد يكمل يومه دون أن يسمع عبارات السخرية والتنمر من بعض سكان البلدة، كما أنه يتعرض لبعض المضايقات من ساقي السيارات الذين يتعمدون إغضاب حصانه بإطلاقهم أصوات الزمامير التي تنفر حصانه وتهيجه، وهو ما يعرضه للخطر، لكنه يعزي نفسه بما يجنيه من رزقٍ يعين به نفسه وأهله.

أما عن أكثر ما يحرج أصحاب العربات، هو طلب البعض منهم تنظيف ما تخلفه أحصنتهم من فضلات تسقط على أرضيات الشوارع داخل البلدة، هذا الشيء الذي يقول أصحاب العربات أنه خارج عن سيطرتهم.

أما عن إيجابيات هذه المهنة، يقول أحمد الريان أن مهنتهم تسد حاجتهم دون الوقوف على أبواب الناس، وأنها ذات تأثير إيجابي على صحة سائقي العربات؛ حيث أن أغلبهم يمتلكون أجساد رياضية دون حاجة للتمارين في الأندية الرياضية، نظراً لطبيعة عملهم والحركة الدائمة التي تشكل نواة عملهم اليومي.

كما أضاف أحد السائقين وهو يبتسم؛ بأنه وزملاءه ليسوا بحاجة إلى الوقوف على مداخل محطات الوقود كل يوم لتعبئة خزانات الوقود ليباشروا بعملهم، إنما كل ما يحتاجه هو كيس من التبن بجواره كيس من الشعير، وقليل من الماء ثم يمضي قاصداً عمله.