عجز وفاقة وبطون خاوية…فهل من آذان صاغية؟

في شقة مُعتمة غير مكسية وغير مُخدمة بمرافق صحية في حي “مزارع كرم صمادي” في مدينة جرمانا بريف دمشق، يعيش المسن مهيدي الصالح العبد (75 عاماً) مع /13/ من أفراد عائلته وسط ظروف معيشية قاسية.

يقيم رب العائلة السبعيني مع ولديه أحمد (17عاماً) ومحمد (12عاماً)، وابنته فاطمة وأطفالها الستة وثلاثة أطفال لابنه الذي انقطعت أخباره منذ العام 2012 مع والدتهم، كل أولئك في منزل غير صالح للسكن بأجرة /20/ ألف ليرة سورية شهرياً.

وكان “مهيدي” قد قدم إلى دمشق من مدينة “صبيخان” بريف دير الزور الشرقي في آذار الفائت، هرباً من ظروف المعيشة الصعبة ليجد نفسه في ظروف أشد قسوة.

يقول لـ “نورث برس”: “لعل زوجتي كانت على حق عندما رفضت القدوم معنا إلى دمشق وظلت وحيدة هناك في الصبيخان، فبعد انقطاع أخبار ولدينا صالح وحمزة صارت أوضاعنا صعبة، فهربت مع الباقين بسبب الجوع والعوز، لكننا نجد أنفسنا الآن في وضع أصعب”.

فهو لا يملك مورداً ولا يستطيع العمل، لا سيما بعد خضوعه لعملية “قلب مفتوح” كلفته كل مدخراته البالغة مليوناً و/700/ ألف ليرة سورية، ليجد نفسه بعدها عاجزاً عن العمل.

 “لا أزال بحاجة لعملية في الشريان الأيمن”

ويضيف: “لا أزال بحاجة لعملية في الشريان الأيمن، قال الطبيب إنه سيساعدني في الحصول على دور بمشفى الباسل الحكومي لإجراء العملية، لكني في الحقيقة لا أملك تكاليفها”.

بينما تفيض الدموع من عيني الابنة “فاطمة” وهي تقول: “حين عبرنا الفرات هرباً من (داعش) في العام 2014، تهتُ عن زوجي، وبشق النفس استطعت العودة مع الأولاد إلى أهلي بدير الزور، ومن ذلك اليوم انقطعت أخبار زوجي، وعندما أتينا إلى دمشق قبل أشهر لم أكن أتوقع أن كل هذا الذل بانتظاري”.

وحذر المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي ديفيد بيسلي، في لقاء صحفي مؤخراً مع صحيفة “ذا ناشيونال”، من انزلاق سوريا إلى حافة المجاعة، بسبب الانهيار الاقتصادي في البلاد، وقال إنّ “استمرار تدهور الأوضاع في سوريا قد يجعل خطر المجاعة يطرق الأبواب”.

جمع قطع البلاستيك والخبز اليابس!

وتعتمد العائلة، حالياً، في معيشتها على جمع قطع البلاستيك والخبز اليابس وكل ما يمكن بيعه من قطع معدنية وزجاجات فارغة من حاويات القمامة، إذ يخرج الابنان بصحبة أختهما وزوجة أخيهما لجمع تلك المواد وبيعها.

تقول الابنة “فاطمة”: “حاولت التسجيل بالجمعيات للحصول على المساعدة، لكن القائمين عليها رفضوا طلبي، قالوا إنه لا يحق لنا لأن عقد استئجار البيت باسمي فقط دون ذكر من يعيشون معي”.

كما حاولت إضافة أسماء أولادها وأبيها وزوجة أخيها على عقد الإيجار، “إلا أن صاحب البيت رفض أن يؤجرنا البيت إذا كانت العائلة كبيرة، ولا أعرف أيضاً لماذا يرفض، طالما أن البيت بلا إكساء أصلاً ولا يوجد فيه ما يمكن أن يتعرض للعبث من قبل الأطفال مثلاً”.

واضطرت العائلة أثناء الحجر الصحي في شهر رمضان للاعتماد على ما يفيض عن حاجة الجيران حيناً، وما يجمعونه من خبز جاف حيناً آخر، إذ كان توزيع الخبز يجري حينها وفق البطاقة الذكية التي لا تملكها العائلة.

تذكر فاطمة أن “الدوائر التي تمنح البطاقة الذكية كانت مقفلة نتيجة الحظر، حاولت الحصول على الخبز عبر الهوية أو دفتر العائلة أو عقد إيجار البيت ولكنهم رفضوا تسليمي حاجتي من الخبز”.

وأكد برنامج الأغذية العالمي، على لسان مديرها التنفيذي، على ضرورة “إرسال مساعدات غذائية، بعد أن باتت الأرقام تشير إلى ارتفاع غير مسبوق في الأسعار بسوريا”، فسعر سلة المواد الغذائية لبرنامج الأغذية العالمي، ارتفع بنسبة /16/ % في آخر إحصاء شهري، مع توقع أن تزداد الأوضاع سوءاً لعام 2020 في سوريا.

/82/ ٪ من سكانها تحت خط الفقر

وقالت المحامية رولا ديوب، إن القانون لا يمنع تأجير أي عقار طالما قبل المؤجر والمستأجر بالاتفاق المبرم بينهما، كما أن القانون لا يتدخّل بقيمة الأجرة.

وأضافت: “هنا لابد أن نسأل ما الذي يدفع صاحب عقار دون إكساء لتأجيره على وضعه الراهن، فسوء الأوضاع المعيشية هي التي خلقت هذه الظاهرة التي لم تكن موجودة نهائياً قبل سنوات الحرب”.

وأصدر البنك الدولي في الشهر الفائت، تقريراً عن الدول الواقعة تحت خط الفقر، حيث تصدرت سوريا القائمة بوقوع /82/ ٪ من سكانها تحت خط الفقر.

بينما تشير أرقام لبرنامج الغذاء العالمي، صدرت في أيار الفائت، إلى أن هناك /1,4/ مليون شخص فقدوا إمكانية وصول الغذاءِ الكافي إليهم خلال الأشهرِ الستة الماضية، ما يرفع إجمالي عدد الذين عانوا انعدامَ الأمن الغذائي في سوريا إلى /9,3/ مليون شخص