سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

عائلةٌ بينها طفلٌ من ذوي الاحتياجات الخاصة تروي مرارة النزوح حتى وصولها لكوباني..

نزحت صباح خليل السيد، التي تبلغ /43/ عاماً، مع زوجها وأطفالها الستة من رأس العين/سري كانيه، في رحلةٍ طويلةٍ إلى أن وصلت كوباني، هرباً من قصف الطائرات الحربية للمحتل التركي.
بدأت نزوحها مع عائلتها من قريتها “توميه” القريبة من مدينة سري كانيه إلى قرية البويضة ثم إلى بلدة عالية، وبعدها إلى قرية تل نصري قرب بلدة تل تمر، حيث لاحقتهم الطائرات الحربية، إلى أن وصلوا قبل أسبوعٍ إلى قرية “دونغز كبير” بريف كوباني الجنوبي.
ما زاد من مأساة ومرارة النزوح القسري بالنسبة لصباح خليل هي معاناة طفلها المقْعّد أحمد الذي يبلغ من العمر /12/ ربيعاً، حيث كان يتوجب على أفراد العائلة المؤلفة من ثمانية أشخاص، حمله والسير به بالتناوب في كل مرةٍ تنزح بها العائلة من قرية لأخرى، وصولاً إلى ريف كوباني.
قبل الحرب..
كانت تعيش صباح حياةً سعيدةً في قريتها “توميه” مع زوجها وأطفالها، حيث تساعد زوجها في عمله بتربية المواشي وتجارتها إضافةً إلى زراعة القمح، إلى أن بدأت طائرات المحتل التركي بقصف القرى القريبة من سري كانيه إضافةً لقصف المدينة، فاضطرت العائلة للنزوح من منزلهم تاركين خلفهم كل ممتلكاتهم، فالطائرات جاءت فجراً، والأهالي نزحوا مرغمين.
قالت صباح عن حياتها في قريتها قبل الحرب لوكالة “نورث برس”: “وضعنا كان جيداً كنا نربّي الغنم ونتاجر بها ونزرع القمح والخضراوات ونقوم بأعمالنا ومسرورين في منازلنا، لكن فجأةً وفي الساعة الرابعة فجراً حلقت الطائرات فوق قرانا”.
وتابعت بالقول: “قصفوا قرية عين الكبريت التي تقع في الجهة الشرقية من قريتنا، وبدأ القصف الصاروخي من فوقنا، فخفنا، وعندما توقف تحليق الطائرات انتظرنا عدة ساعاتٍ ولكن الطائرات قصفت مرةً أخرى”.
مأساة ومرارة النزوح القسري
مشهد نزوح الأهالي قسراً عن قراهم ومدنهم لا يغيب عن ذاكرة صباح، فأهالي المدينة والقرى تركوا كل شيء خلفهم لينقذوا أرواح أطفالهم ونساءهم، ومن قرية إلى أخرى كانت الطائرات تلاحقهم وتقصف قراهم، فتروي رحلة نزوحها القسري بالقول: “أهالي سري كانيه وقراها بدأوا بالنزوح مشياً، وهم يحملون أغراضهم، بعضهم كانوا حفاةً، وبعضهم نزح بالدراجات وآخرون بالسيارات”.
وتتابع قائلةً: “نزحنا إلى قرية البويضة وبقينا فيها يومين ولكن الطائرات وصلت إليها وقصفت قرية المناجير، فخفنا ونزحنا ليلاً إلى بلدة عالية، كنا ننام في القرى العربية أثناء نزوحنا، ومن بلدة عالية نزحنا إلى بلدة تل تمر بعد سماعنا بوصول مرتزقة الجيش الحر إليها، وبقينا في قرية آشورية اسمها تل نصري لأكثر من /22/ يوماً، وبعدها أتينا إلى هنا في ريف كوباني منذ ثمانية أيام”.
طفلٌ من ذوي الاحتياجات الخاصة
ومع كل هذه المرارة والمأساة في النزوح إلّا أنّ وجود طفلٍ من ذوي الاحتياجات الخاصة في هذه الرحلة الشاقة، زاد من عبء العائلة، فالطفل أحمد لا يستطيع المشي ويحتاج إلى رعايةٍ خاصةٍ.
وعن وضعه تقول صباح: “أحمد مريض منذ الحرب التي حصلت في سري كانيه أوّل مرةٍ (2013)، وهو مقْعدٌ ومريض، نأخذه للطبيب بدون فائدةٍ ولا يستفيد من الأدوية، كان يقف يوماً ويقعد يومين لكن ومنذ سنتين أصبح مقعداً تماماً”.
وتضيف بالقول: “أثناء نزوحنا القسري تعذبنا كثيراً في حمله، وأنا أظل بجانبه /24/ ساعةً يومياً، ولا أستطيع تركه، وأقوم بحمله ووضعه، وكنا نقوم بحمله في كل مرةٍ ننزح منها إلى أن وصلنا إلى هنا”.
مصير القرية ونهب ممتلكات الأهالي
ورغم بُعدِ المكان إلّا أن السؤال عن مصير قريتهم وتتبع أخبارها هو هاجس لديها ولدى كل أفراد العائلة، الذين يشتاقون لمنزلهم الريفي رغم نهب ممتلكاته من قبل المرتزقة التابعة لتركيا.
فتتابع السيدة صباح حديثها قائلةً: “قريتنا حالياً يوجد فيها المرتزقة، ووصلتنا أخبار أنهم قاموا بجلب قاطرات وتحميل أغراضنا ونهبها وسرقتها وسرقة كامل منازل القرية، نحن تركنا كل أملاكنا خلفنا لأننا نزحنا ليلاً”.
وتضيف بحزن: “نحن لا نريد شيئاً نريد أن نعود إلى منازلنا وأرضنا ويكفينا جدار منزلنا، لأن التراب غالي، عشنا طفولتنا وكل حياتنا هناك”.
تعيش صباح مع أفراد عائلتها وعائلة شقيق زوجها في منزلٍ طيني في قرية “دونغز كبير” جنوبي كوباني، ورغم صعوبة حركتها هي أيضاً، إلّا أنّها لا تفارق أطفالها وخاصةً أحمد.
ورغم كرم ضيافة القرية إلّا أنّ عيونها وآمالها هي بالعودة إلى قريتها التي ولدت فيها هي وأطفالها، فتختتم حديثها قائلةً: “أعيش في هذه القرية مع عائلتي وعائلة أخ زوجي وهي مؤلفةٌ من امرأة وثلاثة أطفال، ونحن سبعة أشخاصٍ هنا، أنا وزوجي وخمس أطفال نعيش في هذه القرية”.