ضمور الأعصاب ينهش جسد الأخوين محسن، وكورين

تقرير/ غاندي إسكندر –

روناهي/ كركي لكي – شيخوخة قبل الميعاد، وأحلام وردية تاهت في قاع سحيق في غفلة من الزمن، وساعات عذاب تزحف ببطء شديد على جسد متهالك، إنه حال الأخوين محسن، وكورين، اللذان ألمّا بهما مرض ضمور الأعصاب، فأصبحا قعيدا البيت بعد أن كانا آيةً من النشاط، والهمة.
محسن، وكورين أخان يقطنان في قرية علوانكا شيخ مع والدتهم، وأختهم مزكين، وأخوهم الأصغر طيب الذي يتحمل مصروف إعانتهم بالرغم من صغر سنه، أُصيب الإخوان، وقبلهما أخوهم الفنان التشكيلي عدنان الذي وافته المنية منذ سنتين، وبشكل فجائي بمرض أصاب أعصابه، وكانت نتيجة الإصابة الإعاقة الحركية في الأيدي، والأرجل. حول هذا المرض الفريد كانت لصحيفتنا زيارة إلى منزل محسن، وكورين، حيث أعددنا التقرير التالي:

صخب الطفولة أضحى فريسة لمرضٍ عُضال
لقد عاش أطفالي طفولة طبيعية سعيدة، فانتظموا في المدارس كنظرائهم من أطفال القرية، وكانوا يلعبون الكرة مع الأطفال، وممارسة جميع أنشطة الطفولة لا تفارق حياتهم سوى ولدي عدنان المتوفي الذي كان مقعداً من الناحية الحركية، وأصماً وأبكماً منذ ولادته، وقد كان وردة البيت نظراً لتميزه من بين أخوته فقد كان رساماً ماهراً، وقد أقام له بعض المهتمين بالثقافة العديد من المعارض، لكن مشيئة القدر قد أخذته مبكراً من بين أحضاني، هذا ما قالته لنا الأم رفيدة والدتهما، وأضافت الأم رفيدة بالقول: «أعيش مأساة حقيقية بالرغم من إيماني بقضاء الله وقدره، وتتمثل مأساتي في أن أولادي كانوا أطفال طبيعيين يملئون البيت صخباً، وحركةً لكن سرعان ما أصبحوا فريسة لمرض عضال مستعصٍ، وأصابهم داءٌ جعلهم يذبلون كما تذبل الزهرة اليانعة»، وتؤكد الأم، وشعور الوجع، والألم يعتصران قلبها بالقول: «لا أتمكن من مغادرة المنزل إلا للضرورة القصوى فرعاية محسن، وكورين، والقيام بواجباتهما، ومتطلباتهما الاعتيادية يحتاج إلى بقائي إلى جنبهما باستمرار».
وتتابع الأم رفيدة بقولها: «بالرغم من الحالة العصيبة التي يعيشها ولديّ إلا أن رؤيتي لابتسامتهم، وتمسكهم بممارسة حياتهم الطبيعة، وتحدي محنتهم المرضية يخففان بعضاً من آلامي ومعاناتي».

العلاج هو التأقلم،
والتعايش مع المرض
الشاب محسن حمو يشير قائلاً: «عمري الآن 35 عاماً، كنت أمارس طفولتي بشكل طبيعي في القرية، وكنت من الملتزمين بدوام المدرسة بانتظام، لكن للأٍسف طفولتي كانت قصيرة إذ لم تدم أكثر من تسع سنوات، وذلك عندما كنت في الصف الرابع الابتدائي، لقد بدأ ظهور المرض علي فجأةً، فشعرت بتثاقل حركتي، ولاسيما حركة رجلي، وتحول بشكل سريع هذا التثاقل إلى عجز كامل، وانتقل هذا العجز إلى يدي».
وتابع محسن قائلاً: «لقد أجرى لي والدي المرحوم فحوصات عديدة، لكن الأطباء كانوا يقولون لوالدي بأن ابنك مصاب بمرض غير معروف في الأعصاب، والعضلات وقد أكد جميع الأطباء الذين راجعناهم أنه لا شفاء لهذه الحالة من الأمراض، والعلم لم يتوصل بعد إلى إيجاد الدواء الشافي». أما كورين الأخ الأصغر لمحسن، والذي يبلغ عمره الآن 25 عاماً فقد بيّن لنا بقوله: «لم أكن أعاني من أي مرض، وقد تابعت دراستي الابتدائية، والاعدادية، وككل طلاب القرية كنا نذهب إلى ثانوية رميلان، وقد أتممت دراستي، وحصلت على الشهادة الثانوية التجارية، وبدأت رحلتي مع المرض بينما كنت أهم واستعد لتجهيز أوراقي من أجل التسجيل في المعهد التجاري ألمّ بي مرض ضمور الأعصاب، وأصبحت مقعداً، وغير قادر على الحركة، وكشف الأطباء في مدينة دمشق بعد إجراء فحصهم الطبي وأخذ عينة من أحد عضلات جسمي، حيث قالوا لي بالحرف الواحد يجب عليك أن تتأقلم مع حياتك الجديدة مع المرض، فالمرض هو طفرة وراثية، ويُصعب الشفاء منه». أرسل محسن، وكورين رسالة عبر صحيفتنا إلى ضرورة إيلاء المجتمع المدني، وهيئة الصحة، والمنظمات الإنسانية، والطبية بهكذا حالات، وتقديم كافة أنواع الدعم الصحي، والاجتماعي، والنفسي لكل من يعاني من هذا المرض.