ضرب الحكّام مثل المزحة في سوريا

روناهي/ قامشلو ـ ضرب الحكّام والاعتداء عليهم، وإهانتهم، وشتمهم بات أمراً اعتياديا في الملاعب السورية كافة!، ولكن ما الحل لذلك؟

رغم العقوبات، التي تُفرض على الكثير من المدربين والإداريين، واللاعبين في الملاعب السورية، فمازالت قضية ضرب الحكام والتعرض لهم، وإهانتهم، وشتمهم لم تحل بعد! وحتى لم تخف حدتها، بل على العكس مؤخراً قام لاعب المنتخب السوري السابق، ولاعب نادي الجيش أحمد الصالح بضرب وشتم حكام الساحة لمباراة ناديه مع نادي الوثبة الحمصي، ضمن الدوري السوري الممتاز للرجال، ورغم العقوبات، التي فُرضت عليه، واعتذار اللاعب عمَّا بدر منه، فالمؤشرات كلها توحي بعدم وجود حلول تضع حداً لهذه التجاوزات على الحكام، أو على الأقل التقليل منها!، وذلك بسبب صدور عفو عام عن العقوبات الرياضية كل فترة من قبل الاتحاد الرياضي العام السوري التابع لحكومة دمشق.

وين صرنا؟

من جانبه قال الحكم الدولي السوري، ومحلل قنوات الكأس تمام حمدون: “إن ما حدث في مباراة “الجيش” و” الوثبة” عندما اعتدى مدافع “الجيش” “أحمد الصالح” على حكم الساحة “فراس الطويل”، هو ليس وليد الأمس، بل هو تراكم سنوات من عدم تطبيق اللائحة، والعقوبات بشكل صحيح”.

ووصف “تمام حمدون” خلال تصريحه لـ “سناك سبورت” التصرف بـ “الأرعن” من قبل اللاعب “أحمد الصالح” الذي كان يجب أن يكون قدوة على حد وصفه، مبيناً أن الموضوع لم يتوقف على الضرب، بل كان ضرباً وإهانة، مضيفاً: «شو هالأخلاق؟ وين صرنا؟».

وأشار الحكم الدولي إلى، أن الحكم “فراس الطويل” كان ممتازاً في المباراة، مبيناً أنه حتى لو كان هناك خطأ منه، فلا يبرر ما حدث أبداً، مشيراً لوجود حوادث كثيرة في السنوات الماضية، لم يتعاملوا معها بشكل رادع، لذلك لا يوجد حل وفق حديثه.

وأضاف، بأنه يجب تشديد لائحة العقوبات، مبيناً، أنه «يجب على “الصالح” أن ينسى شيئاً، اسمه رياضة، وألا يشمله أي عفو يصدر، لأن ما حدث معيب».

كما انتقد مدة الـ 15 دقيقة عند انسحاب أحد الفريقين أثناء المباراة قبل أن ينهي الحكم اللقاء، حيث قال: إنه يجب خفض هذه المدة إلى خمس دقائق أو دقيقتين، في حال لم يتم لعب الكرة، والعودة، فتنتهي المباراة.

وشدد على ضرورة التشديد لوجود الحلول، مضيفاً: «يجب أن نمسك العصا بالمنتصف، لا يوجد حل»، مبيناً، أن التحكيم السوري ليس بخير، ولكن يحتاج الصبر حتى ينشأ جيل جديد من التحكيم.

ويذكر، أن اللاعب “أحمد الصالح” قام بنشر بيان اعتذار عبر حسابه الرسمي على فيسبوك، مبيناً أنه يضع نفسه تحت تصرف إدارة نادي “الجيش”.

وفي إقليم الجزيرة الحكام أيضاً عرضة للإهانة والضرب في الملاعب المغطاة في البطولات للفرق الشعبية، وفي البطولات الرسمية، التي تُقام تحت رعاية الاتحاد الرياضي في إقليم الجزيرة، حيث يعدّ الحكم الحلقة الأضعف دائماً، وفي الموسم الرياضي الماضي 2021 ـ 2022، أصدر الاتحاد الرياضي في إقليم الجزيرة قراراً بشطب أي نادٍ يتعرض للحكام، ويعتدي عليهم، وبعد القرار ليس بكثير حصلت حالة اعتداء على الحكم محمود درويش من قبل لاعب في نادي ديرك في المباراة، التي جمعت ناديه مع نادي الأسايش ضمن دوري الدرجة الأولى للرجال لكرة القدم.

ولكن الاتحاد الرياضي أخذ بروح القانون، وفقط اكتفى وقتها بإنزال النادي للدرجة الثانية، وعليه حصلت اعتراضات على القرار، وأن النادي كان ضحية تصرف فردي من لاعب، والنادي معروف بأخلاقه، وهو من الأندية المقدمة في الترتيب وقتها، وحصلت في البداية استقالة من إدارة النادي، وبعد تدخلات من شخصيات رياضية، وحصول نقاشات وزيارات لمنزل الحكم محمود درويش، والاعتذار منه، ومن الاتحاد الرياضي في إقليم الجزيرة، وعليه أُصدر عفو عام عن العقوبات بعدها بفترة، وكما تم إلغاء نظام الدرجتين الأولى والثانية، ولكن في المحصلة لم يأتِ أي أمر فيه إنصاف الحكام في كل ما ذكر.

الحلول

الحلول تكمن في معاقبة اللاعب بعقوبات مالية كبيرة وحرمانه من اللعبة موسمين على الأقل، بالإضافة لمعاقبة النادي مالياً، وفي حال كان التهجم جماعياً، ومن عدة لاعبين يتطلب أن تكون العقوبة أكبر، وأن تصل لهبوط النادي، بشرط أن تُطبق العقوبات، لا أن يكون في القرار “خيار وفقوس”، وأن لا يكون القرار بشطب النادي، لأنه قد يقوم لاعب غاضب من ناديه، وتوجد خلافات بينهم بضرب الحكم كي يقوم بأذية ناديه، لذلك فالأفضل كما ذكرنا هو معاقبة اللاعب مالياً وحرمانه، وليس شطب النادي، مع تقدير حالة الاعتداء أن كانت فردية أو جماعية.

وطبعاً في خضم كل ما ذكر يبقى لدينا الإجابة على من يقولون: “جيبولنا حكام مثل الخلق والبشر؟” وهنا نسأل من أي كوكب نأتيهم بحكامٍ؟ أليس هؤلاء موجودون فقط لإدارة المباريات؟ هل هناك غيرهم؟ تفضلوا، اذكروا لنا أسماءهم، مع الإشارة، إلى أن هناك من ترك التحكيم؛ بسبب هضم حقوقهم من النواحي، وخاصةً عندما وجد أنه يتعرض للإهانة، ولا يجد أي عقوبة تفي بالغرض تفرض على مرتكبي المخالفة، وكما لا ننسى، أنه هناك من يتحمل من الحكام كل ما ذكر؛ لأنه يحتاج لتدبير الأمور المعيشية لأطفاله، وأسرته، ويعيش بالإضافة لراتبه من أجور التحكيم التي يحصل عليها من خلال التحكيم للمباريات.

طبعاً معضلة ضرب الحكام، وعدم جدوى القوانين الحالية بالتعامل معها ليسا معضلة متواجدة في سوريا فقط، بل طالب الحكم الدولي العراقي السابق حازم حسين، لجنة الانضباط التابعة لاتحاد الكرة في العراق، إلى اتخاذ قرارات رادعة تجاه المسيئين من لاعبين، ومدربين وجماهير تجاه الطواقم التحكيمية بالدوري الممتاز.

وكشف حسين في تصريحاته لبرنامج “أنت الحكم” الذي بث عبر العراقية الرياضية: “الحكم الدولي علي صباح، تعرض إلى الضرب من بعض جماهير فريق كربلاء، عقب نهاية المباراة، التي قادها بين أصحاب الأرض، ودهوك”.

وأضاف: “تم ضرب الحكم علي صباح من قبل بعض المسيئين من الجماهير غير منضبطة، للأسف كانت إصابته بالرأس”.

وتابع حسين: “طاقم التحكيم قدم تقريراً موسعاً حول، الذي حصل داخل الملعب، إلى جانب الأحداث المؤسفة بعد اللقاء”.

وأردف: “يجب أن يتدخل اتحاد الكرة، ولجنة الانضباط بشكل قوي، واتخاذ قرارات رادعة تجاه المسيئين، وكذلك على لجنة الحكام، أن يكون لها موقف تجاه ما حصل في ملعب كربلاء بمباراتي (كربلاء، ودهوك)، (القاسم والشرطة)”.

وواصل: “في حال وجود خطأ للحكم على لجنة الحكام استدعاؤه فورا للعمل على تصحيح الأخطاء، وليس التأخير في الأمر أو إهماله”.

وختم: “للأسف أحداث مباراة القاسم والشرطة، يجب ألا تمر مرور الكرام دون وجود عقوبات صارمة ضد المتسببين بها، لكيلا تتكرر بالدوري الممتاز”.

ويتوضح من كل ما ذكر، يتطلب أن يتم تشديد العقوبات وتطبيقها على المتجاوزين على الحكام، في الوقت الذي يطلب فيه من الحكام زيادة صقل معلوماتهم، ويقع هذا الأمر على عاتق الاتحادات الرياضية أكثر من الجميع، فمثلاً في إقليم الجزيرة دورة التحكيم سريعة جداً، وتكون في أغلب الأحيان يوماً واحداً فقط، وهذا غير كافٍ لمنح الحكام معلومات أكثر عن التغيرات، التي تطرأ بشكلٍ دائم على قوانين التحكيم في لعبة كرة القدم عالمياً.