صخرة سيزيف… العذاب الأبدي

إعداد/ غاندي إسكندر

سيزيف أو سيسيفوس هو ملك (تساليا وإناريتي) ومؤسس (كورنثة)، ويعد من مؤسسي الألعاب (الإستيمية) ويقال: أنه “كان لئيما شريرا يكمن للمسافرين ويقتلهم” وكان أحد أكثر الشخصيات مكراً في الميثولوجيا الإغريقية حيث استطاع أن يخدع إله الموت “ثاناتوس”؛ ما أغضب كبير الآلهة (زيوس) فعاقبه بأن يحمل صخرة من أسفل الجبل إلى أعلاه، فإذا وصل القمة تدحرجت إلى الوادي، فيعود إلى رفعها إلى القمة، ويظل هكذا إلى الأبد؛ فأصبح رمزا للعذاب الأبدي، ومن خلال التأثير الكلاسيكي على الثقافة الحديثة، توصف المهام الشاقة، وغير المجدية بأنها (عبثية أو سيزيفية).

الأسطورة

اشتغل سيزيف بالتجارة والإبحار، لكنه كان مخادعاً وجشعاً، وخرق قوانين وأعراف الضيافة، بأن قتل المسافرين والضيوف، والنزلاء، وقد صوره (هوميروس) ومن تلاه من الكتاب بأنه: “من أمكر وأخبث البشر على وجه الأرض قاطبة وأكثرهم لؤماً” أغرى ابنة أخيه، واغتصب عرش أخيه، وأفشى أسرار (زيوس)، ولاسيما (اغتصاب زيوس لأوجينا) ابنة إله النهر (اسويوس)، أمر زيوس (هادس) أن يسلسل سيزيف في الجحيم، وطلب سيزيف بمكر من (ثانتوس) أن يجرب الأصفاد، والسلاسل ليختبر مدى كفاءتها، وعندما فعل ثاناتوس ذلك أحكم عليه سيزيف الأصفاد، وتوعد هادس وأحدث ذلك تمردا وانقلابا وثورة وهياجاً، ولم يعد أحد من البشر يموت حتى انزعج (آريس)؛ لأنه فقد المتعة من معاركه؛ لأن خصومه فيها لا يموتون؛ لذلك تدخل وأطلق وفك أسر (ثاناتوس)، وأرسل سيزيف إلى الجحيم، ويقال قبل أن يموت سيزيف، أخبر زوجته: “أنه عندما يموت فعليها أن تمتنع عن تقديم أضحيتها المعتادة” وفي العالم السفلي شكا من أن زوجته تهجره، وتهمله، وتتجاهله وأقنع (برسيفوني) ملكة العالم السفلي، بالسماح له بالصعود للعالم العلوي، ويطلب من زوجته أن تؤدي واجبها وتقدم أضحيتها، وعندما عاد سيزيف إلى (كورنث)، رفض أن يعود، ولذلك حُمل إلى العالم السفلي بوساطة (هادس)، وفي رواية أخرى للأسطورة، اقتنعت (برسيفوني) مباشرة أنه قد قيد إلى الجحيم بطريق الخطأ، وأمرت بإطلاق سراحه.

التحدي السيزيفي

وكعقاب من الآلهة على خداعه، أُرغم سيزيف على دحرجة صخرة على تل منحدر، ولكن قبل أن يبلغ قمة التل، تفلت الصخرة دائما منه، ويكون عليه أن يبدأ من جديد مرة أخرى، وكانت العقوبة ذات السمة الجنونية، والمثيرة للجنون، التي عوقب بها سيزيف جزاء لاعتقاده المتعجرف كبشر، بأن ذكاءه يمكن أن يغلب ويفوق قوة ذكاء زيوس ومكره، لقد اتخذ سيزيف الخطوة الجريئة بالإبلاغ عن فضائح ونزوات زيوس الغرامية، وأخبر إله النهر اسويوس بكل ما يتعلق من ظروف وملابسات ابنته (أوجينا)، وقد أخذها زيوس بعيدا، وبصرف النظر عن كون نزوات زيوس غير اللائقة، فإن سيزيف تجاوز، وخرق بشكل لا تخطئه العين حدوده؛ لأنه اعتبر نفسه نداً للآلهة، حتى يبلغ من حماقاتهم وطيشهم ونزقهم، وكنتيجة لذلك أظهر زيوس ذكاءه الخاص، بأن ربط سيزيف بعقوبة وحيرة أبدية، وطبقا لذلك، فإن الأنشطة عديمة الهدف أو اللامتناهية، توصف بأنها (سيزيفية)، وقد كان سيزيف وقصته يشكلان موضوعا شائعاً للكتاب القدامى، وقد صوره الرسام (بوليغتوتوس) على جدران (الليش) في (دلفي).