ولجَ الزُّقاقَ التَّاليَ، ثم دخلَ الشَّارعَ المُنفتحَ على زُرقةِ سماءٍ تعلو جبالاً منبسطةً خلفَ تلكَ الحدودِ الشَّماليَّةِ العمياءِ؛ أَشَارَ إلى البيتِ ذي البابِ الأزرقِ، وتعلُو وجهَهُ ابتسامةُ حُزنٍ.
فسقطتْ من يدِ زوجتهِ حقيبةٌ صغيرةٌ؛ حينما وقعتْ عيناها على سُورٍ مبنيٍّ من حجارةٍ سوداءَ، تعلُوه أغصانٌ لأشجارِ الزيتونِ، الَّتي تجاوزتِ السُّورَ، وحلَّقت في فضاءِ الشَّارعِ، كأنَّها تستقبلُ الزُّوارَ مفترشةً مدى الرُّؤيةِ بجدائِلَها الخضراءِ.
أخذ حجّ عميك يدَ زوجَتِهِ وساعدَها على النهوضِ، متأبطاً ذراعها، فدخلا بتأنٍّ تلك الدار الجديدة؛ مُحدِّقاً في عينيها؛ علَّها تتذكَّرُ فرحةَ دُخولِهِما دارَهم في عفرينَ، منذُ أكثرَ من خمسينَ سنةٍ مضَتْ.
*- عميك: هو دلالة اسم عمر عند كبار السن في منطقة عفرين وتستخدم بغاية التقدير والاحترام.
**- هليليكي: الاسم المتداول شعبيا لحارة الهلالية الواقعة غرب مدينة قامشلو.