سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

سيد درويش: عبقريّ الموسيقا، وملهم المبدعين

جمال سامي عواد

إذا علمنا أن سيد درويش (1892-1923) عاش 32 سنة فقط، وأنَّ عمره الإبداعي كان 12 سنة، وهذه الأعوام الاثنا عشر جعلته ما هو عليه عند الناس، ونكتب عنه بعد قرن من وفاته، فإن السؤال الذي يتبادر إلى الأذهان: ماذا كان سيفعل سيّد درويش لو عاش أكثر؟

هذا السؤال البديهي، دار في أذهان النقاد والموسيقيين والمؤرخين الموسيقيين، خصوصاً إذا علمنا أيضاً أنَّ سيد درويش لم يتعلّم الموسيقا أكاديمياً، ولم يكتب، أو يقرأ النوتة الموسيقية، وقد عاجله الموت قبل تنفيذ نيّته السفر إلى إيطاليا لدراسة الموسيقا، وهذا ما زاد الإلحاح في السؤال السابق، والرغبة في الإجابة عنه، ولكن دعونا نتساءل في المقابل: هل ما فعله سيد درويش للموسيقا العربية كان غير متوافق وعمره الفني، القصير جداً؟ أم قام في الثماني عشرة سنة، بما يمكن أن يقوم به شخص آخر، نشيط وأكاديمي في عمر طويل مثل الموسيقار محمد عبد الوهاب؟ هل ارتبط ذكر سيد درويش بالتجديد دائماً؟ وما جوانب التجديد في موسيقاه؟

الإجابة عن أي من الأسئلة الآنفة، ستفتح الباب للإجابة عن تساؤلات أخرى، إذ مهما بلغ إنتاج أي مبدع من الضخامة، فإنّه لن يكفي لتغطية الحاجات الجمالية لمجتمعه، ولا نجد تجمّعاً بشرياً ذا هوية ثقافية معينة، يكتفي موسيقياً بمبدع واحد. وهذا ناجم طبعاً عن التنوع الهائل في الحاجات الجمالية لدى البشر.

لعل الدور الأهم لسيد درويش، هو أنّه صنع من روحه ذلك الجسر، الذي مشى عليه المبدعون من بعده، وهذا جهد إنساني جبار يستغرق عمر القائمين به، “فيأكل عقله من عمره، كما يأكل السيف من غمده”، وها نحن الآن بعد قرنٍ من وفاة هذا المبدع، ننعم بنتائج تأثيره على مَن بعده، أضعاف ما نستمتع بنتاجه الشخصي، لأنَّ دوره ببساطة كان مجرَّد رسم الخريطة الإبداعية الموسيقية العربية من بعده.

وكمثالٍ على ذلك، سنتحدّث عن تأثّر الأخوين الرحباني به، في مجال تلحين الموشحات، ولكن قبل ذلك دعونا نخوض في غمارِ مثالٍ على كل ما ذكرناه آنفاً.

على سبيل المثال موشّح “منيتي عزّ اصطباري”، وهو الموشّح، الذي يراه كثيرون من أجمل الموشحات العربية بلا منازع من ناحية اللحن، فاللحن من أكثر ألحان الموشحات تعبيراً عن روح النص، بقدر ما تسمح جودته بذلك، وسيد درويش كان من أوائل، الذين اهتمّوا بالمواءمة بين اللحن ومضمون الكلام، ولكنَّ ذلك لم يكن متاحاً في مثل هذا النوع من القوالب المستقرة في الغناء العربي، وكان الكلام الركيك أحياناً والصور المفككة، والحشو (أمان، يا لللي، جانم…)، يملأ نصوص الأغاني آنذاك.

الموشّح كما هو معروف يتألّف من أربع مقاطع: الأول والثاني والرابع متطابقة لحناً، أما المقطع الثالث (والذي يسمّى “الخانة”) فهو مقطع مختلف من ناحيتَي اللحن والإيقاع. لندقّق فيما صنعه سيد درويش في هذا الموشح.

في المقاطع المتشابهة

من الجدير بالانتباه أنَّ التحليل الموسيقي، والشعري قد لا ينطبق تماماً على بقية المقاطع المتشابهة في الموشح، لسببٍ بديهيٍّ مفترَضٍ، وهو أنَّ التزام القالب يفرض على الملحن التلحين اعتماداً على المقطع الأول، وإلباس اللحن للمقاطع الأخرى المختلفة نصّاً، وهنا تأتي قدرة الملحّن على الإجادة في نسج لحنه، بحيث يليق بالمقاطع الباقية.

المقطع الأول: المطلع “منيتي عزّ اصطباري” من مقام “النهاوند”، جملة قصيرة مؤلَّفة من ثلاثة كلمات فقط، ولكنَّ اللّحن قام برحلةٍ بديعةٍ جداً في الفضاء السمعي الجمالي عند المستمع، فقد بدأ اللحن بالتحويم، والالتفاف، والمراودة (كالأماني تماماً)، انطلاقاً من خامسة اللحن، وخامسة المقام نوتة حساسة جداً، فهي في وسطه، ومنها يُنتقل إلى مقامٍ آخر إذا أراد الملحن ذلك، وهذا أيضاً يشبه الأماني، التي تتجاوز الواقع قليلاً في اتجاه الحلم، ما يشحن الحالم بطاقة العمل والإبداع.

ولكنَّ عبارة “عزّ اصطباري” هنا، تهبط إلى الأسفل قليلاً، فأمانينا هنا ليست الارتقاء كعادة الأمنيات، بل هي مجرّد الصبر على ما نعانيه، لذلك نجد أنَّ لحن كلمة “عزّ” تهبط درجتين إلى الأسفل، بنقلتين واضحتين جداً، والدلالة واضحةٌ هنا، وهي انكسار موقت، تتبعه كلمة “اصطباري” التي حظيت بمدٍّ مبالَغٍ فيه، وهذا أيضاً منطقي جداً، فصبري بحرٌ ابتلع سفن الانكسار، والأمنيات القتيلة.

بعد ذلك، يأتي كلام الحشو المُشار إليه أعلاه، “أمان أمان يا لا لا للي”، وما فعله الملحّن هنا أنّه استخدم خامسة المقام للاستناد إليها، كما هو معروف في الانتقال إلى “البيات”، مقام التطريب الأشهَر، ومقام التباريح، فجرى استخدام الحشو وكأنَّ صوت المغني هنا عبارة عن آلة موسيقية تؤدي دوراً معيناً في التعبير اللحني، ثم يتابع في الحشو مستخدماً إياه في انقضاض اللحن إلى مستقر “النهاوند”، في عبارات ” ليلي آه أمان”، ومن ثمَّ الصعود مجدَّداً إلى خامسة المقام، حيث منصّته للانطلاق نحو التطريب مرةً أخرى في مقام “البيات”، بقوله: “زاد وجدي والهيام”، والعودة أيضاً إلى الهبوط بنا نحو قعر مقام “النهاوند”.

تنطبق هذه المغامرة اللحنية السحرية على كل المقاطع المتشابهة في الموشح، (من لحاظك، ولا قولك)، غير أنَّ التمهيد للمقطع المختلف لحناً: “يا آل ودي ساعدوني” (وهو “الخانة” التي أشرنا إليها سابقاً)، يأخذ هنا شكلاً جديداً، حيث استخدم التيمة نفسها، التي بدأ بها الموشح والمقاطع المتشابهة، ولكن من مقام “النكريز”، حيث تبدأ هنا أجمل خانة موشح في تاريخ الموشحات العربية على الإطلاق.

المقطع المختلف أو “الخانة”

 المعروف عن الخانات عادةً، أنّها ذات لحن قصير نسبياً، وذات إيقاع مختلف، وقد تكون من مقامٍ مختلفٍ، ولكنه منسجمٌ مع المقام الأساسي، ولكن ما حدث هنا، أنَّ سيد درويش أمسك بتلابيب حواسنا، ورمانا في فضاءٍ أكثر تلوّناً وثراءً، على الرغم من احتفاظه بالإيقاع نفسه (محجر 14/4)، وذلك حرصاً على انسجام هذه الجرعة الموسيقية، التي مزّقها الكلام التقليدي المبعثر.

فبداية “الخانة” انطلقت من صرخة استنجاد من نوتة عالية، تتجاوز في ارتفاعها قمّة جبل “النكريز”: “يا آل ودّي ساعدوني”، ثم عودة إلى كلمات التطريب على البيات “أمان”، ولكن مع ختامٍ من “النكريز”، يحوم قليلاً في فضاء “النكريز” ثم يهبط إلى خامسة “النهاوند”، وهي المنصة الأم، التي سيجدنا في انتظاره عليها دائماً، ليجري الإعداد لدخولٍ جديدٍ فرضته الكلمات: “إنّي مغرم، حبّي هاجر، ناري تضرم، قلبي حاير)، حيث استخدم سيد درويش مقام الصبا الحزين جداً، وهذا مألوفٌ في تلحين الكلمات الحزينة والمؤلمة، ولكنَّ الجديد في الأمر أنَّ “الخانة” نفسها تلوّنت بـ أربع مقامات مختلفة التأثير: “النكريز” و”البيات” و”الصبا” و”النهاوند”، وهذا تجلٍّ لعبقرية الملحّن، عبر تقديم خانة في موشح بهذا المقدار من التنوع المقامي، ومن دون قفزات نافرة عن الذوق العام، ولكنّها في الوقت نفسه تسحبه برشاقة، وأناقة، وإتقان إلى عالم متلوِّن الأحاسيس، وسبب ذلك كلّه، أنَّ سيد درويش لم يستسهل المهمة، بل أعطى النص الركيك قوة هائلة من خلال تجزئته إلى صور منفصلة، تجمعها وحدة الموضوع العام فقط.

الآن، وبلمحة سريعة على ما فعله الأخَوَان رحباني في تلحين الموشح، وبتأثيرٍ من جسر الإبداع “سيد درويش البحر”، وهو بحر فعلاً.

قامت المدرسة الرحبانية بأداء عصري لألحان سيد درويش، في كثيرٍ من المناسبات والأعمال، فالأخير كان تياراً قوياً في بحر الموسيقا، قلّما نجت سفن المبدعين من تأثيراته، هذا إن لم يكن هو البحر نفسه، كما يشير اسمه الحقيقي، “سيد درويش البحر”، فقد غنّت فيروز أغاني شهيرة له مثل “الحلوة دي”، “زوروني كل سنة”، “أنا هويت”، “أهو ده اللي صار”، وتردَّد كثير من المقاطع، التي لحنها سيد درويش في مسرحياتهم، وهذا من بديهيات التأثّر.

ولكن في عصر ندر فيه استخدام الملحنين لقالب الموشح، وزّع الأخوان رحباني موشح “يا شادي الألحان” توزيعاً في منتهى الروعة، كما قاموا بتلحين موشحات، لم يطلقوا عليها اسم موشحات، ولكن نظراً إلى تركيبتها الشكلية، فإنها تندرج في فئة الموشحات تماماً، ومنها أغنية “بكرة أنت وجايي”، حيث كانت تقسيمات الأغنية متطابقة تماماً مع تقسيمات الموشح، وأغنية “لا يدوم اغترابي” أيضاً، وقد ظهر التأثّر في ذلك التنويع في مقاطع الموشح، وفي التلوين اللحني البديع.

ولكن ما قام به الأخوان رحباني هو أنّهما جدّدا أيضاً على تجديد سيد درويش في التوزيع الموسيقي، واختيار الشعر الراقي المحكي، والفصيح في إنتاجهم، كما أنهما جدّدا في الأداء الغنائي لهذا القالب، والدليل هو ذلك التنوع العبقري في أداء السيدة فيروز في أغنية (موشح) “بكرة أنت وجايي”.

في الختام يمكننا أن نسأل أنفسنا: هل كانت الرحلة إلى إيطاليا، ستعطي سيد درويش حسّاً أكثر بالكلمة؟ هل كانت ستعطيه التصاقاً أكثر بهموم الشعب ويومياته؟ هل كانت ستعطيه العبقرية؟ هل كانت ستوفّر له وقتاً ليصنع من خلايا جسده وروحه ذلك الجسر، الذي عَبَرَ عليه العظماء كلهم من بعده؟ بالتأكيد لا.

kitty core gangbang LetMeJerk tracer 3d porn jessica collins hot LetMeJerk katie cummings joi simply mindy walkthrough LetMeJerk german streets porn pornvideoshub LetMeJerk backroom casting couch lilly deutsche granny sau LetMeJerk latex lucy anal yudi pineda nackt LetMeJerk xshare con nicki minaj hentai LetMeJerk android 21 r34 hentaihaen LetMeJerk emily ratajkowski sex scene milapro1 LetMeJerk emy coligado nude isabella stuffer31 LetMeJerk widowmaker cosplay porn uncharted elena porn LetMeJerk sadkitcat nudes gay torrent ru LetMeJerk titless teen arlena afrodita LetMeJerk kether donohue nude sissy incest LetMeJerk jiggly girls league of legends leeanna vamp nude LetMeJerk fire emblem lucina nackt jessica nigri ass LetMeJerk sasha grey biqle