سوزة… قصة نجاح امرأة كفيفة لتعليم نساء كفيفات مهنة الخياطة

على الرغم من فقدانها البصر، والمشاكل الصحية الأخرى، التي تمر بها، استطاعت السبعينية سوزة معروف أن تكون شعلة نور لغيرها من ذوي الهمم، ولم تتخلَّ عن طموحها لتصبح ملهمة ومعلمة لغيرها في الخياطة، والأعمال اليدوية.

ولدت “سوزة معروف” الكفيفة عام 1956 في محافظة كركوك، وتقطن حالياً في حي بكرجو في محافظة السليمانية، فقدت زوجها منذ أربعة أعوام ولديها ابنة واحدة.

وفضلاً عن فقدانها بصرها، فهي تعاني أيضاً من مرض السرطان، ومع ذلك لم تمنعها حالتها الصحية السيئة من الوصول إلى آمالها وأهدافها، إذ جعلت من الظلمة التي تغطي عينيها نوراً لحياتها وحياة نساء أخريات حولها بفتح دورات لتعلم الخياطة.

دورة تعليم خياطة

افتتحت “سوزة” دورة لتعليم الخياطة للنساء في مؤسسة “روشنايي دل” في محافظة السليمانية، إذ انضمت للدورة النساء الكفيفات، لتعلم الخياطة، كما تسعى سوزة إلى تعليمهن الأعمال اليدوية المميزة.

تحدثت سوزة معروف عن حياتها، وعملها لروج نيوز: “منذ أكثر من 30 عاماً، وأنا أعمل خياطة، بعد أن تعلمت المهنة من زوجة أخي، إلا أنني أحببت الأعمال اليدوية أيضاً، وقد ساعدتني صديقتي في تعلم النسج والتطريز، والأعمال اليدوية الأخرى، أنا قادرة على نسج وصنع القلائد والأساور”.

فقدت سوزة بصرها في عمر صغير، ولكنها لم تتوقف حياتها، وتبقى في دائرة العجز: “فقدت البصر منذ أن كنت في السنة الرابعة من عمري بسبب المرض، كما أصبت بمرض السرطان منذ عام 2010″، وهي تتلقى العلاج بشكل مستمر.

وحول الدورة التي افتتحتها سوزة: “هذه هي المرة الأولى التي افتتح فيها دورة لتعليم الخياطة والأعمال اليدوية، ولدي 12 طالبة، وكلهن نساء كفيفات بعدما أن أعلمهن كيفية العمل بماكينة الخياطة أعطيهن قطعاً من القماش، وأعلمهن كيف يقمن بقصها، ويبدأن بخياطتها، وأنا فخورة بطلابي إذ تعلموا كيفية الخياطة، وقد قاموا بخياطة الألبسة للناس”.

الأمل طريق النجاح

“رحمه محمد” امرأة كفيفة، وهي إحدى طلاب سوزة، والتي هي الأخرى فقدت بصرها بسبب تعرضها لانفجار لغم: “نأتي يومين من كل أسبوع إلى هذه المؤسسة، لكي نتعلم الخياطة وأعمالاً يدوية أخرى على أيدي سوزة، وفي المستقبل سنفتح معرضاً لعرض أعمالنا”.

وقالت “ريجنة ريبوار” إحدى طالبات سوزة: “أحضر إلى هذه المؤسسة لتعلم الخياطة، والأعمال اليدوية الأخرى، في البداية تعلمنا كيف ندرب أرجلنا على ماكينة الخياطة، بعد ذلك تعلمنا طريقة تركيب الخيط والإبرة”.

وقد برهنت سوزة خلال تدريبها النساء الكفيفات للخياطة، أن العجز يخلق في العقول، وقد أثبتت سوزة أن الأمل مفتاح النجاح، ودعت في ختام حديثها النساء اللواتي يعانين من الصعوبات والعجز ألا يفقدنَ الأمل بل يواصلنَ في محاولاتهن، ويطورنَ خبراتهن ومواهبهن، التي يمتلكنها: “فكل واحدة منا تعاني من فقدان البصر، فلو بقينا سجينات المنزل، لم نتعلم أو نتقن أي مهنة، لكن بالتحاقنا لمراكز التدريب؛ صرنا متقنات مهناً مفيدة، تكون لنا عونا ونافذة رؤيا إلى الحياة الواسعة”