سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

سنحشد قواتنا على الحدود

يوسف كوتي_

سنحشد قواتنا على الحدود، جملة صالحة لكل زمان ومكان على الطريقة التركية الشوفونية، حيث تشكل هذه الجملة مقدمة التهديدات التركية الموروثة أباً عن جد عبر حكوماتها المتكررة، التي حكمت الجمهورية الفتاة بذهنية عنصرية عدائية للشعب الكردي الصامد، والثائر ضد الممارسات الشوفونية اللاأخلاقية، التي مارستها تلك الأنظمة ضد إرادة الشعب الكردي في شمال كردستان بشكل خاص والأجزاء الأخرى من كردستان بشكل عام،
 حيث أصبح هذا الشعب في مرمى هدف الدولة التركية كلما أراد النهوض بذاته من بين براثن جاهلية العصر. ويقف النظام التركي التراكمي بكل ما يملك من قوة في وجه الشعب الكردي، وما يطمح إليه بالرغم من أن تلك الممارسات لم تكن بالهينة وسحقت أرواح مئات الآلاف من أبناء هذا الشعب بمجازر جماعية دون تمييز بين مسن أو امرأة أو طفل؛ بدءاً من انتفاضة الشيخ سعيد، ووصولاً إلى يومنا هذا، حيث كتب الشعب الكردي تاريخاً مليئا بالانتصارات صقلت حروفه بدماء لم تقبل بالذل والخنوع وكلما كسرت شوكة العدو لجأ إلى التهديد والوعيد خاصة بعد تأسيس الأيديولوجيا الثورية الجديدة بقيادة الشريحة الوطنية المثقفة، التي تبنت مفاهيم الاشتراكية العلمية، والتي أصبحت شوكة في حلق النظام التركي، الذي لا يستطيع بلعه ولا رميه خارجاً.
وهكذا استمرت سياسة الاحتلال واشتد تصعيدها في تشرين الأول ١٩٩٢ م عندما حشدت قواتها في جبال إقليم كردستان بالتحالف مع قوات حزب الديمقراطي الكردستاني في شمال العراق، وخرجت من المعركة خاسرة، وعادت قوات الطرفين أدراجها، وفي آذار ١٩٩٣م انطلقت مرحلة جديدة للصراع في تركيا  فاتضحت بوادر حل القضية الكردية في أفق السياسة التركية في زمن حكم “تورغوت أوزال” وبمبادرة فعلية من القائد عبد الله أوجلان، التي أطلقها في ١٩ آذار ١٩٩٣م، والتي بدأت بأول خطوة لوقف إطلاق النار من طرف حزب العمال الكردستاني كنيَّة حسنة للبدء بالحوار مع الحكومة التركية، بوساطة المرحوم جلال طلباني رئيس حزب الاتحاد الوطني الكردستاني في العراق، حيث انتهت المبادرة بلعبة استخباراتية دست عملاءها في صفوف الحركة مثل شمدين ساقق واغتيال الرئيس تورغوت أوزال، الذي نهض باقتصاد تركيا ورفع مستوى الليرة التركية مقابل العملة الأجنبية والذي فتح مجال للحوار مع حزب العمال الكردستاني لمناقشة سبل حل القضية الكردية في تركيا.
تلك السياسة ما زالت مستمرة حتى اللحظة مروراً بِحَبْكِ المؤامرة الدولية على القائد عبد الله أوجلان؛ حيث حشدت تركيا قواتها على الحدود السورية مهددة باجتياحها، إن لم تقم سوريا بتسليم القائد عبد الله أوجلان لها أو ترحيله إلى خارج سوريا، وبالديباجة نفسها كل يوم نسمع الدولة التركية تهدد بحشد قواتها على (تلك الحدود أو في تلك المنطقة)، واشتدت تهديداتها أكثر فأكثر خاصة مع مواكبة الكرد للتغييرات السياسية بتقديم الحلول الجذرية المناسبة للقضايا العالقة والأزمة الاقتصادية والاجتماعية في الشرق الأوسط، ومع تخطي أي خطوة ناجحة من الإدارة الذاتية الديمقراطية في شمال وشرق سوريا تقوم الدولة التركية بالتهديد بحشد قواتها على الحدود السورية، وتشرِّع لنفسها ضرب واجتياح المناطق، التي تُدار من الادارة الذاتية الديمقراطية التي تتشكل من نسيج اجتماعي متنوع من القوميات والأديان في شمال وشرق سوريا بدءاً من تأسيس الإدارة الذاتية الديمقراطية، ومروراً بالعقد الاجتماعي، وانتهاء بإعلان الإدارة الذاتية إجراء انتخابات ديمقراطية للبلديات في إقليم شمال وشرق سوريا وبمشاركة حرة من المكونات السياسية والاجتماعية.
تهدد تركيا مرة أخرى باجتياح شمال وشرق سوريا في حال حدوث أية انتخابات تضفي الشرعية على مشروع الإدارة الذاتية الديمقراطية في شمال وشرق سوريا، ولكن إرادة الشعوب ستقف بوجه التهديدات التركية بكل ما تملك من إرادة وعزم، التي تحولت واقعاً ملموساً للحد من سفك الدماء والصراعات القومية الطائفية في المنطقة، وستكون نواة لدمقرطة سوريا والمنطقة برمتها.