سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

سما يوجا… نيران ثورة الحرية مازالت تتقِدُ بالأجساد

قامشلو/ دعاء يوسف –

تأثرت بشعلة الثورة والنضال التي بدأها أبناء جلدتها، فانضمت إلى الحِراك الثوري، وأشعلت نار الانتفاضة في جسدها، بعد أن رفضت أن تنطفئ نار الثورة التي أُشعِلت بأرواح شهدائها، طالبت العالم بنثر تراب قبرها على شهداء تركوا بصمة خاصة في قلبها، ففي ليلة نوروز التي تُعتبر عيداً وطنياً لدى الشعوب، نفذت الشهيدة سما يوجا عمليتها الفدائية الباسلة، حيث ألهبت بجسدها المُقدّس نار نوروز، لِتُعلن بذلك أن تضحيات من سبقوها وتضحيتها لن تذهب سُدىً فنار الثورة مازالت تتقِدُ بالأجساد.
تنبعث في كل عام من نيران نوروز الملتهبة، رائحة قوة وصمود تُعطّر برماد شهدائنا الأبرار الذين أشعلوا نيران الثورة بأجسادهم الطاهرة، ليصبحوا ميراثاً لنضال شعبنا على مدى آلاف السنين، ومن بينهم شهيدات مناضلات عدة أمثال: سما وزيلان وروناهي وبيريفان، اللواتي أبين أن تنطفئ شعلة الحرية.
عاشقة الحرية
وفي ذكرى استشهادها تبقى “سما يوجا” الاسم الحركي “سرهلدان، وليلى قاسم”، حاضرةً في أفئدة الشعب الكردي، حيث ولدت عام 1971 في قرية قرخلخا التابعة لولاية آغري، وقد حملت في قلبها حب الوطن الذي دفعها للانتفاض منذ نعومة أظفارها ولهذا السبب سميت على اسم ليلى قاسم في عائلتها.
أكملت سما يوجا دراستها والتحقت بفرع السيسيولوجيا بقسم علم الاجتماع في ODTU عام 1987 وتوجهت بعدها إلى أنقرة، وقد انضمت إلى مجموعة من الطلاب الوطنيين الثوريين عام 1988 في أنقرة، وبدأت بالتعرف على حركة التحرر الكردستانية عن قُرب.
ولربما أكثر ما حرك مشاعر النضال والقوة المشهد البطولي الذي أقدمت عليه زكية آلكان بإشعال النار بجسدها وذلك على خُطى مظلوم دوغان في نوروز عام 1990، حيث كتبت سما في رسالتها قائلةً: “إذا استشهدت، انثروا حفنة تراب من قبري على قبر زكية”.
سما لم تتقبّل كل ذاك الاضطهاد على شعبها، وعلى المرأة الكردية بالتحديد، ولم تكتفِ بعدم تقبّل الواقع المرير، بل كانت السبّاقة في إحداث تغيير في الواقع الكردي الذي كان ميؤوس منه قبل ظهور حركة التحرر الكردستانية. لذلك؛ حين انضمامها للحركة صممت على أنها ستكون مقاتلة استثنائية بقدر حبها لشعبها ووطنها، فكانت ما طمحت إليه؛ عضوة مميزة بقدر عشقها لقضيتها وتعلقها بفكر وفلسفة قائدها عبد الله أوجلان، فهي أحد تلامذته الذين تلقوا تدريبات سياسية وإيديولوجية من قِبله.
الروح الثورية لا تموت
وكما جرت العادة امتدت أذيل الظلم لتأسر الطير الحر في عام 1992، فقد خاف المجرمون منها، وحُكِم عليها بالسجن خلف القضبان لـ 22 عاماً، إلا أن ذلك السجن زادها إصراراً على نيل الحرية لشعبها، فخلف زنزانة الأسر تعمقت سما يوجا في فكرة الحرية، وبعد ثمانية أعوام من عملية الشهيدة زكية آلكان، قامت سما يوجا بإضرام النار بجسدها، فذلك المشهد البطولي لم يغِب عن ناظريها، لتشعل نار نوروز في جسدها ثانيةً.
مؤكدةً لسجّانها أن طائر العنقاء يولد مرةً أخرى من رماده، كما ولدت روح مظلوم في زكية وورثتها سما ففي يوم 21 آذار عام 1998 ولإدانة هجمات دولة الاحتلال التركي، والوقوف ضد الخيانة والتصفية التي فُرِضت على حزب العمال الكردستاني ولإظهار الروح الثورية، أضاءت النيران عتمة السجون مرةً أخرى وحُفِر اسم جديد في سطور التاريخ.
وبعد 84 يوماً من العملية التي قامت بها استشهدت سما يوجا، في مشفى كلية الطب الجراحي في إسطنبول يوم 17 حزيران عام 1998، وقد طلبت أن ينثر تراب قبرها فوق زكية إلا أن الشعب الكردي تمسك بذلك التراب المقدس بين راحتيه واعداً بتحقيق الغد الذي كانت تطمح له سما ورفاقها ممن حملوا على عاتقهم إشعال نيران الثورة لتتقد في صدور غيرهم، فسما يوجا لم تكن أول شهيد ولن تكون الأخيرة فطريق النصر يُكلل بياسمين أبطاله.