سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

سلام الكرد وعداء العدالة والتنمية

ريزان حسن –

منذ نشأته وهو يطالب بحقوق الشعب الكردي وحلّ القضية الكردية بالحوار، التفاوض وتحقيق السلام، ودون سرد التفاصيل والأحداث الكل يعرف تاريخ حركة التحرر الكردستانية من سياسة إلى كفاح مسلح إلى إعلان الهدنة ومشروع السلام وغيرها من المبادرات، وخلاصة القول “ما من حق يضيع ورائه مطالب”.
وبالنظر إلى تاريخ طويل من النضال والمقاومة لحركة التحرر الكردستانية ضد سياسات حكومات تركية عديدة، والتي سعت بكل إمكاناتها للقضاء على الكرد وإنهاء القضية الكردية انطلاقاً من محاولات القضاء على حركة التحرر الكردستانية الثورية، نرى أن كل تلك المحاولات فشلت ولم تحقق أي نتائج، بل وعلى العكس تماماً ازداد تمسك الكرد بالمقاومة وأصبحت قضية الشعب الكردي أكثر وجوداً على الساحة الدولية. حركة التحرر الكردستانية والقائد أوجلان أعلنوا الهدنة لمرات عدة ودعوا تركيا إلى الحوار، أكدوا بأن العنف والقتال لن يجلب إلا العنف والقتل والتدمير واستمرار استنزاف قدرات وطاقات الشعبين الكردي والتركي على حدٍ سواء، وأكد القائد والمفكر أوجلان من خلال مرافعته على ذلك بعد المؤامرة الدولية التي استهدفت الكرد في شخص أوجلان بتاريخ 15 شباط 1999.
الدولة التركية المحتلة ومنذ تاريخ اعتقال أوجلان إلى اليوم؛ حاولت إظهار سياسة جديدة تجاه الكرد. لكن؛ وفي الخفاء سعت إلى طمس الهوية الكردية وضرب حركة التحرر، ولا تزال تمارس هذه السياسة الفاشلة، خلال الأربعين عاماً ثبت وبالرهان أن أوجلان وحركة التحرر الكردستانية هما عامل الاستقرار والأمان والازدهار في تركيا. لكن؛ وفقاً لما يتناسب مع شروط حل القضية الكردية. وهذا ما لم تفهمه الحركة السياسية (القومية) في تركيا والتي تعتبر وجود الكرد خطر يهدد الأمن القومي التركي، هذه السياسة التركية الفاشلة كانت سبباً لزوال احزاب وانهيار حكومات لم تقدم سوى الدمار لتركيا ولباكور كردستان، وكان الأجدر بها أن تفكر في أسباب انهيار هذه الحكومات وتعود إلى الحوار مع الكرد وحل القضية الكردية.
وآخر محاولات الدولة التركية المحتلة بفكرها القومي لتصفية القضية الكردية كانت السيطرة على كل مفاصل الدولة التركية من رأس الهرم إلى قاعه، عبر استفتاء على تغيير الدستور وربط جميع السلطات بالرئيس وتعطيل البرلمان والبلديات. لكن؛ كانت النتائج معاكسة لما كان يرنو إليه العدالة والتنمية بالتحالف مع حزب الحركة القومية. بعد هذا الفشل الانتخابي لجئت الحكومة التركية إلى الضغط والتهديد لإعادة الانتخابات، وبهدف كسب المزيد من الأصوات والفوز بالانتخابات، سخرت وكما جرت العادة كل الإمكانيات لصالحها، من فرض حظر على المعارضين، تليين الخطاب المعادي للكرد ومحاولة استمالتهم، التجاوب مع مطالب المضربين والسماح لعائلة أوجلان ومحاميه للقاء به من جانب، ومن جانب آخر ضرب حركة التحرر الكردستانية لاستمالة القوميين الأتراك الذين تململوا من خطابات اردوغان وأكاذيبه اليومية.
 لكن للمرة الثانية فشل اردوغان بفرض الهيمنة والاستيلاء على كل مفاصل الدولة، أي أن أردوغان الذي كان يحاول ضرب الكرد والقضاء عليهم في قنديل تلقى ضربة قوية من الحركة السياسية الكردية في عقر داره بإسطنبول. وهنا لا بد أن نؤكد على أن السياسة أقوى من أي سلاح تمتلكه دولة الاحتلال التركي، وأن حركة التحرر الكردستانية وعلى مدى أربعين عاماً دعت كما في رسالة أوجلان الأخيرة إلى الحوار، وأشارت الرسالة إلى أن قوة تركيا تكمن في اتفاقها مع الكرد ولا خيار آخر لديها لحل أزماتها، ما لم تجلس إلى طاولة المفاوضات مع الحركة السياسية الكردية ويتوجب عليها وقف مخططاتها وسياساتها المعادية للشعب الكردي قبل كل شيء. وباعتقادي على حزب العدالة والتنمية الوقوف عليها بإسهاب؛ لأن عبرها يكون الحل الشامل لجميع القضايا العالقة بين الكرد وتركيا.