سقط إريكسن.. فنهضت الأخلاق الرياضيّة عالياً

إعداد/ جوان محمد ـ

---

خسر المنتخب الدنماركي، ولكنهم كسبوا كريستيان إريكسن، حادثة مؤلمة حصلت في اليوم الثاني من بطولة أمم أوروبا، ولكنها بثت رسائل كثيرة ودلت على أن الرياضة هي ليست فقط فوز وخسارة، بل أخلاق ومحبة وتآخي وسلام بين الدول والشعوب القاطنة على الكرة الأرضية.

انطلقت منافسات بطولة أمم أوروبا “يورو 2020” بتاريخ 11/6/2021، والمؤجلة بسبب كورونا، ولأول مرة تقام في 11 دولة أوروبية، وفي اليوم الثاني شاهد العالم حادثة مؤلمة وهي إصابة كريستيان إريكسن نجم المنتخب الدنماركي، وذلك بسقوطه قبل نهاية الشوط الأول على أرض الملعب خلال محاولته استلام الكرة، لتتوقف المباراة لعلاجه، بعدما أثار حالة شديدة من القلق ووسط انهيار جميع من في ملعب المباراة.

ونُقِل إريكسن للمشفى لتلقي العلاج وعندما تم الاطمئنان عليه وبأنه في حالة مستقرة لُعِبت المباراة بنفس اليوم عقب حوالي ساعة ونصف من إيقافها، وذلك بعد الاتفاق بين المنتخبين الفنلندي والدنماركي رغم توجيه انتقادات للعب المباراة بنفس اليوم من قبل بعض الرياضيين منها الحار الدنماركي السابق بيتر شمايكل، واستطاع المنتخب الفنلندي في المباراة تحقيق الفوز على المنتخب الدنماركي وبهدف بدون رد ولكن خسارة الدنمارك لم تكن بقدر عودة إريكسن للحياة.

توضيح هام

قال الاتحاد الأوروبي لكرة القدم “اليوفيا”: “بناءً على طلب لاعبي المنتخبين، وافق الاتحاد الأوروبي على استئناف المباراة بين الدنمارك وفنلندا، والتي لُعِبت منها الدقائق الأربعة الأخيرة من الشوط الأول، ثم شهدت استراحة لمدة خمس دقائق بين الشوطين وبعدها أُقيم الشوط الثاني”.

ولكن في حادثة سقوط إريكسن ظهرت الكثير من الرسائل وهي بأن المحبة والتضامن والتآخي الذي ساد أجواء “يورو 2020” وخارجها تغلبت على ثقافة الفوز والخسارة، فأحياناً نجد لاعب يسقط أرضاً طبعاً ليس من باب إضاعة الوقت لا بل لأنه بالفعل مصاب ونجد الفريق المنافس يُكمِل المباراة ولا يُخرج الكرة للتماس حتى تتم معالجة اللاعب المصاب، وهذا بعيد عن قيم وأخلاق الرياضة، ولكن قلَّ ما نجد ذلك، أما الغالبية من الفرق فنشهد بأنه هناك احترام لإصابة أي لاعب في ميدان الملعب حيث يُخرِجون الكرة لرمية تماس حتى تتم معالجة اللاعب المصاب.

إن حادثة سقوط إريكسن تركت صدمة كبيرة للجميع، وحتى اعتقد البعض أن الدولي الدنماركي قد فارق الحياة، لكن الإسعافات التي قام بها الأطباء وهو مغشيّ عليه أسهمت في إنعاشه واستفاقته من جديد، قبل نقله إلى المستشفى ومن ثم استقرت حالته.

رسائل تضامن عالميّة

وعلى الفور ظهرت رسائل التضامن حيث ألغى المنتخب الإنكليزي لكرة القدم المؤتمر الصحفي الذي كان مُقرراً

انعقاده بنفس اليوم للحديث عن أولى مباريات الفريق في بطولة أمم أوروبا “يورو 2020” أمام المنتخب الكرواتي.

وذكر اتحاد الكرة الإنكليزي في بيان: “قلوبنا هذا المساء مع كريستيان إريكسن وعائلته، وكل المرتبطين بالاتحاد الدنماركي لكرة القدم”.

بينما حصد كريستيان إريكسن، نجم منتخب الدنمارك، جائزة رجل مباراة منتخب بلاده مع فنلندا.

وأعلنت اللجنة المنظمة للبطولة فوز كريستيان إريكسن بجائزة رجل المباراة، رغم عدم استكماله الشوط الأول، وهذا نوع من أنواع الدعم المعنوي للاعب وزملائه.

كريستيانو رونالدو قائد البرتغال ونجم يوفنتوس: نشر “الدون” صورة تجمعه بنجم الدنمارك، معلقًا عليها “صلواتنا وقلوبنا مع كريستيان إريكسن وعائلته، فعالم كرة القدم يقف سويًا على أمل سماع أخبار جيدة، أعول على رؤية عودتك قريبًا إلى الملعب.. كن قوياً يا كريس!”.

روبرت ليفاندوفسكي  نجم بولندا وبايرن ميونخ: “كانت رؤية تلك المشاهد أمراً محزناً لنا جميعًا، سعيد لسماع أن إريكسن في حالة مستقرة، نتمنى لك الشفاء العاجل”.

أليساندرو ديل بييرو أسطورة إيطاليا: “يحيا كريستيان!!”، مع إرفاقه لصورة لنجم إنتر ميلان ومنتخب الدنمارك.

أشرف حكيمي لاعب المغرب وأنتر ميلان: نشر صورة احتفاله بهدفه ضد بوركينا فاسو، معلقًا “سعيد بالانتصار ولتمكني من إهداء الهدف لصديقي! أبقَ قويًا يا كريستيان”.

توماس مولر نجم ألمانيا وبايرن ميونخ: “نتمنى لك الشفاء العاجل”.

توبي ألديرفيريلد لاعب بلجيكا وتوتنهام: علق بعد فوز منتخب بلاده على روسيا وكتب عبر حسابه “أول فوز لنا في البطولة، لكن الليلة كانت تتعدى نطاق كرة القدم.. صديقي كريستيان إريكسن، قلبي معك ومع عائلتك”.

نادي توتنهام: “قلوبنا مع كريستيان إريكسن وعائلته”، قبل أن يعلق في منشور آخر “إلى هؤلاء الذين أظهروا ردة فعل سريعة، شكرًا لكم.. إلى كريستيان، قلوبنا معك وصلواتنا كذلك”.

بايرن ميونخ: “الجميع في بايرن يتمنون لكريستيان إريكسن التعافي سريعًا”.

بوروسيا دورتموند: “مع أطيب التمنيات كريستيان إريكسن! قلوبنا معك! في لحظات كهذه، لا تهمنا كرة القدم”.

وحتى في روج آفا وخارجها أظهرت الكثير من الحسابات للرياضيين وعشاق المستديرة تضامنهم مع اللاعب الدنماركي في خطوة تأكد الأخلاق والتآخي فوق كل الاعتبارات، وظهرت حالة جميلة في مباراة سردم والصناديد ضمن منافسات الدور الثاني من مسابقة الكأس في إقليم الجزيرة فبعد إصابة لاعب من نادي الصناديد وافتقارنا لحمالة اللاعبين عند الإصابة في المباراة، فقد ساعد لاعب سردم في إخراج اللاعب المصاب وهو متكئاً عليه وعلى زميل له في الفريق، في ثقافة يجب أن تكبر بين الرياضيين محلياً وعالمياً ولعل سقوط إريكسن برهن على التماسك بين الرياضيين وخاصةً في لعبة كرة القدم رغم أن ثقافة الفوز والخسارة قائمة ولكن الإنسانية فوق كل شيء.

الحالة الصحيّة

أما بخصوص الحالة الصحية لإريكسن فقد قال مورتن بوسن، طبيب منتخب الدنمارك، إن نتائج الفحوص التي

خضع لها لاعب وسط الفريق كريستيان إريكسن حتى الآن جاءت طبيعية.

وقرر المنتخب الدنماركي تأجيل حصته التدريبية في أعقاب انهيار كريستيان إريكسن خلال المباراة أمام فنلندا كما جرى إلغاء كافة الأنشطة الإعلامية، بحسب ما ذكره الاتحاد الدنماركي لكرة القدم

وقال الاتحاد الدنماركي، في بيان رسمي على حسابه بـ”تويتر”: “تحدثنا إلى كريستيان إريكسن، الذي أرسل تحياته إلى زملائه في الفريق، إن حالة اللاعب مستقرة، لكنه سيبقى في المستشفى لإجراء المزيد من الفحوصات”.

وأضاف: “يتواجد مساعد أزمات مع فريق وموظفي المنتخب، وسيستمر معهم بعد هذه الحادثة “.

وتابع: “نود أن نشكر الجميع على التحيات القلبية لكريستيان إريكسن من المشجعين واللاعبين والعائلات الملكية في الدنمارك وإنكلترا والاتحادات الدولية والأندية”.

واختتم: “نشجع الجميع على إرسال تحياتهم إلى الاتحاد الدنماركي، حيث إننا سننقلها جميعًا إلى كريستيان وعائلته”.

وتحدث مورتن بوسين، طبيب الدنمارك، عن اللحظات التي تلت تعرض كريستيان إريكسن لإغماء مفاجئ في اليورو.

وقال بوسين، في تصريحات أبرزها موقع “فوتبول إيطاليا”: “كان يتنفس، وكنت أشعر بنبضه لكن فجأة تغير ذلك”.

وأضاف طبيب الدنمارك: “كما رأى الجميع، بدأنا في إعطاء إريكسن الإسعافات الأولية لإنعاش القلب”.

واختتم بوسين: “نجحنا في إعادة الوعي لإريكسن، كما أنه تحدث معي قبل نقله إلى المستشفى”.

العمل للمستقبل

وحذّر الاتحاد الدولي للاعبين المحترفين، من عدم وضع صحة اللاعبين في الاعتبار، عند تنظيم جدول البطولات، وتأجلت بطولة أوروبا من العام الماضي، بسبب جائحة كورونا والتي أدت إلى تأخير بداية موسم 2020-2021 وأجبرت البطولات الأوروبية على تكثيف جدول المنافسات، لإنهاء الموسم في الوقت المناسب من أجل البطولة القارية.

وقال يوناس بارهوفمان، الأمين العام لاتحاد المحترفين في خطاب مفتوح “على مدار آخر أربعة أعوام… أبلغنا اللاعبون حول العالم عن مدى عدم مراعاة جدول البطولات أو حتى التفكير في احتياجاتهم، الظروف في المباريات والأمور المتعلقة بها ترهقك ذهنياً وبدنياً”.

وشدد بارهوفمان، على أنه حان وقت التغيير وطالب اللاعبين بالتعبير عن آرائهم عبر روابط اللاعبين.

وأضاف “في الشهور المقبلة سنتناقش بالنيابة عنكم مع الاتحاد الدولي (الفيفا) والرعاة من أجل سماع أصواتكم بشأن جدول بطولات أكثر عدالة ومنطقية بالإضافة إلى ظروف أكثر إنصافاً وضمانات وحماية أكبر داخل الملاعب وخارجها”.

وتابع الأمين العام مشيراً إلى عدم الأخذ برأي اللاعبين عند اتخاذ القرارات “بالنسبة لنا فصوت كل لاعب هو أهم شيء في هذا النقاش”.

وانتقد العديد من مدربي الأندية الكبيرة الجدول المضغوط للمباريات هذا الموسم.

وفي تشرين الثاني، حذّر أولي جونار سولسكاير مدرب مانشستر يونايتد، من زيادة حالات الإصابة في الدوري الإنكليزي الممتاز، بسبب “الإرهاق البدني أو الذهني”.

واستقرت اللجنة الطبية لإدارة الاتحاد المصري لكرة القدم برئاسة الدكتور محمد سلطان، على قرار جديد بعد واقعة سقوط إريكسن لاعب الدنمارك.

وعَلِم موقع كورة من مصدر داخل اتحاد الكرة، أن سلطان قرر إقامة دورة تدريبية للأجهزة الطبية في الأندية، من أجل التعرّف على كيفية التعامل مع حالات السقوط المفاجئ للاعبين نتيجة الأزمات القلبية.

يبدو سقوط إريكسن وضع القائمين على الكرة العالمية أمام قضايا هامة وعلى رأسها قضية الجداول المكثفة للمباريات والبطولات والتي أصبحت تُثقِل كاهل اللاعبين وتصل لثلاث مباريات في ظرف أقل من عشرة أيام وهذا الضغط بالمباريات الخاسر الكبير فيه هو اللاعبين.