سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

سرياني يدخل فناً فريداً من نوعه إلى قامشلو

في ورشة صغيرة وسط مدينة قامشلو، شمال شرقي سوريا، ينهمك مروان شكرو (55 عاماً)، في العمل على تنفيذ لوحات فريدة من نوعها في المنطقة، بواسطة مادة “الإيبوكسي” المستخدمة في إضفاء الجمالية على أرضيات المنازل وجدرانها، هذه المادة التي يستخدمها بعض الفنانين حول العالم في إنجاز لوحات وأعمال فنية فريدة وهو ما يعمل عليه شكرو منذ نحو عام.
يعتبر الرسم بمادة الإيبوكسي من الفنون العالمية الحديثة والتي شهدت انتشاراً ملحوظاً خلال السنوات القليلة الماضية، ويقوم مستخدموها في أعمال الديكورات والرسم والنحت بنشر مقاطع مصورة لأعمالهم على مواقع التواصل الاجتماعي وبشكل خاص على موقع يوتيوب، وهو ما استفاد منه شكرو بشكل كبير.
فن من نوع آخر..
يقول شكرو: “أحببت أنا أتعلم شيئاً آخر في الفن. رأيت مادة الإيبوكسي على اليوتيوب، فأثارت فضولي، لذلك سألت عنها في دمشق وعلمت أن هناك شركتين تنتجان وتعملان بهذه المادة، فبدأت أحصل عليها وأعمل بها، بحسب متابعتي للعاملين بها على يوتيوب”.
وظهرت الميول الفنية لدى شكرو، والذي يحمل إجازة في الهندسة الكهربائية، منذ نحو /35/ عاماً حينما كان طالباً في الصف الأول الثانوي، عندما ميّز مدرس مادة الرسم رسومه عن رسومات بقية زملائه، ما زاد من رغبته في تعلم المزيد من الفنون لاحقاً.
يحاول شكرو أن يعود بذاكرته إلى فترة الثمانينات عندما دخل الجامعة، وبدأ بممارسة الفن التشكيلي وفن الخط العربي والخط السرياني، والفن السريالي الذي يبدي إعجابه الشديد به، ويعتبر أنه فن “فوق واقعي يرتكز إلى الحرية والتلقائية في التعبير عن الأفكار والآراء (..) “أحاول أن أهتم بمضمون الفن بدلاً من شكله عبر لوحات فنية تجسد هذه الحالة”، وهو مذهب رسم فرنسي، على حد قوله.
ويقول بشيء من الحسرة لوكالة نورث برس: “درست فرع الهندسة الكهربائية في جامعة حلب مرغماً، بسبب عدم تقبل المجتمع لدراسة الرسم ووضعي الاقتصادي حينها. تخرجتُ من الجامعة عام 1989 وأعمل الآن في مكتبي الخاص بالتجارة العامة”.
وخصص المهندس غرفة صغيرة في مكتبه الخاص بالتجارة العامة للعمل على هوايته بمادة الإيبوكسي، والذي يعتبر الوحيد في صنع لوحات فنية بهذه المادة ضمن منطقة الجزيرة.
ويقول إن العمل بهذه المادة يحتاج صبراً وتعلم العديد من المهن الأخرى كالحدادة والنجارة وأن يتقن مستخدمها العمليات الحسابية لحاجة العمل إلى قياس الكميات المادة المستخدمة، بالإضافة لدقة العمل.
وتعتبر الإيبوكسي مادة قديمة ولكنها تطورت في الأعوام العشرة الأخيرة، “توصل المهندسون والفنانون العالميون لمادة الإيبوكسي الشفاف، ويعتبر الجيل الرابع والأحدث من المادة، عبارة عن مواد بلاستيكية مضافاً إليها حبيبات مادة الكريستال، بحيث تُعطي صلابة وصورة ثلاثية الأبعاد للسطح الموضوع عليه.
التركيز على تراثه السرياني..
وخلال عمله، يركز شكرو على رسم لوحات خاصة بالتراث السرياني في المنطقة، ويقول إن حبه للتراث السرياني جعله يرسم لوحات تعبر عن ثقافة مجتمعه.
وإلى جانب شهرته بهذا النوع من الفن، يحظى المهندس بشهرة في الأوساط السريانية في المدينة، خصوصاً أنه ترأس المجلس الملي السرياني فيها بين عامي 2010 و 2012، وهو مجلس تابع للكنيسة السريانية الأرثوذكسية، يدير الأمور الإدارية في الكنيسة والمؤسسات التابعة لها في المنطقة.
وخلال الفترات السابقة قامت مؤسسة تابعة للكنيسة بعرض أعماله في عدة معارض محلية، “عرضت أسرة مار أفرام الجامعية التابعة للكنيسة العديد من لوحاتي الخاصة في المعارض التي أقامتها، قدمت فيها أعمالاً بالرسم السريالي، الحرق على الخشب، النحت على الجبصين، الرسم على الجلد، ولوحات في الخط السرياني”.
في هذه الأثناء يستعد شكرو للمشاركة بأعماله الخاصة بالإيبوكسي في معرض من المقرر أن ينطلق في شهري تموز وآب القادمين، “بحسب وضع المنطقة وحالة الحظر المفروضة للوقاية من فيروس كورونا”.
يعتبر شكرو أن أي حالة فنية بلا هدف يمس المجتمع أو خصوصية الشخص نفسه، “ستبقى حالة فنية فقط”، كما يعتبر أن الفن يجب أن يشارك في “صياغة ثوابت المجتمع ويغير طريقة تفكيره وينقل التراث والقيم للأجيال القادمة”.