سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

زيلان.. شهيدة الحرية ونهج المجتمع الحر

جل آغا/ أمل محمد –

ثمانية وعشرون عاماً مرت على شهادة المناضلة والفدائية الحرة الشهيدة زيلان، التي مهدت الطريق أمام آلاف الشهيدات والمناضلات، اللواتي سرْنَ على خطاها بمتابعة درب الحرية.
 زيلان “زينب كناجي” شهيدة الحرية، التي قدمت حياتها قرباناً في سبيل بناء مجتمع حر، في 30 من شهر حزيران من عام 1996 نفذت المناضلة شيلان عمليتها الفدائية ضد الجيش التركي في ديرسم بباكور كردستان والتي أسفرت عن مقتل 18 جندياً تركياً، وعدد كبير من الجرحى، عام واحد فقط على انضمامها إلى حركة التحرر الكردستانية، فنفذت عمليتها البطولية، وسطِّر اسمها من ذهب في تاريخ النضال الكردي.
ولدت زيلان “زينب كناجي” عام 1972 في قرية المالي في ملطية، وتنتمي لعشيرة ماموركي التي تعرف بانتمائها الوطني للقضية الكردية، تأثرت زيلان منذ الصغر بالقضية الكردية؛ فانضمت إلى صفوف حزب العمال الكردستاني عام 1995، وهي ابنة 23 ربيعاً حاملةً الدفاع عن القضية الكردية ضد سياسة الصهر والاستبداد بعزيمة فولاذية وقلب باحث عن الحرية.
شهيدة الحق والإصرار
بعد عام واحد فقط، استطاعت الشهيدة زيلان أن تصبح من المقاتلات المميزات في حزب العمال الكردستاني، فجاءت عمليتها الفدائية رداً على محاولة اغتيال القائد عبد الله أوجلان من المحتل التركي، تعد عمليتها الفدائية الأولى من نوعها في تاريخ حركة التحرر الكردستانية، حيث قامت بالتوجه نحو مركز للجيش التركي أثناء مراسم رفع العلم بمدينة ديرسم بباكور كردستان محملة ثمانية كيلو غرامات من المواد المتفجرة، وقنبلتين يدويتين، وتظاهرت بأنها امرأة حامل حتى تسللت بين الجموع، ونفذت عمليتها البطولية.
كانت الشهيدة زيلان فتاة يافعة، لها حياتها الخاصة، درست في جامعة إينونو بقسم علم النفس، وعملت في قسم التصوير والأشعة في المشفى الوطني في المدينة، كانت متزوجة من زميلها في الجامعة محمد علي. ولكن؛ حياتها هذه لم تمنعها من الانضمام إلى حركة التحرر الكردستانية، والتي تعرفت عليها عن قرب خلال دراستها الجامعية، بدأت فكرة الانضمام حين أدركت بأن كردستان محتلة. ما مرت به الشهيدة زيلان في طفولتها وما شاهدت من محاولات الاستبداد بحق القضية الكردية كان له أثر عميق في خطوتها تلك، كما كان لعائلتها التي تميزت بالحس الوطني، والتي كانت تدعم الحراك الكردي أثر كبير في دعمها للقضية الكردية، وكان لفلسفة وفكر القائد عبد الله أوجلان ورسالته السامية البصمة الكبرى في تكوين شخصية زيلان الوطنية.
اختارت الشهيدة زيلان اسمها الحركي نسبةً إلى وادي زيلان الذي ارتكبت فيه سلطات المحتل التركي مجزرة بحق المدنيين الكرد، والتي راح ضحيتها آنذاك أطفال ورجال ونساء تجاوز عددهم 15 ألف شخص، ولدت الشهيدة زيلان من رحم المعاناة، وترعرعت لتغدو اليوم مقاتلة، ومناضلة كردية سطرت بعزيمتها ملامح التاريخ الكردي.
غيرت الشهيدة زيلان بعمليتها الفدائية مجرى النضال وصعدت وتيرة النضال الثوري للشعب الكردي، فأصبحت منهلاً للحرية، ومنبراً للبطولة والفداء، تميزت الشهيدة زيلان بقوة الشخصية، والتأني في التخطيط، شهيدة العام الواحد كسرت القيود، وخرجت عن المألوف، وهزت عرش الدكتاتورية التركية، وأنارت الطريق أمام كل امرأة تواقة للحرية لتسير على دربها، ومنحت النساء قوة الإرادة والثقة للمضي نحو الأمام.
كما أكدت في رسالتها، التي خطتها بيديها للقائد عبد الله أوجلان بأن القائد والقضية الكردية يستحقان أن تُبذل من أجلهما الأرواح، تعلمت معنى الصمود والمقاومة من فرهاد، وروناهي، ومظلوم، وبيريتان، وغيرهم من الشهداء، واليوم تخطو جميع النساء على خطا الشهيدة زيلان التي أصبح اسمها شعاعاً للحرية والنضال الثوري. “رفيقة الدرب زيلان هي قائدتي وينبغي تنفيذ أوامرها والسير على نهجها” بهذه الكلمات وصف القائد عبد الله أوجلان عملية الشهيدة زيلان الفدائية، مؤكداً بأنها أصبحت رمزاً للمرأة الحرة في كردستان والعالم أجمع.
الشهيدة زيلان رمز إرادة المرأة الحرة 
الشهيدة زيلان امرأة من هذا الزمن لا تشبه غيرها من النساء، تميزت بوقفة ريادية في النضال الكردي، وباتت أيقونة للحياة ورح المقاومة، رسالة الشهيدة زيلان هي رسالة الخلود والفداء، وعمليتها الفدائية مهدت الطريق أمام قديسات أخريات للسير على نهجها، فاتخذت الكثير من النساء في مختلف العالم، الشهيدة زيلان نبراساً للوصول للحرية.
تركت الشهيدة زيلان إرثاً وميراثاً زاخراً بالبطولة في تاريخ المرأة الكردستانية، تتمثله وتثق به نساء العالم، هي تلميذة القائد عبد الله أوجلان، كما لقبها البعض، خلدت اسمها في صفحات التاريخ؛ فهي امرأة لم تقبل بحياة الاستعمار والعبودية، بثت بعمليتها الفدائية الإصرار والعزيمة في نفوس شعبها، وأكدت أن الثورة، التي تشارك فيها المرأة، هي ثورة منتصرة، وقيادتها للثورة ضمان لنجاحها.