روسيا ترسخ تقسيم سوريا عبر دعم الاحتلال التركي

تقرير/ صلاح إيبو –

حمل ذوو شهداء عفرين باقة رمزية من الورود مرصعة باللون الأسود، وكتبوا عليها باللغتين الكردية والعربية “لا للاحتلال التركي”، وتوجهوا إلى نقطة المصالحة الروسية في قرية الوحشية بريف حلب الشرقي الشمالي، ليوصلوا رسالة استهجان شديدة اللهجة للضابط الروسي المشرف على النقطة مفادها “أهالي عفرين مستعدون بالتضحية بأولادهم في سبيل تحرير عفرين والحفاظ على وحدة سوريا، رغماً عن الدعم الروسي لاحتلال تركيا”، وأشارت رسالة ذوي الشهداء للضابط الروسي إلى سياسات روسية الساعية لتثبيت الوجود التركي في شمال سوريا ووصفوها بسياسة تهدف لتقسيم سوريا لا لحلّ أزمتها….

مركز الأخبار ـ تجمع الآلاف من ذوي الشهداء وزوجات الشهداء وأبنائهم في مدخل مخيم برخدان بناحية فافيين وتوجهوا إلى مقر النقطة الروسية في قرية الوحشية، وحمل المتظاهرون صور الشهداء ولافتة حملت شعار “لا للاحتلال التركي، لا للصمت الدولي، لا للصمت الروسي” باللغات الثلاث الروسية والعربية والكردية، وهتف المشاركون بعبارات تحي مقاومة العصر وتدعو للحفاظ على وحدة التراب السوري عبر طرد الاحتلال التركي من سوريا، إضافة للافتات كتب عليها “بناء مخافر الاحتلال التركي في عفرين هو تقسيم لأراضي سوريا”.

وعند وصول المتظاهرون إلى أمام مركز المصالحة الروسية (النقطة الروسية)، توجّه وفد من خمسة من آباء وأمهات شهداء عفرين إلى مبنى مركز المصالحة الروسية ووضعوا إكليلاً من الورد الأسود من كتب عليه “لا للاحتلال التركي” أمام المركز، احتجاجاً على الموقف الروسي المؤيد للاحتلال التركي وزيادة الدعم الروسي لمخططات أردوغان في سوريا والمنطقة.

ويجدر بالذكر أن هذه التظاهرة الاحتجاجية جاءت بعد نحو شهر من تقديم رسالتين من أهالي عفرين للقيادة الروسية، الأولى في مطلع شهر شباط من العام المنصرن؛ قدمه وفد من الإدارة الذاتية للجنرال الروسي “إيفالنكا” نائب القوات الروسية في سوريا، والثانية تم تسليمها لضباط روس في نقطة كشتعار في ذكرى احتلال تركيا لعفرين. لكن؛ لم يتلقى أهالي عفرين أي ردً إيجابي على مطالبهم التي حضوا فيها القيادة الروسية بتحمل مسؤوليتها في الحفاظ على وحدة سوريا وإخراج الاحتلال التركي من عفرين.

ونقل آباء وأمهات الشهداء رسالة عوائل الشهداء إلى الضابط الروسي، وقالت شاذية إبراهيم والدة الشهيد علي: “نحن اليوم هنا لنعبر للجانب الروسي عن سخطنا من السياسات الروسية المتبعة في سوريا وبالتحديد مشاركتها الفعالة في المؤامرة التي تنتهجها حكومة العدالة والتنمية ضد الشعب الكردي وسوريا عامة”.

وحثت شاذية إبراهيم الجانب الروسي بتحمل مسؤوليته تجاه ما يحدث في سوريا باعتبارها قوة دولية تتدعي سعيها في الحفاظ على وحدة سوريا وحماية الشعب السوري، وأشارت شاذية إلى الدور الروسي المباشر في احتلال تركيا لعفرين وقالت: “الطائرات الروسية ساعدت تركيا في قتل أبنائنا. لذا؛ نحن لن نفغر لأي أحد شارك في احتلال عفرين، أما ان تعملوا للحفاظ على وحدة سوريا وإخراج المحتل التركي أو سنكون نحن وأبناء الشهداء في طريق تحرير عفرين ومجابهة من يقف في دربنا”.

ومن جهته؛ وجه والد الشهيد فرزند سؤالاً للضابط الروسي مفاده “روسيا دولة عظمى وتتدعي محافظتها على وحدة التراب السوري، إذا لماذا يعمل جيش الاحتلال التركي على بناء المخافر والجدار العازل في المناطق التي تحتلها؟”.

وبقي موقف الضابط الروسي غامضاً من الرسالة الشفاهية وتساؤلات أهالي عفرين وذوي الشهداء حيال السياسات الروسية في سوريا، بحجة أن الضابط غير مخول بإعطاء التصاريح أو الإجابة على أسئلة أهالي عفرين، واكتفى بالقول انهم سينقلون الرسالة للقيادة الروسية في سوريا، علماً أنه في المرتين السابقتين أيضاً كان الجواب ذاته. لكن؛ ما حدث على أرض الواقع هو زيادة انتهاكات الدولة التركية بحق أهالي عفرين، والعمل على تقسيم سوريا بخطوات فعلية على أرض الواقع عبر بناء المخافر في أربع قرى محتلة بعد هدم عدد من المنازل فيها وهي “باصلة، جلبرة، كيمار، وكل جبرين”.

وبعد عودة الوفد من لقاء الضابط الروسي، وقف الأهالي دقيقة صمت، وألقت عضوة لجنة العدالة الاجتماعية ووالدة الشهيد علي “شاذية إبراهيم” كلمة استذكرت فيها هجمات الاحتلال التركي التي كانت بموافقة روسية، وكانت نتيجتها قتل المئات من المدنيين بينهم أطفال ونساء، وتهجير أكثر من 350 ألف مدني من ديارهم.

ونددت شاذية بالصمت الروسي، وضعف الموقف الروسي من تجاوزات الاحتلال التركي في الأراضي السورية، وبخاصة بعد أن بدأت ببناء جدار لرسم حدودها ضمن الأراضي السورية بمحيط مدينة عفرين المحتلة، وقالت:” كفى مساومة بأرواح المدنيين الأبرياء، نريد العودة إلى ديارنا، وإخراج المحتلين من أرضنا”، مضيفةً بأنه كيف سمحت روسيا للاحتلال التركي باحتلال عفرين، عليها إخراجها منها وإعادة المدنيين إلى مدينتهم. كما أكّدت استعداد أبنائها وأبناء عفرين للتضحية بأرواحهم لتحرير مدينتهم والمناطق المحتلة كافة من قبل تركيا.

ثم ألقى عضو مجلس عوائل الشهداء عدنان شيخ محمد كلمة قال فيها: “إنّ تواجد القوات الروسية في الأراضي السورية كان على أساس ضمان حماية الأراضي من التقسيمات. ولكن؛ ما يحدث الآن من بناء جدار عازل بين قرى شيراوا؛ يهدف إلى عزل عفرين عن الأراضي السورية من قبل الاحتلال التركي، كيف لروسيا”. مشدداً على أنهم كعوائل الشهداء لن يقبلوا بتقسيم أرضهم، بالرغم من تسليم ثلاث رسائل للقوات الروسية من قبل أهالي عفرين للعمل على إخراج الاحتلال التركي من عفرين.

وبعدها تحدث عضو مجلس عوائل الشهداء حسن علي، وقال بأنهم كعوائل للشهداء لن يقبلوا بتقسيم الأراضي السورية من قبل أي من الجهات الدولية، وسيقاومون حتى تحرير مدينتهم، ومخاطباً روسيا: “على روسيا أن تخجل من شهدائها الذين قاوموا في ستالين غراد بوجه ظلم هتلر؛ لأن أهالي مدينة عفرين سيقاومون ويقاتلون ضد تركيا حتى تحقق النصر”.

وبدورها؛ استنكرت الرئيسة المشتركة لمجلس مقاطعة الشهباء وفاء مصطفى انتهاكات وتجاوزات الاحتلال التركي في الأراضي السورية، من مناطق الشهباء وعفرين، مطالبةً الجهات الإقليمية والسورية بتحديد موقفها حيال الاحتلال التركي للأراضي السورية.

وانتهت التظاهرة الاحتجاجية بترديد الشعارات التي تطالب المحتلين بالخروج من أراضيهم، والعودة إلى عفرين.