سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

روث الجواميس في حيّ طيّ.. طاقة بديلة عن الوقود الأحفوري

يلجأ أهالي العديد من القرى إلى وسائل بديلة عن الوقود، كاستخدام فضلات أبقارهم وجواميسهم للتدفئة في فصل الشتاء، وحتى في طهي الطعام، بديلاً لمادة (المازوت)، والتي تُعدّ واحدة من مصادر الطاقة الخضراء النظيفة التي يستخدمها الناس.
توجهت العديد من دول العالم إلى إيجاد بدائل عن الوقود الأحفوري المسبب لأزمة تغير المناخ والانحباس الحراري، باستخدام مُخلفات وفضلات الحيوانات الصلبة كبديل متجدد لتوليد الطاقة الكهربائية وغيرها. وقد استخدمت البشرية فضلات الحيوانات على مر التاريخ، وتُعرف بأسماء مختلفة بين شعوب العالم، وتُعدّ اليوم، واحدة من أبرز مصادر الطاقة النظيفة التي يستخدمها أكثر من 2 مليار شخص.
في سوريا، وتحديداً في حي طي التابع لمدينة قامشلو في مقاطعة الجزيرة، تمتهن 200 أسرة، على ضفتي نهر جقجق الذي ينبع من باكور كردستان، تربية الجواميس كمورد رزق لها، توارثتها عن أسلافها، ويقدّر عدد الجواميس بثلاثة آلاف و500 رأس، تستفيد من حليبها لإعداد “القيمر”، ومن فضلاتها مؤخراً كمورد جديد بديل عن الوقود الأحفوري.
حيث تجمع نساء الحي، في فصل الشتاء كل عام، روث الجواميس ويحوّلنه إلى أقراص ويضعنه فوق المنازل الطينية منها والإسمنتية، مصفوفة بانتظام على جدرانها وأسطحها، تحت أشعة الشمس في فصل الصيف حتى تجف، للاستفادة منه في التدفئة شتاءً.
وأصبح لهذه الفضلات حضور قوي لاستخدامها كبديل عن الوقود الأحفوري الذي قلَّ إنتاجه، بعد تدمير دولة الاحتلال التركي المنشآت الخدمية والحيوية مطلع هذا العام.
جهينة عرة بكر، تقضي ساعات طويلة تحت أشعة الشمس في صناعة الأقراص، مستخدمة المجراف، بكامل جهدها العضلي، وتخلط فضلات الجواميس بالماء لتتمكن من تشكيلها على شكل أقراص دائرية.
تشير جهينة إلى أنهم عاودوا صناعة هذه الأقراص بعدما كانوا يصنعونها قديماً. وتقول عن مراحل تصنيعها: “في الشتاء نجمع روث الجواميس، ونخزنه في أماكن تربية الجواميس، حتى يأتي فصل الربيع ونصنع هذه الأقراص لمدة شهر كامل حتى يأتي ال
صيف، ونتركها تحت أشعة الشمس مدة شهرين حتى تجف، ثم نجمعها في أكياس الخيش ونخزنها في الدار حتى يأتي الشتاء”.
فيما سبق، كانت أقراص روث الجواميس تستخدم كوقود لغلي الحليب فقط، أما الآن فتستخدم لإعداد الطعام والتدفئة أيضاً.
بدورها، تشير مها الحمود إلى أن أهالي حي طي يعتمدون على المخلفات العضوية للحيوانات، لاستخدامها كبديل للوقود.
وتقول: “نستخدم روث الحيوانات كبديل عن الكاز والغاز لغلي الحليب؛ لأنه يتطلب درجات حرارة عالية، بعد أن أصبحت المحروقات غير متوفرة وأسعارها باهظة، بعد الهجمات التركية التي طالت محطاتها”.
ومن الفوائد الأخرى لهذه الفضلات أنها قليلة الأضرار بالبيئة والصحة، وآمنة أكثر من المحروقات الأخرى التي احترق العديد من الأشخاص بسببها، أثناء طهيهم الطعام، كما تقول مها.
وتضيف مها “هذه الطاقة البديلة تقينا من برد الشتاء، وكما يُقال “الدفا عفى”.
وتشير بخيبة أمل: “الأحداث أرجعت سوريا 50 عاماً إلى الوراء”.
وتبيّن مها أن صناعة روث الجواميس مجانية ولا تكلفهم أي مبالغ أو خسائر، وتتوفر بشكل مجاني ولا تخلف الأدخنة الناتجة عنها أثراً كبيراً على البيئة.
وفي إقليم شمال وشرق سوريا، يتسبّب الاحتلال التركي بأزمات يعاني منها المواطنون، وخاصةً بعد استهداف منشآت الطاقة والنفط. حيث تسبّب قصفه بالطائرات الحربية والمسيّرة للمنشآت الحيوية في الفترة بين 13 – 15 كانون الثاني الماضي، بخروج محطات النفط والغاز في تربه سبيه وديرك ورميلان ومحطات الكهرباء في أغلب مدن مقاطعة الجزيرة عن الخدمة، وتوقفت محطات ضخ المياه عن العمل.
وكالة هاوار