سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

رقص ما تسمى بالمعارضة على أنغام العثمانيين الجدد.. مؤامرة أخرى ضد السوريين

حسام الدخيل_

كشفت الاحتجاجات في شمال غربي سوريا، سياسة العنصرية الممارسة بحق السوريين، وحالة الخضوع والطاعة، التي تؤديها مرتزقة ما تسمى بالمعارضة، للدولة التركية، فيما يؤكد مجلس سوريا الديمقراطية بأنه ليس للسوري إلا السوري.
قامت في الأول من شهر تموز الجاري، احتجاجات واسعة في مناطق شمال غربي سوريا، التي تديرها دولة الاحتلال التركي، ومرتزقتها من الجيش الوطني، وهيئة تحرير الشام المصنفة على لوائح الإرهاب.
وجاءت هذه الاحتجاجات نتيجة المعاملة العنصرية، التي يتعرض لها اللاجئون السوريون في تركيا، وعلى الأخص في ولاية قيصري، حيث تعرضت ممتلكات السوريين للنهب والتخريب والسرقة من أتراك عنصريين. كما كان فتح معبر أبو الزندين الرابط بين مناطق ما تسمى بالمعارضة في الباب، ومناطق سيطرة حكومة دمشق، أحد الأسباب التي أشعلت هذه الاحتجاجات، بعد تصريحات أردوغان الأخيرة، التي أشار فيها إلى تطبيع العلاقات مع دمشق. وخرجت العشرات أمام المعبر للتعبير عن رفضهم للقيام بالتطبيع مع دمشق، واصفين هذه الخطوة بـ “التطبيع مع النظام”.
ورداً على هذا الاحتجاج، استخدم جيش الاحتلال التركي التعنيف ولغة السلاح ضد المحتجين، ولدى تحرك الملف في الإعلام، عملوا على قطع الانترنت عن المنطقة خوفاً من فضح ممارستهم ضد المحتجين المنتفضين من أجل المصالح السورية.
وواجه جيش الاحتلال المنتشر في شمال غربي سوريا هذه الاحتجاجات بالرصاص الحي، وقام الجيش باستهداف المتظاهرين بشكل مباشر، وإثر هذا الاعتداءات قتل خمسة أشخاص على الأقل، بالإضافة إلى العشرات من الجرحى.
تصريحات منفصلة عن الواقع
وكعادة الأذناب دائماً، خرج مسؤولون مما تعرف بالحكومة السورية المؤقتة، وقادة من مرتزقة ما يسمى بالجيش الوطني، بتبرير الأفعال الإجرامية لدولة الاحتلال التركي، وعمدوا إلى خلق الحجج الواهية لأسيادهم العثمانيين، وإلقاء اللوم على الشعب السوري الأعزل، واتهام المحتجين بأنهم ليسوا سوريين، بل دخلاء يحاولون لإثارة الفتنة بين السوريين والأتراك.
رئيس ما تعرف بالحكومة السورية المؤقتة عبد الرحمن مصطفى قال في تصريحات إعلامية لقناة سي إن إن تورك “إنّ جيش الاحتلال التركي يكافح الإرهاب بسوريا تحت العلم التركي”، مضيفا: “وكما هو العلم التركي مقدس للأمة التركية، فهو مقدس أيضاً لنا”.
وأردف: “لقد قاتل الجندي التركي تحت هذا العلم ضد الإرهابيين في سوريا. العلم التركي عندنا له قيمة علم الثورة نفسها”.
في إشارة منه لما حدث خلال الاحتجاجات، التي انتشرت في شمال غرب سوريا، حيث أظهرت الصور والفيديوهات المنتشرة على مواقع التواصل الافتراضي، قيام متظاهرون سوريون بإنزال الأعلام التركية وتمزيقها نوعاً من التعبير عن غضبهم لما تقوم به دولة الاحتلال التركي من ممارسات بحق اللاجئين السوريين في تركيا، وعن رفضهم لتطبيع العلاقات مع دمشق.
تبرئة المجرم واتهام الضحية
وفي محاولة منه لتبرئة دولة الاحتلال التركي من الجرائم، التي تقوم بها بحق السوريين، ولتخوين السوريين الذين شاركوا في الاحتجاجات، أشار مصطفى لوجود عمل تحريضي، وأنّ الضرر الذي لحق بتركيا لحق بالشعب السوري أيضا.
وقال: “لا يمكن نقل الأحداث في سوريا إلى تركيا أو الأحداث في تركيا إلى سوريا، وسنحاسب على ما حدث في سوريا. والجمهورية التركية تحاسب من انتهك القانون. إذا حولنا الأحداث الفردية إلى أحداث اجتماعية فلن يستفيد من ذلك إلا أعداؤنا”.
كما دعا مصطفى السوريين في تركيا إلى الخضوع للأتراك، والسكوت عن جرائمهم العنصرية بحقهم تحت ذريعة أنهم ضيوف، ويجب عليهم الالتزام بقوانين دولة الاحتلال التركي.
ودافع عن دولة الاحتلال كدولة قانون في تصريحاته مضحياً بالشعب السوري، الذي كان ولازال يعاني العنصرية والممارسات الإجرامية على يد دولة استخدمتهم ورقة ضغط من جهة، ومن جهة أخرى ملأت خزينتها الاقتصادية على حسابهم: “الدولة التركية تعاقب أي شخص لا يلتزم بالقانون ويخلّ بالسلم الاجتماعي، ويتم ترحيله إلى سوريا”.
وتقوم دولة الاحتلال التركي بترحيل مئات اللاجئين السوريين على أراضيها، قسراً، دون أدنى مراعاة لميثاق حقوق الإنسان الذي يمنع ترحيل أي لاجئ قسراً على أساس عرقي أو ديني أو طائفي، وذلك بعد أن كانوا ومازالوا صفقة لها، بالحصول على الأموال المال واحتلال الأراضي، وتغير ديمغرافيتها من خلال التلاعب بقضية اللاجئين السوريين.
 “أعتذر لجميع الشعب التركي” بهذه العبارة اختتم مصطفى حديثه، وأضاف: “على الرغم من أن الأشخاص الذين فعلوا ذلك ليسوا من الشعب السوري، إلا أنني أعتذر عن حدوث شيء كهذا في منطقة مسؤوليتي”.
تزييف الحقائق
أما المرتزق محمد الجاسم أبو عمشة قائد مرتزقة مجموعة السلطان مراد والمعروف محلياً باسم “العمشات”، التابع لمرتزقة ما يسمى بالجيش الوطني، فكان خضوعه لسيده أردوغان يماثل خضوع مصطفى إن لم يكن أكثر منه: “إن احترامنا للعلم التركي نابع من تقدير إخواننا الأتراك لثوابت ثورتنا، ولطالما حمل الرئيس التركي علم ثورتنا في المحافل الرسمية تعبيراً عن تضامنه معنا ومع معاناتنا”.
وأضاف: “من المهم الحفاظ على ثوابت التآخي والترابط التاريخي الذي يجمع سوريا وتركيا على مدى مئات السنين، وألا نترك الفرصة مفتوحة أمام من يسعى لإشعال الفتن والتخريب”.
أما الحكومة السورية المؤقتة ردت ببيان كُتب بلغة عربية ركيكة جداً، اتهم من خلاله المتظاهرين أنهم من مثيري الشغب والفتن، وقدموا من خلاله اعتذارهم لحكومة الاحتلال التركي؛ ما تسبب بإثارة غضب مجموعة من الناشطين والصحفيين السوريين في مناطق شمال غرب سوريا وفي مناطق اللجوء بمختلف بقاع العالم.
وكتب الصحفي السوري عبد العزيز العذاب على صفحته على فيسبوك: “بعيدا عن ركاكة بيان الحكومة المؤقتة لغوياً، واللي واضح تماما أنو عبودي ممليه لحدا بدون ما ينعرض على مدقق لغة عربية”، في إشارة منه لرئيس الحكومة السورية المؤقتة عبد الرحمن مصطفى.
وتابع “البيان رجعني بالذاكرة ٣٠ سنة لورا لما كنت أبعث رسايل للي بدي طبقهن وأعنونهن:
أكتب لكل بالمقلوب ليدوم الحب في القلوب..
الله عليك يا عبد الرحمن وعلى هذيك الأيام”.
وكتب الباحث والصحفي فراس العلاوي على صفحته الشخصية على فيسبوك “سياسيي المعارضة لما بدهم يعطون رأيهم بقصة
بيركب قطار وبيروح على موزامبيق بعدين بيعمل لفة على امريكا الجنوبية
ويناقش مشكلة المناخ
وبعدين بيروح على مكة يعمل عمرة
ويرجع ينتقد السوريين على اي شي
بعدين ليذكر القصة”.
في إشارة منه إلى الحال المزري الذي وصل إليه قادة ما تسمى بالمعارضة السورية أو ممثليهم من السياسيين.
رد متوقع 
أما ردود الفعل التركية كانت كما كان متوقعاً، فقد قال رئيس دولة الاحتلال التركي: إن جيشه متواجد في الشمال السوري لحماية أمنها القومي، وليس لحماية عشرات المجموعات المتطرفة والمرتزقة، التي لم تتحد تحت راية واحدة إلى هذا اليوم. ساعياً إلى تزييف الحقائق بأنه الداعم الأساسي للمرتزقة التي اشتراها الأمس وباعوها اليوم حسب مصالحه.
كما أعلن وزير العدل التركي يلماز تونج عن فتح تحقيق بحوادث حرق العلم التركي في الشمال السوري وتوعد بمحاسبة المعتدين.
وأعلن أتراك في غازي عينات عبر منصات التواصل الافتراضي عن حملات عنصرية جديدة ضد اللاجئين السوريين في غازي عينات وغيرها من الولايات التركية.
ليس للسوري إلا السوري
فيما أصدر مجلس سوريا الديمقراطية “مسد” بياناً عبر عن تأييده لحراك السوريين في شمالي سوريا ضد جيش الاحتلال التركي، وقال: إن أي محاولة للحل في سوريا تتجاوز مصالح الشعب “فاشلة وساقطة سياسياً وأخلاقيا”.
وأضاف: “نحيي صمود وانتفاضة السوريين في كل مكان، ونعد أهدافهم ومطالبهم المحقة بوصلة لنضالنا وعملنا السياسي”.
ودعا المجلس القوى السياسة السورية لتكون على قدر المسؤولية تجاه مصير الشعب والبلد مؤكدين على أن الحوار المسؤول والمنفتح، والحوار الوطني والعاقل هو السبيل لتجاوز المأساة، وفرض رؤية الشعب السوري على الساحة الدولية كمرتكز لأي مشروع يستهدف الحل.
وأكد: “نعيد التأكيد على مقررات مؤتمر مسد الرابع، وشعاره “وحدة السوريين أساس الحل”؛ مؤكدين استعدادنا للحوار وجاهزيتنا للقاء مع الأطراف السورية الوطنية كافة وهذا أولوية قصوى لنا لا بديل عنها”.
واختتم المجلس بيانه: “نقرأ في الأحداث الأخيرة في الشمال السوري، وفي دول اللجوء دليلاً قاطعاً على أن ليس للسوري إلا السوري يشد أزره ويقوي ضعفه، وأن مصيرنا يجب أن يكون من صنع أيدينا وأن قوتنا في وحدتنا، ولأن سوريا لكل السوريين؛ فإننا نرحب بكل سوري يبحث عن الأمان والاستقرار ونرحب بكل قوة سياسة تبحث عن الاستقلال، ونرحب بكل قوة سياسية تبحث عن الاستقلال وكسر قيد التبعية، وندعو السوريين عامة، وقواهم السياسية خاصة إلى مؤتمر وطني جامع يضع أسس الخلاص والتحرر لسوريا”.