سياسية - اجتماعية - ثقافية - عامة، تأسست عام 2011

رغم المعاناة الشهباء تواصل مقاومتها

هيفيدار خالد_

منذ أكثر من عام وأهالي منطقة الشهباء، وحيّا الشيخ مقصود والأشرفية في حلب السورية، يقاومون الحصار الخانق، الذي يفرضه النظام السوري متمثّلاً بما تسمّى الفرقة الرابعة التابعة لماهر الأسد، حيث تمنع عنهم أبسط مقومات الحياة.  الفِرقة، التي باتت معروفة بممارساتها وانتهاكاتها بحق المدنيين وخاصة الكرد، تواصل تضييق الخناق على تلك الأحياء والمناطق، التي تشهد كثافة سكانية كبيرة نتيجة الوضع الأمني غير المستقر في مناطق سيطرتها، قاطعة بتلك الممارسات والانتهاكات أنفاس الأطفال، والنساء وكبار السن على حد سواء، من خلال منع دخول الأدوية والمواد الغذائية الأساسية كمادتي الخبر والمازوت، اللتين تعدان من ضروريات الحياة اليومية؛ ما أدى إلى تدهور الأوضاع المعيشية، والاقتصادية وحتى الاجتماعية هناك.
سياسيات النظام، التي انتهجها ضد هذه المناطق ليست بالجديدة، وإنما هي استمرار في مواصلة الخناق عليها، بهدف كسر إرادتها وصمودها وعزيمتها، التي طالما تحلّت بها أمام عنجهيته وغطرسته، التي ما فتئ يمارسها بحقهم.
 لكن الأنكى من ذلك هو أن هذا الحصار يتزامن مع هجمات مكثفة، ومتواصلة من قبل الاحتلال التركي والمرتزقة التابعة له، على مناطق شمال وشرق سوريا، مستهدفاً من خلالها السكان المدنيين على وجه الخصوص بهدف تخويفهم ودفعهم للنزوح عن مناطقهم، وسط صمت مطبق للمجتمع الدولي، ومنظمات حقوق الإنسان، خاصة وأن سكان هذه المناطق هم من مهجري مدينة عفرين المحتلة، الذين هجروا قسراً من قراهم، وبلداتهم إبان احتلال تركيا والفصائل الإرهابية التابعة لها لمدينتهم، وتوطين سكان آخرين مكانهم.
وعلى الرغم من هذه الممارسات غير الأخلاقية، والمنافية لمعاير حقوق الإنسان، نجد أهالي الشهباء مقاومين صامدين أمام كل ما يتعرضون له هناك، وبالتزامن مع برودة الشتاء وقساوته يتحملون نقص المواد الغذائية، وموارد التدفئة وحتى المتطلبات الصحية، التي تكاد معدومة بتعمد من عرابي الحصار أنفسهم، مع علمهم بأن السكان هناك هم بأمس الحاجة إليها في هذه الأوقات.
 من منا لم يسمع بحادثة وفاة الطفل الصغير وسام قبل أيام في حي الشيخ مقصود بحلب، نتيجة البرد القارس وعدم توفر وسائل التدفئة، ومع ذلك فالمجتمع المدني يغط بسبات عميق لا يكاد يفيق أبدا، ولم نشهد أي رد فعل مما تسمى منظمات حقوق الإنسان والطفولة، والتي تزعم أنها تحمي حقوق الأطفال بين الفنية والأخرى، ولا حتى بيان تنديد أو استنكار لما حصل أو ما قد يحصل من حوادث مشابهة.
لم يستسلم أهالي عفرين القاطنون في مخيمات النزوح بمنطقة الشهباء، التي تفتقد لأبسط مقومات الحياة، وسكان حيي الشيخ مقصود والأشرفية حتى الآن، فهم يواجهون حصارهم بطرقٍ وأساليبَ ابتكروها حسب الإمكانات المتاحة عندهم، في محاولة منهم لخلق حياة تناسب ظروفهم، مؤكدين أن سياسات النظام السوري الحاكم، هذه لن تثنيهم عن أهدافهم في الحياة، التي يرغبونها.
ومع ذلك الإصرار والثبات، والصمود فإنه إذا ما استمرت الأوضاع بهذا الوضع المأساوي لربما نشهد كارثة إنسانية هناك، لأن الظروف، التي يمر بها السكان قاسية وغير عادية، لا سيما وأنها تفتح المجال لانتشار الأمراض الخطرة والمزمنة في ظل قلة الإمكانات والمعدات الصحية الأساسية، وحتى الإسعافات الأولية خاصة، وأن هناك الكثير من الأطفال والنساء، الذين هم بأمس الحاجة للمساعدة والتدخل العاجل… لذا يتطلب من الجهات المعنية التحرك سريعاً والوقوف إلى جانب الشعب هناك، ودعم مقاومته للسياسات الحكومية التي تطبّق بحقه، إيفاءً منها بواجبها الإنساني على أقل تقدير.